اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

أوراق بنما: شركة “برارحي” لاستيراد الحليب متهمة بالفساد

ريم بن محمد

كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن إستيراد بودرة الحليب سمحت للبعض ببناء ثروات غير مشروعة من خلال إنشاء شركات وهمية في الملاذات الضريبية في البحر الكاريبي تستعمل لتضخيم فواتير المواد الموجهة للتصدير نحو الجزائر.

وأوضحت الصحيفة في عددها لنهار الجمعة 30 سبتمبر، أن وثائق “أوراق بنما” التي كشفها تحقيق الصحيفة الألمانية “زود دويتشي تسايتونج”، في أبريل الفارط بمعية الائتلاف الدولي للصحفيين الاستقصائيين، تشير إلى تورط المدعو “زوبير برارحي” البالغ من العمر 73 سنة في إنشاء شركتين وهميتين: “Dairy Food Ingredients Ltd ” و ” Oxford Chemical Ltd ” بالشراكة مع نجله جواد برارحي (45 سنة) الذي يشغل منصب مدير مصنع حليب البودرة في وادي السمار بالجزائر العاصمة التي تديره شركة “ليكو” (SARL Liko).

وطلب برارحي، خدمات مكتب المحاماة البنمي “موساك فونسيكا” الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاما، والمتهم في قضية “أوراق بنما”، من خلال شركته السويسرية لإدارة الثروات Fiducior SA من أجل توطين الشركتين المذكورتين في الجزر العذراء البريطانية.

وتعمل شركتي برارحي على تسيير المحفظة التي تم توظيفها في بنك القرض السويسري (Credit Suisse) بجنيف، بالإضافة إلى الوساطة في عمليات الاستيراد بالنسبة لشركة Dairy Food Ingredients Ltd، حيث تستخدم هذه الشركة لفوترة عمليات استيراد غبرة الحليب، بمعنى أن برارحي يقوم ببيع الحليب المستورد لنفسه.

وتيتم شراء بودرة الحليب بسعر السوق العالمية من أوكرانيا، قبل إعادة فوترته بضعف المبلغ على الأقل للشركة التي تصدره إلى الجزائر.

 

برارحي يأخذ حذره من الجمارك

تكشف مراسلة مؤرخة في 2 نوفمبر 2009، موجهة إلى المكتب البنمي”موساك فونسيكا” فرع جنيف، من طرف برارحي، عن اتخاذ برارحي لإجراءات الحذر المطلوبة في مثل حالات الفساد هذه، حيث يطالبه باتخاذ أقصى درجات الحذر من الجمارك الجزائرية التي قد تقوم بالتأكد من الوجود الفعلي للشركة في تورطولا (Tortola) الجزر العذراء البريطانية من خلال الاتصال بالهاتف.

ويطلب برارحي من المكتب البنمي، عدم ذكر أن برارحي هو المالك الحقيقي لشركة Dairy Food Ingredients Ltd .

ويحذر براحي المكتب البنمي، بشدة بعدم ذكره لا من قريب ولا من بعيد، مشددا على أن العقد تم إبرامه من طرف شخص يدعى ألكسندروف، مع برارحي جواد مدير شركة “ليكو” والخاص باستيراد 700 طن من بودرة الحليب من اوكرانيا بسعر 5600 دولار للطن بقيمة إجمالية تقدر بـ3.92 مليون دولار في سنة 2009 أين كان السعر الحقيقي للطن من بودرة الحلب لا يتجاوز في المتوسط 2400 دولار.

وتكشف المراسلة أن برارحي كان يبيع لنفسه بودرة الحليب بإضافة 3200 دولار في الطن أي بـ230% من قيمته في السوق العالمية بدون أن تنتبه الجمارك الجزائرية ولا وزارة التجارة ووزارة المالية وبنك الجزائر المركزي، والديوان الوطني للحليب الذي يفترض أنه أداة الضبط لصالح الحكومة.

