أراء وتحاليلاتصالالرئيسيةسلايدر

 أزمة البرلمان: فساد المنظومتين الحزبية والانتخابية

 “يبدو أن أحزاب الموالاة التي هاجمت “الشغور” فيما مضى تنزلق سريعا نحو تقديم الحجة لمعارضيها لاستخدام نفس الأسلوب ولكن في موضع آخر” 

بقلم: خليفة ركيبي

غلق الغرفة السفلى بالسلاسل الحديدية ثم إعلان المكتب حالة “الشغور” لهي اكبر مهزلة عرفتها المؤسسة التشريعية منذ الاستقلال إلى اليوم ، و أقول إنها مهزلة لأنها تتنافى مع فلسفة العمل البرلماني و جوهر السلطة التشريعية فهي اولا و أخيرا  المؤسسة الوسيطة بين المواطن والسلطة التنفيذية تتكفل عموديا بإيصال توجهات المواطنين و ترجمتها في شكل التشريع لتأخذ بها السلطة التنفيذية ، هذا هو جوهر الديمقراطية التمثيلية ، أي أنها مؤسسة للحل السلمي للصراعات وفق اطار قانوني محدد ومتعارف عليها ويخضع للتوافق السياسي قبل أن يخضع للتوافق الدستور.

لكن أزمة الحال تبين لنا جليا و دون مواربة ان  النظام الحزبي و خاصة ما تسمى بأحزاب الموالاة وصلت إلى سدرة المنتهى أي بعبارة أخرى ، لقد وصل النظام الحزبي ذو الاغلبية المتبع منذ اكثر من 3 عقود إلى نهايته، وأصبح عير قادر على الإبداع والتواصل حتى مع مؤسسته التي يعمل ضمنها وعندما يصل أي نظام حزبي الى هذه الدرجة من الانحطاط فمعناها انه “فسد” و إن فساده المستشري في أعلى هرمه إلى  قاعدته افسد المنظومة التشريعية برمتها.

ما حدث البارحة واليوم لهو أكبر دليل على أننا نعيش مرحلة “فساد” المنظومة التشريعية كلها الى جانب الفساد المالي والاقتصادي الذي تسرطن في الجزائر منذ عقدين.

السيد السعيد بوحجة في صراعه مع حزبه وأحزاب أخرى منصبه شاغر و لكن كيف يكون الشغور والرجل حي يرزق وقادر على تأدية مهمته ؟

عندما تصل الأحزاب السياسية إلى تأويل مصطلح” الشغور” بما يناسبها هي فهذا يدل على أن  الفلسفة و المبادئ الدستورية التي تأسست عليها الديمقراطية الجزائرية هي أساس رخو ، وإلا  ما هو التفسير المنطقي لإعلان حالة  غير موجودة على ارض الواقع، لكنني في الحقيقة أرى أن ما وصلت اله الامور هو نتيجة  طبيعية للحالة الكارثية التي تمر بها الديمقراطية في الجزائر ، فماذا كنا نتوقع من منظومة حزبية أفسدت عملية الاختيار للترشيحات  في  مسلسل الانتخابات الهزلية التي عرفها المواطن منذ سنين، وماذا كنا نتوقع من منظومة انتخابية اكثر فسادا مبينة على نظام الاغلبية النسبية الذي حور وتشوه وأدى إلى مزيد من النفور الشعبي وهذا ما كان يصبو اليه واضعوه في جعل “الأقلية ” الانتخابية ممثلة في المناضلين الحزبيين وحلفائهم في أن يصبحوا “القوة” الانتخابية الأولى و أقصت ضمنيا “الأغلبية الانتخابية” الحقيقية من العملية ، و ماذا كنا نتوقع من منظومتين فاسدتين أن تنتج لنا ؟ لقد أنتجت لنا ما نراه اليوم كنتيجة حتمية قد يكون البعض لم يتنبأ بها او لم يضعها في الحسبان .

ومع ذلك لو نظرنا بعمق الى  ثنائية الصراع بين رئيس المجلس و مناوؤيه من نفس الحزب الذي ينتمي إليه، فإننا قد نخرج بنتيجة غير مرضية للجميع، هي أن “الشغور” لم يعد “طابو” أو مسكوت عنه في العرف السياسي الحالي،  فإذا كان من هو معني بالشغور حي يرزق ولكنه ممنوع من دخول مكتبه، فكيف يمكن أن يكون الشغور لمن هو مريض ويوصف دوما بأنه غير قادر صحيا على ممارسة مهمه .

يبدو أن أحزاب الموالاة والتي هاجمت “الشغور” فيما مضى تنزلق سريعا نحو تقديم الحجة لمعارضيها لاستخدام نفس الأسلوب ولكن في موضع آخر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى