مبتول: الجزائر مهددة بالإفلاس في غضون 2019!
نسرين لعراش
حذر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، من العواقب الخطيرة التي ستنجر عن تأخير تنفيذ إصلاحات هيكلية سريعة وشجاعة تكون مصحوبة حتما بوقف خلق الوظائف الوهمية ووقف نظام الدعم الشامل.
وقال مبتول في مداخلة مكتوبة وصلت “الجزائر اليوم”، إن الجزائر لن تكون قادرة على ضمان مستوى ورادات سلع وخدمات بالشكل الذي كان مسموحا به قبل 2014.
وأضاف مبتول، أن واردات البلاد في عام 2014 بلغت 58.58 مليار دولار من السلع مقابل 11.5 مليار دولار من الخدمات، بحسب أرقام البنك المركزي، وهو مستوى يجب أن يضاف له تحويلات اربح الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر المقدرة بـ4-5 مليار دولار سنويا، مما يجعل مستوى التحويلات الصافية نحو الخارج بالعملة الصعبة في حدود 70 مليار دولار، في 2014 مقابل 60 مليار دولار عام 2015 وبمستوى اقل قليلا في 2016.
وأستطرد مبتول، أن مستوى المداخيل الحالي لا يسمح للجزائر بالاستمرار في ضمان نفس مستوى الرجاء الذي تمتع به الشعب الجزائري خلال الـ15 عاما الأخيرة، مشيرا إلى ضرورة أخد تحذيرات تقرير البنك العالمي الأخيرة على محمل الجد والتي أشارت إلى أن احتياطات الجزائر الخارجية ستنزل إلى 60 مليار دولار نهاية 2018.
وتوقعت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية في مقال لها نشر في 08 أوت الجاري، أنه وبمستوى الإنفاق السنوي الحالي، فإن الجزائر ستكون على موعد مع الإفلاس في غضون 5 سنوات، وهي التحذيرات التي أكدها صندوق النقد الدولي في 9 أوت الجاري، مشيرا إلى ضرورة انتهاج إصلاحات هيكلية لضمان نمو مستدام، ووقف الاعتماد على عائدات نفطية لا تملك الجزائر التحكم في أساسياتها.
ونصح صندوق النقد الدولي الحكومة الجزائرية بأن لا تتوقع عودة مستويات أسعار النفط إلى أزيد من 70 دولارا قبل 2020.
أصل المصائب الاعتماد على الريع
وأستطرد الخبير الاقتصادي، أن أصل مصائب الجزائر كلها، هو الاعتماد على الريع النفطي وتعميم الوظائف غير المنتجة وخاصة في القطاع الإدراي، والاستمرار في تطبيق نموذج لتوزيع الدعم الشامل على الجميع وتحويلات اجتماعية لا تستهدف الفئات المحتاجة فعلا، مما أنهك الخزينة العمومية وزاد من حدة تبذير الثروات.
وأستهجن مبتول، تضييع الحكومة لفرصة الإصلاحات الحقيقية منذ جويلية 2014 وتصديق بعض الأصوات التي تقول أن أسعار النفط ستعود قريبا إلى 80/90 دولار مما يتيح للحكومة الاستمرار في سياسة رشوة المجتمع وتأجيل الانفجار مرة أخرى.
وقال المتحدث، إن الجزائر تجنبت فنزويلا التي توشك على الإفلاس بفضل الدفع المسبق لديونها الخارجية، والاحتياطات الدولية التي مكنتها من المقاومة لـ3 سنوات بوتيرة الإنفاق الحالية، وسمحت أيضا بعدم انهيار الإنتاج الوطني ومنعت بلوغ التضخم مستويات بالعشرات، وخاصة في ظل ضعف معدلات الاندماج الوطني، وهي الوضعية التي زادت حدتها منذ 2009 بفعل سياسات غير مدروسة.
ونبه مبتول، من مخاطر اللعبة التي أقدمت عليها الحكومة والمتمثلة في تخفيض قيمة الدينار مقابل العملات الرئيسية للحد من عجز الموازنة، مشيرا إلى أن الزيادة الاصطناعية للجباية البترولية ستكون خطيرة العواقب بدون إصلاحات هيكلية وخاصة في ظل التوقعات الخاصة بأسعار النفط والغاز في السنوات الثلاث القادمة والتي لن تتجاوز في المتوسط 50 دولارا مما يدفع بالسعر الرسمي للانهيار أكثر نحو مستويات في حدود 150/160 دج للدولار في عام 2018، وفي حدود 200 دج للدولار في السوق الموازية.
ولمواجهة هذه الوضعية القاتمة، قراءة جدية من الحكومة الجزائرية للتقرير الأخير لصندوق النقد الدولي الصادر الأسبوع الفارط، والذي يطالب بإصلاحات هيكلية وشجاعة في اتجاه تنويع الاقتصاد وتحرير المبادرة الخاصة وعقلنة الإنفاق العام وتخصيص الدعم للفئات المحتاجة فعلا، وخاصة أن الجزائر لا يمكنها خلال الفترة 2017/2020 بالاستمرار في مستوى إنفاق في حدود 110/120 دولار سنويا، وهو المستوى الذي كانت عليه البلاد في 2012 و2013 أو حتى 85/90 دولار في 2016 بحسب صندوق النقد.
عجز في حدود 30 مليار دولار
توقع مبتول أن يبلغ العجز في ميزان المدفوعات في العام الجاري 30 مليار دولار مع متوسط أسعار نفط في حدود 45/50 دولارا للبرميل، وهو ما يتطلب تحركا سريعا من القائمين على السياسات الحكومية لوضع حد للتضارب في الرؤى الحاصل داخل الحكومة لجهة تطبيق نموذج حكامة بمعايير دولية تسمح بتجاوز الصدمة بأخف الأضرار بالاستفادة من تجارب العديد من الدول الناشئة، وعدم الاكتفاء بسياسات ترقيع مرحلية أو ظرفية في صورة تغيير جزئي للحكومة أو رؤساء بعض الشركات الكبرى بدون وضع تصور إستراتيجية شاكلة للخروج من الأزمة وفك الارتباط بالريع.
وخلص مبتول، إلى أن المسألة أكبر من تغيير بعض القوانين ومنها قانون الاستثمار(كم من قانون استثمار منذ الاستقلال) أو تصديق وهم أن الصناعة المنجمية ستكون مفتاح التنمية في زمن الثورة الرقمية، مضيفا أن على الحكومة التحلي بالشجاعة لمواجهة إصلاحات هيكلية شاملة وعميقة من أجل بناء اقتصاد منتج حقيقي يتوافق والمعايير الدولية.