وخلال نفس السنة استوردت الجزائر 93000 طن من بودرة الحليب بقيمة 220 مليون دولار على أساس 2400 دولار للطن بحسب الأراقم التي أعلنها المركز الوطني للإعلام الآلي التابع للجمارك، ولكن السلطات لم تنتبه لهذا المستورد الذي أستورد 6300 طن من الحليب بمبلغ 5600 دولار للطن خلال نفس الفترة.

 

دعم الفساد

تستفيد شبكات الفساد والنهب المحلية من نظام الدعم الشامل، وخاصة للمواد الأساسية ومنها الحليب الذي يباع بسعر إداري بقيمة 25 دج للتر. ويستهلك كل جزائري 115 لتر من الحليب سنويا بفضل نظام الدعم الذي سمح بالقضاء نهائيا على قطاع الفلاحة.

وتنتج الجزائر 5 مليار لتر سنويا من خلال 177 ملبنة منها 15 ملبنة عمومية تابعة لمجمع جيبلي.

كيف تستفيد شبكات الفساد من أموال الدعم

ينص التنظيم الساري المفعول على ضرورة أن يتضمن كل لتر من الحليب 103 غ من المادة الأساسية (بودرة الحليب)، وهو ما يعادل سعر تكلفة الحليب في  17.4 دج (سعر الصرف في 2009 كان الدولار يعادل 70 دج)، وباقي التكاليف (اليد العاملة، الضرائب، الطاقة وغيرها) يصل الحليب إلى 19.3 دج وبحساب هامش المحول المقدر بـ5 دج يصل الحليب إلى 24.3 دج حيث تم تحديد سعر البيع بالمصنع بـ23.35 دج و25 دج لدى موزعي التجزئة، مع العلم أن كل لتر ينتج يذهب 1 دج مقابله إلى شركة “ليكو”.

وعلى أساس سعر الطن المستورد من طرف “ليكو” على أساس 5600 دولار للطن يصبح سعر كيس الحليب 40 دج وليس 25 دج، بمعنى أن الهامش الحقيقي الذي يحصل عليه برارحي عن كمل لتر هو 15 دج، بمعني أن الدولة الجزائرية تمنح له لوحده 1.2 مليون دولار شهريا، وتشجع هذه المنظومة الغش في الفوترة عند الاستيراد(كلما يسرق المستورد عند الاستيراد كلما يحصل على تعويض اكبر من أموال الدعم).

يذكر أن وثائق مكتب المحاماة البنمي، سجلت 12 عملية استيراد لشركة “ليكو” بين 2007 و2009 لما يعادل 4080 طن بقيمة إجمالية تقدر بـ22 مليون دولار، وفي عام 2009 كان متوسط السعر عند الاستيراد بالنسبة لشركة برارحي 5400 دولار مقابل 2400 دولار في السوق الدولية.

 

تضخيم الفواتير الرياضة الأولى في الجزائر

بداية من 2009 أوقفت الحكومة نظام دعم المنتجين، وحولت الدعم لصالح حليب الإبقار المحلي. حيث يتم منح 5 دج للتر من أجل تشجيع الإنتاج المحلي.

وحدد الديوان الوطني للحليب سعر الطن عند 1450 دولار (159 دج للكلغ) و5 دج للمحولين. ولكن قبل هذا التاريخ كان تضخيم فواتير الاستيراد من طرف شركات هو الرياضة الأولى في الجزائر.

ففي العام 2012 تم الحكم بتغريم المخبر الفرنسي سانوفي-افانتيس بغرامة بـ26 مليون دولار، والحبس موقوف النفاذ بعام ضد مديره العام.

والغريب أن شركة “ليكو” المملوكة لعائلة برارحي، تم إنشائها في إطار نظام الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار، بمعنى أنها شركة تستفيد من إعفاءات جبائية وضريبية، ما سمح لها بمضاعفة رقم أعمال بين 2007 و2008 من 8.57 مليون دولار و19 مليون دولار، إلا أن المفارقة هي إعلان حصيلة سلبية عام 2008، وهي أيضا من الممارسات المشهورة التي تلجأ إليها شركات الاستيراد في الجزائر على غرار شركات استيراد السيارات التي ازدهر نشاطها بين 2006و2014 ولكن اغلبها يعلن حصيلة سلبية حتى لا يدفع الضرائب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى