اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

الإخطبوط المالي يريد ابتلاع 80 مليار دولار الاخيرة

يوسف محمدي

ماهي أسباب الرعب الذي دب في أوساط الإخطبوط المالي الذي ابتلع الجزائر وافترسها؟ ولماذا خرجت الحرب التي أعلنها أخطبوط المال الفاسد ضد الوزير الأول عبد المجيد تبون إلى العلن، بأسرع مما كان الرأي العام يتصور؟ ولماذا ظل هذا اللوبي صامتا طيلة 5 سنوات من إشراف عبد المالك سلال على الوزارة الأولى؟

بالعودة إلى الوراء قليلا وبالضبط إلى مطلع خريف 2016 شرعت آلة الحرب في تحريك أزلامها ضد وزير السكن السابق والوزير الأول الحالي عبد المجيد تبون، وبأـمر مباشر من الوزير الأول السابق عبد المالك سلال الذي أمر وزارة المالية في وقف تمويل المشاريع العمومية في قطاعات إستراتيجية على غرار السكن والصحة والتربية.

وموازاة مع الأوامر المباشرة والصريحة لتوقيف كل المشاريع ذات الصلة بالحياة اليومية للمواطنين وتوقيف التوظيف بحجة الأزمة المالية، شرع بعض وزراء حكومة سلال في افتراس ما تبقى من احتياطي الصرف الأجنبي تحضيرا لتركيع الجزائر نهائيا والعودة بها مكبلة إلى صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية.

ولم يطبق سلال نفس المبدأ على الجزائريين بالعدل، ففي الوقت الذي يطالب المواطن البسيط بتأجيل الحلم في سقف يضمن العيش الكريم، لم يتأخر في توزيع ملايير الدولارات على المافيا المالية ومافيا الاستيراد التي أتت على الأخضر واليابس وحولت الجزائر إلى أكبر مزبلة في شمال إفريقيا للسلع المستوردة منخفضة الثمن.

لقد تمكن سلال من القضاء على ما تبقى من الصناعة الوطنية خلال 5 سنوات من إشرافه على الحكومة، وهو ما تأكده الأرقام الرسمية الصادرة عن حكومته بخصوص مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي للجزائر والتي لا تتعدى 3.5% نهاية 2016.

سلال وحكومته لم يقف عند هذا الحد، بل شرع من خلال مجلس مساهمات الدولة وباقتراح من وزير الفلاحة في توزيع أجود أنواع الأراضي الزراعية على جماعات المال، كما شرع وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب في الإعداد لإقامة مناطق صناعية وتوزيعها على رجال أعمال في حين بينت الأرقام أن العقار الصناعي المعطل يفوق الطلب الوطني المعبر عنه، وأن المبرر الحقيقي لإنشاء مناطق جديدة هو توزيع 3 مليار دولار على الأصدقاء.

وإلى جانب العقار الفلاحي والصناعي، استخدم سلال وبوشوراب ورقة رخص الاستيراد كألية لتوزيع الريع النفطي بطريقة غير عادلة على الجزائريين، من خلال المفاضلة في منح الرخص بالضغط الشنيع الممارس على وزير التجارة المرحوم بختى بلعايب حيث وصل الأمر إلى تزوير توقيعه وهو في رحلة علاج إلى فرنسا.

وفي وقت كان يتطلع الاقتصاد الوطني إلى خطة أنعاش حقيقية لتنويع الاقتصاد وخلق ثروة حقيقية وتوفير وظائف لحوالي 500 ألف طلب جديد سنويا، أعلن الوزير الأول عبد المالك سلال نموذج اقتصادي جديد هجين تم إعداده سرا وبدون استشارة الخبرات الوطنية المشهود لها في المجال الاقتصادي، ليتبين أن الأمر يتعلق بتهريب ملايير الدولارات إلى الخارج لاستيراد مصانع خردة للاسمنت وتركيب عجلات السيارات ونفخها محليا واستحداث مصانع لاستغلال الفوسفات مع شركة اندونيسية مفلسة، في حين تمكنت المغرب بإمكانات أقل من إقامة فلاحة وصناعة قادرة على تصدير 20 مليار دولار سنويا.

وفي وقت حاولت الحكومة الجديدة بقيادة عبد المجيد تبون، إعادة القطار إلى سكته، وجذت نفسها في مواجهة لوبيات تمددت وباتت قادرة على الاحتماء حتى بالخارج من خلال تقاطعات مصالح تمتد إلى عواصم كبرى أصبحت تعب دور المدافع عن مصالح مناوليها في الجزائر والضغط عليها بأوراق عديدة ومتعددة وليس أقلها تشويه مناخ الأعمال، وتنفير الاستثمارات الأجنبية، في حين أن سفراء الدول الأوروبية لم يتحركوا ساكنا لما كانت شركات أوروبية وجزائرية تهرب سنويا ما يعادل 8 إلى 10 مليار دولار إلى الخارج عن طريق تضخيم الفواتير، كما لم يكن يهمهم تطبيق بنود اتفاق الشراكة مع الجزائر الذي ينص على الاستثمارات المباشرة والمساعدة على إصلاح الاقتصاد وتنويعه.

لقد شرعت الحكومة الجديدة في أنقاذ ما يمكن انقاده قبل وقوع الفأس في الرأس وعودة الجزائر مطأطأة الرأس لتشحد قوت أبنائها من المؤسسات المالية الدولية كما فعلت في تسعينات القرن الماضي، إلا أن المافيا المافيا المالية التي تغولت وباتت قادرة على منع تطبيق تعليمات رئيس الجمهورية الذي تمكن من منع “الربيع العربي” في 2011 بقرارات سليمة سمحت بتحصين الأمة من الخراب الذي تريده لوبيات المال واقتصاد البازار الذي أتى على الاخضر واليابس.

فعلا قد تكون الحرب المعلنة خلفيتها هي الانتخابات الرئاسية في 2019 وتعيين خليفة بوتفليقة من طرف لوبيات المال المنتفخة، ولكن قبل ذلك أنها حرب بين المفترسين للسيطرة على 80 مليار دولار التي تشكل احتياطات صرف الجزائر الحالية والتي يسعون بكل الوسائل لافتراسها قبل فرارهم من باخرة الجزائر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى