الجزائر

وثيقة: التقرير الظرفي للسداسي الأول للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي يكشف تدهور مؤشرات الاقتصاد الجزائري

عبد الوهاب بوكروح

نشر المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي التقرير الظرفي الخاص بالسداسي الأول للعام 2015، وكشف المسح الشامل للوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد عن مؤشرات غاية في الصعوبة من جراء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية وحذر التقرير من عودة البطالة في الجزائر إلى منحاها التصاعدي فضلا عن تهديد الضغوط التضخمية والعجز الخطير الذي يعانيه صندوق التقاعد في حال عدم التكفل الجدي بوضعية الصندوق من خلال إصلاحات جوهرية.

وأضاف التقرير الذي صدر في 98 صفحة وتحوز “الجزائر اليوم” نسخة منه، أن الظرفية الاقتصادية والاجتماعية خلال السداسي الأول من 2015 تميزت باستمرار تهاوي أسعار النفط ما أدى تضرر جميع المؤشرات الأساسية للاقتصاد الوطني رغم محاولات المقاومة خلال السداسي الثاني من 2014.

وأضاف التقرير أن تراجع أسعار النفط تسبب في انخفاض حاد في موارد الميزانية وفي احتياطات البلاد من النقد الأجنبي وهو ما يبين هشاشة الاقتصاد الوطني تجاه الصدمات الخارجية ما يستدعي إجراء تغيرات هيكلية في نموذج النمو المنتهج منذ عقود لصالح تنويع الاقتصاد الجزائري.

وذهب خبراء المجلس إلى التأكيد على ضرورة الذهاب إلى الأسواق المالية الدولية ومن مؤسسات دولية ومن شركاء دوليين للحصول على قروض بفوائد جد ميسرة على اعتبار أن احتياطات الصرف الحالية المقدرة بـ160 مليار دولار في جوان 2015 توفر مجال مناورة جيد.

وأشار التقرير إلى التحديات التي تواجه البلاد من جراء توسع عجز ميزان الوضعية الخارجية حيث بلغ عجز ميزان المدفوعات 13 مليار دولار، وحساب رأس المال والرصيد الإجمالي بـ- 1.22 مليار دولار و- 14.4 مليار دولار على التوالي.

وسجل الميزان التجاري خلال السداسي الأول عجزا بـ7.78 مليار دولار مقابل فائض بـ3.17 مليار دولار في نفس الفترة من 2014.

وتراجع مستوى تغطية الصادرات للواردات من 110 % نهاية السداسي الأول 2014 إلى 71% فقط خلال نفس الفترة من 2015.

وكشف تقرير المجلس أن صصندوق النقد الدولي يتوقع عجز في الميزان التجاري قدره 16 مليار دولار بنهاية العام 2015، وعجز ميزان المدفوعات قد يصل إلى 30 مليار دولار بحسب الصندوق الذي يتوقع زيادة كبيرة في الخدمات وتحويلات أرباح الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر.

 

انهيار احتياطات الصرف ومستوى صندوق ضبط الموارد

كشف التقرير الظرفي أن احتياطات الصرف بلغت أدنى مستوياتها منذ 2010 عند 160 مليار دولار نهاية جوان 2015 مقابل 178.9 مليار دولار نهاية 2014، ويمكن أن تنزل عن مستوى 140 مليار دولار نهاية العالم الجاري.

وتراجعت صادرات المحروقات خلال السداسي الأول حسب المجلس بمعدل 43.71% مقارنة مع نفس الفترة من العام 2014. وبلغت 18.09 مليار دولار مقابل 32.14 مليار دولار بسبب تراجع أسعار النفط بما يعال 47% في الأسواق العالمية وتراجع الكميات المصدرة بـ-4.59% .

واستمر الضعف الهيكلي في مجال الصادرات خارج المحروقات وسجل صادرات بـ1.19 مليار دولار ما يعادل 6.18 % من إجمالي الصادرات وبزيادة قدرها 7.78%.

وكشف التقرير أن السلطات العمومية وضعت نظام حصص لاستيراد المواد الأساسية على غرار السيارات والاسمنت والحديد والصلب لحد من تفاقم فاتورة الواردات.

وتوقع تقرير المجلس أن تبلغ صادرات البلاد النفطية نهاية العام 30 مليار دولار مقابل واردات عند 55 مليار دولار مات يدفع احتياطات الصرف نحو الأسفل بأكثر من 20 مليار دولار.

وأوضح المجلس في تقريره الظرفي للسداسي الأول أن هذه الوضعية أثرت سلبا على الجباية النفطية التي خسرت 33% من مستوياتها السابقة، كما أن صندوق ضبط الموارد لم يستفد من أي ارتفاع جديد منذ جوان 2015 بل بالعكس سجل اقتطاع مبلغ 967 مليار دج عند هذا التاريخ وإتجاه نحو زيادة استدانة الدولة الذي بلغ 844 مليار دج نهاية جوان 2015 وهو ما يؤشر إلى نزول صندوق ضبط الموارد إلى أدنى مستوياته آو جفافه غير مستبعدة بحسب التقرير.

وأشار التقرير الظرفي للسداسي الأول أن الحفاظ على مستوى الإنفاق المحدد في قانون المالية 2015 سيخلف عجز موازنة في حدود 4173 مليار دج ما يعادل 22% من الناتج الداخلي الخام.

وفي مجال تمويل الاقتصاد أوضح التقرير إلى تسجيل نمو بـ22.7% نهاية جوان 2015 مقارنة مع نفس الفترة 2014 بفضل تحسن القروض للقطاع الخاص (14.4%) والقطاع العام الذي سجل زيادة ـ31% مع زيادة طفيفة في القروض للأسر(8%).

 

وضعية خارجية تتميز بالهشاشة الهيكلية

رغم الوضعية الخارجية الصعبة هيكليا لم تعرف الواردات نسبة تراجع حادة على تراجع موارد الصادرات بحوالي 39% خلال السداسي الأول 2015 مقارنة مع جوان 2014 يقول التقرير الذي كشف أن الواردات بلغت 20.92 مليار دولار بنهاية جوان 2015 مقابل 34.33 مليار دولار نهاية جوان 2014 رغم شدة تراجع مداخيل النفط التي بلغت 43.06% .

وبلغ العجز الخارجي في مجال السلع 8.2 مليار دولار مقابل فائض 203 مليار دولار في نفس الفترة عام 2014.

001

ويشير التقرير الظرفي إلى أن هذه الأرقام لها دلالة قوية على هشاشة وضعية البلاد الخارجية، وهو ما يدفع إلى ضرورة وضع سوناطراك في صلب إستراتجية وطنية تقوم على الحفاظ وتثمين الموارد الوطنية الطاقوية.

وتكشف مرة أخرى أسعار النفط التي سجلت تراجعا خلال السداسي الأول 2015 مقارنة مع نفس الفترة من 2014 ضرورة مطلقة في تنويع الاقتصاد لأن أسعار النفط تتحكم فيها عوامل خارجية عادة ما تكون جيو- إستراتجية وعوامل مضاربة في الأسواق من لاعبين كبار.

002وبالمقارنة مع السداسي الأول 2014 بلغ متوسط سعر الخام 108.95 دولار للبرميل فان السعر فقد 46.8% خلال السداسي الأول من العام الجاري ليستقر عند متوسط 57.91 دولار/برميل.

وبالنسبة للبترول الجزائري صحارى بلاند فقد انتقل من 110.09 دولار/برميل إلى 58.1 دولار /برميل.

003وبغض النظر عن الأرباح التي ستجنيها البلاد من تراجع عملتها مقارنة بالدولار، وبالأساس تغطية العجز في الميزانية، حيث تراجع سعر الدولار من 87.9 دج إلى 99.01 دج نهاية جوان 2015 بتراجع 13%، فغن تنافسية الاقتصاد الوطني تطرح أكثر من سؤال بالنظر لكون الاقتصاد الجزائري أحادي الصادرات، ما يجعل الخسائر أكثر من الإرباح وخاصة أن البلاد تعتمد على الخارج في توفير مدخلات الاستثمارات العمومية.

وحذر التقرير الظرفي من عودة ارتفاع مستوى المديونية الخارجية التي تقدر حاليا بـ3.3 مليار دولار ما يعادل 1.7% من الناتج الداخلي الرخام في حال تضررت كثيرا احتياطات الصرف.

ولا يستبعد المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي عودة وشيكة لأسواق رؤوس الامول الدولية.

 

عودة الضغوط التضخمية

سجل متوسط التضخم بحسب التقرير عودة نحو الارتفاع منذ بداية العام الجاري في ظل الانخفاض القوي لقيمة العملة الوطنية مقارنة مع الدولار (22%)، وسجل التضخم 5% نهاية جوان الماضي مقارنة مع 4.8 % و4.5 % على التوالي في ماي وابريل.

وبلغ التضخم في جوان 2014 معدل 1.2% على أساس سنوي.

بالنسبة لمعدل الأسعار عند الاستهلاك فسجل هو الأخر زيادة بنسبة 4.52%في جوان 2015 مقابل جون 2014.

وأثرت أسعار المواد الغذائية على التضخم وخاصة أسعار المواد الزراعية الطازجة.

ويتوقع القطاع الزراعي نمو بـ10% خلال العام الجاري 2015، كما سجلت شعبة الحبوب نموا بـ7% لتحقق 37.7 مليون قنطار في 2015 مقابل 35 مليون قنطار في 2014 برقم أعمال يقدر بـ5.11 مليار دولار مقابل 5.84 مليار دولار في 2014.

وقدرت واردات الحبوب(الحبوب، الذري، الشعير) 1.89 مليار دولار خلال السداسي الأول من عام 2015 مقابل 1.77 مليار دولار في نفس الفترة 2014.

 

الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة

لأول مرة يستغل المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مناسبة قمة المناخ بباريس ليطرح جملة من المقترحات والتوصيات الخاصة بالاقتصاد الأخضر وتنويع مصادر الطاقة لصالح المصادر البديلة.

وأشار التقرير إلى التحضيرات الجارية من طرف الجزائر خصوص التزاماتها البيئية للمساهمة في الجهد العالمي لمكافحة التغير المناخي، حيث قامت وزارة الموارد المائية والبيئة تنصيب اللجنة الوطنية لمناخ.

وأضاف المجلس أن البرنامج الوطني لطاقات المتجددة المدعوم من السلطات العمومية يهدف إلى إنتاج 22000 ميغاواط من الكهرباء النظيفة في غضون 2030.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى