الجزائر

تعديل حكومي: منتدى رؤساء المؤسسات يريد بوشوارب وزيرا أول

عبد الوهاب بوكروح

إن صحت الأخبار المتداولة بين مقربين من محيط المرادية والشراقة وإقامة زرالدة، فإن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن ينتظر إلى ما بعد تعديل الدستور المتوقع تاريخه مع بداية العام الداخل، لتعيين حكومة جديدة أو إجراء “لفتينغ” على  الطاقم الحالي على الأقل. إلى هنا الأمر عادي جدا، ولكن غير العادي هو الضغوط القوية التي يمارسها منتدى رؤساء المؤسسات لتعيين وزرائه ضمن الطاقم الجديد، ولما لا، الدفع بوزير الصناعة والمناجم إلى رئاسة الحكومة أو بالأحرى الوزارة الأولى بعد تحييد الوزير الأول الحالي عبد المالك سلال.

المال عصب الحرب، وبعض العارفين بما يدور في الحديقة الخلفية للنظام يقولون أن فيلا بن حدادي بالشراقة أصبحت لها كلمتها في تعيين من يشرف على إدارة الحقائب التي تدر لبنا وافرا، على غرار وزارت الموارد المائية والطاقة والمناجم والأشغال العمومية والنقل وبدرجات أقل الصحة والتعليم العالي، فضلا عن حقيبة المالية التي ترسم سنويا شروط اللعبة من خلال “بنود محددة” في قوانين المالية “لا يفقه كنهها إلا الراسخون في علم توزيع الريع”.

إذن هي “الحرب”، ولكنها حرب تنصيب الأصدقاء لضمان استمرار المغانم وليس للعمل جماعيا على مواجهة التحديات الاقتصادية التي ستواجه البلاد من جراء فقدانها لـ50% من مداخيل النفط في ظرف عام واحد من جراء الحرب السعودية غير المعلنة على بعض الأعضاء داخل وخارج أوبك للتأثير على مواقفهم في ملفات بعينها، ومن هذه الدول الجزائر وروسيا وإيران وفنزويلا.

بعض الوزراء سيغادرون لبيوتهم طبعا وهذه سنة الله في خلقه، ولكن البعض الآخر سيشاركون مجددا في لعبة التدوير المعهودة، أما الأهم على الإطلاق فهو ضمان آليات الفوز بالحقائب الاقتصادية المشار إليها، فالجزائر وإن كان ضرع البقرة يتجه نحو الجفاف في المستقبل المنظور على الأقل، فإن الحكومة لن تتوقف عن إقامة مشروعات الطاقة وتحويل مياه السدود وبناء الطرق والمنشآت الصحية والتعليمية كما إنها لن تتوقف غدا عن توفير الإقامة والنقل لمليون ونصف طالب في الجامعة، ولا عن سياسة التحويلات الاجتماعية التي يستفيد منها الأغنياء عبر “تفاهمات” تكتب خلال نسج قوانين المالية.

بعض المتفائلين وأصحاب القلوب الطيبة، لا يستبعدون دخول كفاءات جيدة إلى الحكومة القادمة في محاولة لإنقاذ ما يمكن من خلال وضع تصورات سليمة للتعامل مع الأزمة التي إن طالت لأزيد من 2017 فإنها ستكون أكثر خطورة من نظيراتها للعام 1986، وهي التي لم نخرم من أثارها المدمرة إلى اليوم.

بقي أن نقول أن التغيرات التي حصلت على مستوى الجهاز الأمني مؤخرا سيكون لها الأثر الكبير في التعيينات القادمة في الحكومة، فذهاب القيادة السابقة للجهاز أغلق باب “التفاهمات” الذي كان سائدا بخصوص تعيين بعض الأسماء وإسداء بعض الحقائب خلال تعديل أو تعيين جديد.

فاليوم والعهدة على عمار سعداني وأحمد أويحي، أن المقرر الوحيد هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولا يوجد غيره، وعليه فإن حجم المسؤولية أكثر ثقلا بالنسبة للرئيس فإن أصاب فبها ونعمت وهو المطلوب، وإن أخفق لا قدر الله في اختيار الرجال والسياسات والحلول، فإنه لا مجال لإلقاء اللائمة على أي كان في مكان آخر.

القاطن الجديد لفيلا بن حدادي بالشراقة واحد من الذين يسعون في السر والعلن لتعيين مقربين منه على رأس القطاعات التي تعنيه وليس اقلها أهمية الأشغال العمومية والنقل والموارد المائية.

السبب أن موازنة هذه القطاعات للخماسي القادم لا تقل عن 100 مليار دولار مجتمعة ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستمرار في الفوز بالصفقات بالوتيرة السابقة في حال زيادة وتيرة الشفافية والمساءلة.

وتكفي نظرة بسيطة لوجهة المسؤولين السابقين في قطاع الموارد المائية والنقل والأشغال العمومية وأين يتم توظيفهم بعد التقاعد لفهم المعادلة جيدا.

القانون الجزائري لا يجرم العمل بعد التقاعد ولكنه “يجرم على الورق على الأقل” حصول إطار متقاعد على مكافئة من شركات بعينها في مقابل خدمات أسديت خلال الخدمة قبل التقاعد، فماذا سيكون عليه الحال في حال تم فتح تحقيق شفاف في تسيير صفقات النقل والأشغال العمومية والموارد المائية خلال العشرية الأخيرة؟

هل ستكون التضحية بالوزير الأول الحالي عبد المالك سلال ضرورية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الخفية والمعلنة لأصحاب رؤوس الأموال من خلال التعديل الحكومي القادم؟ أم أن الرئيس بوتفليقة المعروف عليه أنه لا ينكر جميل الرجال أبدا، لن يسمح بالتضحية بسلال الذي أصبح يمثل اليوم عقبة أمام الطموح غير المحدود لوزير الصناعة والمناجم جراح الأسنان ورجل الأعمال عبد السلام بوشوراب الذي يجتهد لينهي مسار خدمته في الجزائر وزيرا أول.

سلال عبد المالك الوزير الأول الحالي غير معروف عنه أبدا قربه من الدوائر الفرنسية سواء في باريس وحتى التقرب من بعض المصالح الفرنسية بالجزائر، على عكس عبد السلام بوشوارب الذي لا يخفي أبدا علاقته الجيدة جدا بقصر الايليزي الذي استقبل فيه من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم 26 اكتوبر، وبشبكة المصالح الفرنسية بالجزائر، كما أنه لم يحاول إخفاء ملكيته للعديد من العقارات بالعاصمة الفرنسية باريس واستثمارات في الجزائر في قطاع الصناعات الغذائية وتصنيع “الشيبس” بالعاصمة الجزائر، ما يجعله الأقرب “عاطفيا” إلى لوبيات المال وقطاع الأعمال، وإن كانت في النهاية مغامرة غير مضمونة العواقب بالنظر إلى عقلية النظام الجزائري في التعامل مع الثروة وأصحابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى