الجزائر

الجفاف يدفع عشرات الموالين للهجرة نحو مراعي تندوف

مخيمات اللاجئين الصحراويين: مبعوث الجزائر اليوم، عباس ميموني.

دفع شح تساقط الأمطار العام الجاري، عشرات الموالين من الولايات الشمالية للوطن، إلى الهجرة لحدود الصحراء الغربية، لرعي ماشيتهم وإنقاذها من أزمة أعلاف قاسية، وقالوا لـ”الجزائر اليوم”: “قطعنا آلاف الكيلومترات لتحصيل لقمة العيش”.

كان صوت المطارق، وصراخ القائمين على التحضيرات، يعم أرجاء الساحة الرئيسية المحاذية لولاية مخيم السمارة للاجئين الصحراويين، “إنها الساعات الأخيرة، قبل وصول بان كيمون وعلينا تسريع وتيرة العمل” يقول أحد قيادي جبهة البوليساريو.

في ذات الموقع، بدا واضحا أن عدد المنهمكين في العمل، أكثر بكثير من الفضوليين، وليس من المبالغة القول بأن الصفة الأخيرة، تنطبق على الوفد الصحافي الذي كان حاضرا يتابع تفاصيل الزيارة المرتقبة من آولها لآخرها.

هذا الفضول، دفعنا للتقرب، من شخصين كانا يقفان أمام شاحنتين لنقل البضائع، واحدة بترقيم 08 ( ولاية بشار) والأخرى بترقيم 22  (ولاية سيدي بلعباس).

البيئة الصحراوية، أثرت سريعا على محياهما، فالشعر الأشعث واللون المائل للسمرة، جعل من الصعوبة التوقع أن يكون “محمد”، من سيدي بلعباس والضبط من بلدية سيدي علي بوسيدي.

افتتح محمد حديثه قائلا ” نحن أيضا جزائريون، وقطعنا تقريبا 2000 كلم حتى وصلنا إلى هنا.

وأوضح المتحدث، بشأن السبب الكامن وراء كل هذه المشقة ” جئنا لرعي مواشينا، لأن الربيع موجود هنا”.

ويقصد بوجود الربيع، توفر المساحات الخضراء، التي توفر الغذاء الكافي واللازم للأغنام في هذا الفصل في أقصى الجنوب الغربي للجزائر الذي يتناسب والتساقطات التي سرعت من نمو الأعلاف.

 

رحلة البحث والاستكشاف

أكد محمد، أن سيدي بلعباس، عرفت نسبة ضعيفة جدا، لتساقط الأمطار، وقال ” هذا العام لا وجود للمطر منذ فصل الخريف والى غاية جانفي، هو موسم جفاف خطير”.

وأفاد المتحدث بأنه وجد نفسه، في ورطة حقيقة، ويتجه نحو تكبد خسارة غير مسبوقة في المال والجهد، مشيرا ” الأرض أصبحت قاحلة ولم يعد هناك مصادر كافية تصلح كغذاء لمئات رؤوس الأغنام”.

وأثرت قلة التساقطات المطرية خلال الاشهر الاخيرة على نمو الاعلاف في المراعي الرئيسية في مناطق الهضاب العليا الوسطى والغربية بدرجة أخطر مقارنة مع مناطق شرق البلاد.

ودفع الجفاف المربيين إلى الهجرة جنوبا بحثا عن مناطق رعي أفضل للحد من الخسائر الناجمة عن ارتفاع اسعار الاعلاف.

كلام محمد، نابع من الواقع وينطبق على آلاف المربين الذين يمتهنون الرعي، ويوفرون الأضاحي واللحوم للجزائريين، فالموسم الجاري، يعتبر الأسوأ في السنوات الأخيرة، لدرجة أن السلطات الحكومية فكرت بشكل جدي في إعلان حالة الجفاف، خلال الأيام القليلة الماضية.

الأزمة الخانقة دفعت أصحاب الحرفة، إلى المسارعة، للقيام بجولات استقصاء وبحث عن المساحات المناسبة، ولعل أول ما يتبادر في ذهن خبير في المهنة، هو أن الفيضانات سجلت حضورا قويا شهر أكتوبر الماضي بالمناطق الحدودية مع الصحراء الغربية، وألحقت أضرارا بالغة باللاجئين الصحراويين، وعليه فإن المراعي ستكون حاضرة.

 

التصريح بالدخول من القطاع العملياتي

وقال محمد، ” جئنا في البداية إلى تندوف، على وقع أخبار الربيع في المناطق الحدودية، التي انتقلت بسرعة، بين الموالين”، ليضيف، ” طلبنا تصريحا بالدخول من قبل السلطات الأمنية، وتنقلنا إلى أقصى غرب تندوف، حيث وجدنا أن الحشائش يزيد ارتفاعها عن 15 و20 سنتمر”.

وأوضح، بأن غالبية مربي المواشي، يملكون بطاقة فلاح، وتوجهوا إلى مديرية الفلاحة لولاية تندوف، ” التي منحتنا وثيقة حصلنا بموجبها بتصريح الدخول والرعي من قيادة القطاع العملياتي”.

للتذكير، فإن السلطات الأمنية والعسكرية، بتندوف تفرض تصريحا بالدخول، إلى المناطق الغربية للولاية، التي يتواجد بها أزيد من 130 ألف لاجئ من جمهورية الصحراء الغربية.

 

100 مربي ومؤشرات عن غلاء الأضاحي

حسب محمد ومرافقه من ولاية بشار، فإنهم يتواجدون في البرية منذ أزيد من شهر، ويعيشون حياة البدو الرحل، ويؤكدان أنهما اعتادا على الأمر” وتكمن الصعوبة الوحيدة في درجة الحرارة التي تكون منخفضة جدا ليلا”.

وأوضحا، أن غالبية الموالين المتواجدين في المنطقة، ينحدرون من الجلفة، البيض، النعامة وبشار، ويزيد عددهم عن الـ100.

وقال محدثنا ” لقد تعبنا للغاية، بعدما قطعنا 2000 كلم تقريبا، ناهيك عن غلاء نقل المواشي حيث تناهز الشحنة الواحدة 50 ألف دينار، ” ولكم أن تتخيلوا تكلفة النقل لمن يملك 1500 رأس فما فوق”.

ويؤكد المتحدث، أن هذه العوامل، مؤشرات على أن أسعار الأضاحي لهذا العام، ستكون مرتفعة جدا، ويعتبر الأمر طبيعي بالنظر إلى حجم التعب والمشقة وغلاء الأعلاف وقلتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى