أراء وتحاليلاتصالثقافة

احذروا التقليد!!!…

بقلم : البهجة استيت

منتريال ، 23 جوان 2018

لا أعلم صراحة ما إن كانت حقوق الملكية عامة مطبّقة أو منصوص عليها على الأقل ، ببلدي الجزائر . فقطعا وبالخارج  يحمل هذا الموضوع وعند عامة الدول جدية قانونية حسّاسة تصل الى القضاء و باب التعويضات أيضا .

و ممّا ينص عليه القانون الدولي و خاصة بخصوص المنشورات على أنه يمكن للباحثين و المؤلفين و الكتّاب والسيناريست و غيرهم ، الإستشهاد بمعلومات أو مراجع أو حتى أقوال مأثورة من غيرهم ممن سبقوهم من روّاد أو مفكرين أو مؤلفين كانوا أو نتاج علماء بجميع تخصّصات العلوم و الآداب و غيرها شرط أن توضّح بمنشوراتهم . و لا يسمح بإعادة النشر و لا الترجمة إلاّ بموافقة المؤلف إن كان لا يزال على قيد الحياة أو بالناشر خطيا و موقعّا عليه ، كما أن هذا القانون لا يطبّق في هذه الحالة بمرور خمسين سنة على تاريخ النشر ، و إلاّ سيعدو الأمر سرقة أدبية أو فكرية أي ما يسمى “بلاجيا” مجسّدة بعينها .

كما أن باب الإستشهاد و المراجع هام و قطعي بأي مؤلف كان و بأية مذكرة أو بحث جامعي أو تقرير أو حتى مقالا مستفزا كمقالي هذا ، حيث وجب على مؤلف الكتاب الإستشهاد إجباريا بالمراجع التي استعان منها في بحثه أو نصوص كتابه لتأتي على شكل ببليوغرافيا مفصّلة بنهاية الكتاب أو البحث أو حتى المقال ، و كما قرأت حمدا لله لبعض الكتّاب و الصحفيين الجزائريين المغتربين بنهاية مقالاتهم على النت ، مشكورين على ذلك!

غير أنّ ما أذهلني ذات مرة ودفعني الى كتابة نصي ولطم تذمّري للقرّاء هو ، أنني كنت أتصفّح كتابا طبع منذ أكثر من قرن و هو عبارة عن نبذة مختصرة لقائد جزائري بارز ، و أميرال بحري لم نكن نعرف عنه الكثير و نحن طلبة يافعيين .

هذه النبذة كتبها فرنسي بذلك الوقت بعد أن بحث طويلا في إيجاد و تجميع أكبر عدد من المعلومات و الوقائع التي جرت بحياة هذا القائد عوضا عن تلك السجلاّت و التي من المؤكّد بإعتقادي أنها لم تصلنا و لا هي محفوظة عندنا حاليا بالأرشيف الجزائري لحركات الأسطول و الغنائم البحرية أنذاك .

لم يكن تصفّحي لهذا الكتاب فضولا فحسب بل أيضا هو نيّة مبيّتة لترجمته كما هو ، و هذه ليست بدعاية مسبقة له للعلم هنا . فقد رحت أبحث بالنت علنيّ أجد من سبقني لترجمته كما أفعل دائما مع جميع ترجماتي السابقة قبيل الخوض فيها ، لأصدم بكتاب نشر بالجزائر من سنوات قريبة يحمل نفس إسم هذا الكتاب الفرنسي ، لكن باختلاف المقدمة و بعض المحتوى ليس بالكثير ، فالواضح أن صاحب الكتاب قد تفنّن في غرف ما يمكن غرفه من الكتاب الأصلي ونسبه إليه و لاسمه على الغلاف و بدون أي تأشيرة و لا إستشهاد و لا حتى بيبليوغرافيا صغيرة بآخر الكتاب ، تسند نصوصه و مصدر معلوماته .بل هناك “قص و لصق” واضح للعيان تماما و مترجما الى العربية فقط لا غير ، يحمّل الكاتب وزر عدم بيان مصدر الإستشهاد .

على كل ،و كما يقول الأمريكان :”من يأبه؟” ، فقد يكون جهلا بالقانون وبدراية مقاييس التأليف أو عدم الإكتراث أو اللهث وراء السهل كما هو معروف ، ففي غياب الرقابة الفاضح هذا ببلدنا ، قد تكون ثلاثة أرباع ما يكتب و ينشرهناكهكذا و أكثر .

فهم لم يعودوننا ، بل لم يدرّسوننا يوما عن ما يسمى بإحترام ملكية الغير كقانونا و إن وجد ، صارما تحكمه عقوبة السجن أو الغرامة ، و قد نراها و بوضوح تام بسلوكيات شعبنا “الجيمس بوندية” في تكسير الباصات و نتف كراسيها و تحطيم سيارات الغير بمواقفها و تحطيم زجاج الهواتف العمومية و نهب نقودها البخسة ، و لم يسلم قط أبدا و حتى الآن على ما أعتقد ، أي منتزه أو حديقة أو شجرة أو رصيف أو عمود إنارة أو إشارة “قف” أو حتى مكبّ قمامة فاحت رائحتها من الأيدي التي تتآكلها دودة التدمير و التخريب .

إن قانون إحترام ملكية الغير هو بكل شيء و ليس فقط في إستشهاد نصوص بأكملها قد فلت من قانون المنشورات لأن مرور خمسين سنة على النشر قد ولت ، بيد أن أخلاقية الكتابة و الترجمة و الإستشهاد تفرض على كل مؤلف ذلك . فلنحمد الله و نشكر فضله على أن معظم الأجانب من هم مهتمين بتاريخ الجزائر ليسوا متمكنّين من اللغة العربية و إلاّ لكان حرجا لا يمكن وصفه فعلا في هذا الجرم الفكري .

إن تأليف كتاب هو أمر صعب للغاية و ترجمته مسؤولية أصعب منه أيضا ، يجبرهما الإلتزام بمعايير التأليف و البيبليوغرافيا، فقد تقلّد أفكار البرامج و الألعاب على القنوات ، هذا التقليد و التي تشتهر بها خاصة دولة عربية شقيقة كأول من بادر بذلك  كبرنامجها مثلا”من سيربح المليون” و غيره . لكن تقليد فكرة البرنامج ليست بتلك الفظاعة التي يحملها كتاب ثلاثة أربعه ترجمت من كتاب آخر و لم تؤشر بأدنى تأشيرة أو ايضاح أو حتى ملحوظة على أنها مستشهدة من كتابها الأصلي .

سيلزمني الكثير من الوقت الآن لإستيعاب ما يحصل هناك فعلا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى