أراء وتحاليلاقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

التوتر السعودي- الإيراني: هل هناك جدوى من اجتماع أوبك؟

د. بغداد مندوش، خبير دولي في الطاقة

يواصل سعر النفط الانهيار بشكل حاد على حساب اقتصاديات الدول المنتجة للنفط والغاز وخاصة الدول أعضاء أوبك التي تعاني من ارتباط خطير لاقتصادياتها بعوائد صادرات الريع النفطي بالعملات الصعبة.

الأسعار التي نزلت إلى اقل من 30 دولار في الأيام الأخيرة، تأكد أن توقعات بنك غولد مان سكس، الأمريكي بشأن نزول الأسعار إلى 20 دولار خلال العام 2016 ليس مجرد تخمين عابر.

ماذا يحصل حاليا في العالم؟

الاقتصاد العالمي لم يتمكن بعد من تخطي مخلفات أزمة الرهن العقاري التي عصفت به عام 2008. وخاصة الاقتصاديات الرئيسية، الولايات المتحدة والصين وأوروبا.

كما أن معدل النمو الصيني الذي أصبح يمثل قاطرة النمو العالمي، بات يسجل تراجعا متواصلا منذ 2014، كما أن التوقعات الأكثر تفاؤلا للعام 2016 تقول أنه لن يتعدى 6 % ما يؤشر إلى تراجع حاد في الطلب الصيني على النفط والغاز.

بالنسبة للولايات المتحدة وبفضل إنتاجها من الزيات والغاز الصخري، تمكنت من الشروع في تصدير كميات من الغاز المميع والنفط، وهي التي كانت دولة مستوردة قبل فترة قصيرة وخاصة الغاز الجزائري.

العراق دولة عانت طويلا من الحصار والحرب الأمريكية، تمكنت أخيرا من رفع صادراتها إلى 3 مليون برميل يوميا وبالأساس من نفط البصرة في الجنوب، وسترفع مجدد الكمية القابلة للتصدير إلى 4 ملايين برميل يوميا في 2016.

بالنسبة للسعودية فهي مصرة على الضخ بأقصى طاقتها عند 12 مليون برميل بعدما قررت رفع الإنتاج واقع 500 ألف برميل يوميا، قبل قرار رفع العقوبات الغربية على إيران التي تمكنت بفضل اتفاقها النووي، من التوصل بنجاح ليلة السبت 16 جانفي لرفع العقوبات الدولية عليها، وهي ما يمكنها من رفع إنتاجها خلال سداسيين 2 فقط إلى أزيد من 3.5 مليون برميل يوميا لتذراك التأخر الذي سجلته خلال فترة العقوبات الغربية التي فرضت عليها.

هذه المعطيات مجتمعة جعلت من إنتاج منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط أوبك يقفز إلى 33 مليون برميل يوميا وهو مستوى أعلى من السقف الأقصى بــ500 ألف برميل، وعليه فإن حالة السوق النفطية حاليا تتسم بتخمة قياسية لم تشهدها منذ عقود بفائض يقدر بـ3 ملايين برميل من النفط الخام (الإنتاج العالمي الإجمالي من داخل وخارج أوبك) ما جعل الاقتصاد العالمي عاجز عن استيعاب هذا الفائض الكبير جدا من جراد ضعف النمو العالمي، ما جعل الأسعار تنهار بفعل عوامل هيكلية مرتبطة بقاعدة العرض والطلب.

بالنظر إلى مجمل المعطيات التي سبق ذكرها، يصبح اجتماع أوبك المرتقب في مارس القادم، عديم الجدوى ولن يقدم أي حلول موضوعية لازمة انهيار الأسعار المتواصلة، لا يمكن لهذا الاجتماع قلب الوضعية الحالية سبب تعنت السعودية التي تمارس إستراتجية تهدف من خلالها للحفاظ على حصتها السوقية بأي ثمن من خلال إنهاك شركات النفط والغاز الصخري الامريكية وحملها على غلق المزيد من منصات الإنتاج.

حالة الاسعار الراهنة حملت المنتجين في الولايات المتحدة الأمريكية من الزيت والغاز الصخري على غلق الكثير من منصات الإنتاج بسبب المردودية (أقل من 40 دولار تصبح العديد من آبار النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة غير قادرة على الإنتاج بدون دعم من الدولة)، هذا من جهة.

من ناحية ثانية، ترمي السعودية من خلال سياسيتها الحالية إلى إلحاق اكبر أدى ممكن بروسيا وإيران لأسباب جيوستراتيجية (الحرب في سوريا واليمن، والهيمنة على المنطقة).

وبالنتيجة، فإن صناعة النفط والغاز العالمية قلصت 200 ألف وظيفة منذ بداية 2015 وألغت مئات مشاريع الطاقة حول العالم في مجال الاستكشاف وتطوير الحقول.

وبأخذ كل هذه العوامل الهيكلية في الحسبان، فإنه لا يوجد ما يمكن انتظاره من الاجتماع القادم لأوبك.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى