أراء وتحاليل

هذه خلفيات التدخل العسكري في ليبيا

الدكتور خضري حمـــــزة*

تواصل الدول الغربية و في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و إيطاليا مخططاتها للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، فبعدما ساهمت في التحضير و التنفيذ  لمشروع الخراب العربي في تونس و مصر و سوريا و اليمن، و دمرت العراق عن طريق التدخل العسكري تحت مسمى التدخل الإنساني ( في ضوء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة )  ها هي اليوم تدق طبول الحرب في ليبيا في حلقة جديدة من مسلسل تقسيم المقسم و تجزئة المجزء، التدخل الذي ينطلق من خلفيات تاريخية و أخرى اقتصادية، أما عن الخلفيات التاريخية فتتمثل في العقدة التاريخية لعرابي التدخل العسكري من الشعب الليبي، حيث مازالت إيطاليا  تعيش على الهزائم التاريخية التي تعرضت لها في ليبيا  خلال الفترة الاستعمارية، و الحال نفسه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي لم تبدأ أزمتها مع ليبيا ببداية حكم العقيد معمر القذافي رحمه الله فحسب، بل ترجع إلى حرب السنوات الأربعة بين الأسطول الليبي و الأسطول الأمريكي في شواطئ البحر الأبيض المتوسط في الفترة الممتدة  بين سنوات (( 1801 – 1804 )) أين تلقى الأمريكان هزيمة كبيرة على السواحل الليبية بعد رفضهم دفع ضرائب المرور في المياه الليبية، حيث مازالت هذه الهزيمة مسجلة في نشيد البحرية الأمريكية إلى يومنا هذا، أما عن الخلفيات الإقتصادية التي تسعى الدول التي تتأهب للتدخل العسكري في ليبيا لتحقيقها فتتمثل في السيطرة على 74 مليار برميل من النفط الليبي الذي يعتبر من أجود أنواع النفط في العالم كونه لا يحتوي على الشمع لذلك يوصف بالنفط الحلو، كما ترمي إلى الاستحواذ على 177 تريليون قدم مكعب من الغاز زيادة على السيطرة على  02 مليون كلم مربع من الأراضي المشمسة سنويا لاستغلالها في الطاقة البديلة لاسيما الطاقة الشمسية، و على المستوى الاستراتيجي تسعى الدول الاستعمارية التقليدية إلى قطع الطريق أمام القوى الاقتصادية الجديدة في أسيا كي لا تتمكن من النفوذ لهذه المناطق و استغلال إمكانياتها و أسواقها لمنافستها اقتصاديا.

ويعتبر موقف الجزائر من أكثر المواقف اعتدالا في المنطقة، إذ تنادي بالحلول السلمية و ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، و هي طبقا لهذا المبدأ تقف على نفس المسافة مع كل الأطراف المتنازعة، باستثناء تلك المصنفة في لوائح الأمم المتحدة بأنها جماعات إرهابية.

و مهما يكن فإن التدخل العسكري في ليبيا يشكل جملة من المخاطر على الجزائر نتيجة تدهور الوضع الأمني الذي يؤدي حتما إلى ازدهار حركة الأسلحة الخفيفة المتوسطة و الثقيلة على الحدود الجزائرية التي تمتد على أكثر من 600 كلم، زيادة على تزايد حجم و مستوى تجارة المخذرات التي تعتبر من أهم مصادر تمويل الجماعات الإرهابية عبر محور الرباط مالي النيجر السينغال، هذا فضلا على الحملة الكبيرة للاجئين على الجزائر التي من المتوقع حدوثها من الأراضي الليبية و التي تشكل عبئا على الاقتصاد الجزائري من جهة و تهديدا للأمن بسبب إمكانية تسلل بعض الجماعات الإرهابية إلى العمق الجزائري في وسط اللاجئين من جهة أخرى لذلك بات من الضروري على جميع فواعل المجتمع في الجزائر الانتباه إلى المخاطر المحيطة بنا في كل اتجاه و التحلي باليقظة من أجل المحافظة على الأمن و الاستقرار باعتبارهما من المكتسبات التاريخية للدولة الجزائر، كما أن التوافق السياسي و الوحدة الوطنية و تقوية الجبهة الداخلية عوامل من شأنها درء المخاطر على البلاد .

 

(*)أستاذ محاضر بجامـــــعة المسيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى