أراء وتحاليلالجزائرالرئيسيةسلايدر

الإصلاحات التربوية لابن غبريت ناقصة وغير موضوعية

د. كمال الدين لعقون
من بين الإصلاحات التربوية التي جاءت بها وزارة التربية هذه السنة “المعالجة البيداغوجية”. وقد أوضحت الوزارة أن الهدف من هذا الإجراء هو التقليص من ظاهرة إعادة السنة والتسربات. وقد توصلت إلى هذه الحلول بناء على دراسة ميدانية أنجزتها استغرقت سنتين، شملت 9 ولايات وأجريت على 500 خطأ في التعلمات الأساسية في العربية، الرياضيات واللغة الفرنسية، أين توج التحقيق باستحداث “ثلاث بطاقات” بألوان مختلفة قصد تصحيح واستدراك الأخطاء التي يقع فيها التلميذ خاصة المتكررة منها، ومن ثمة تحقيق تحسين المستوى التعليمي خلال مرحلة التعليم “القاعدية” لتفادي الإعادة من جهة، ومن جهة ثانية لضمان انتقال المتعلم إلى الطور المتوسط بنتائج جيدة ومن ثمة إلى الطور الثانوي. الخلل المنهجي في هذه الدراسة في إرجاع الخطأ إلى التلميذ في حين أن الأساس النظري لهذه البيداغوجيا يرجع الخطأ الذي يستدعي المعالجة إلى ثلاثة مصادر وهي: المنهاج أو المعلم أو المتعلم. وحتى أوضح أكثر أعود إلى الأساس النظري لهذه البيداغوجيا المبنية على بيداغوجيا الخطأ pédagogie de l’erreure.
أول من تطرق إلى هذا المفهوم هو الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار Gaston Bachelard ، فهو أول من ركز على نقد العلوم التي كانت حتى وقت قريب مطلقة و بعيدة عن الشك و لعل قولته المشهورة ” الحقيقة العلمية خطأ تم تصحيحه ” تلخص ذلك بشكل واضح و مركز .يمكن تعريف بيداغوجيا الخطأ على أنها خطة ( تصور و منهج ) بيداغوجية تقوم على اعتبار الخطأ استراتيجية للتعليم و التعلم، و تفترض وجود صعوبات ديداكتيكية تواجه المتعلم أثناء القيام بتطبيق التعليمات المعطاة له ضمن نشاط تعليمي معين . وهذه الصعوبات ترجع إلى كون المسار الذي يقطعه المتعلم لاكتساب المعرفة أو بنائها من خلال بحثه،يمكن أن تتخلله بعض الأخطاء . وتركز بيداغوجيا الخطأ على ضرورة اعتبار أن الخطأ أمر طبيعي و إيجابي، الشيء الذي يحتم أخذه بعين الاعتبار أثناء إعداد الدروس .
أما عن مصدر الخطأ البيداغوجي فيمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أخطاء ناتجة عن ضعف القدرة على التجريد لدى المتعلمين و خصوصا الصغار منهم .
أخطاء ناتجة عن القيم التقافية السائدة في المجتمع أو الأسرة .
أخطاء ناتجة عن ضعف الاستدلال المنطقي .
أخطاء ناتجة عن إدراك الحواس التي تخدع .
أخطاء ناتجة عن خطأ المدرس نفسه كتقديم معلومة غير مناسبة أو عدم التخطيط للدرس بشكل جيد .
أخطاء ناتجة عن استخدام المدرس لأساليب بيداغوجية لا تتلاءم مع فروقات المتعلمين .
أخطاء ناتجة عن تمثلات représentations المتعلم .
أخطاء لغوية.
عموما يمكن إرجاع الخطأ إلى ثلاثة مصادر رئيسية وهي:
عموما يمكن إرجاع الخطأ إلى ثلاثة مصادر رئيسية وهي:
أ – الخطأ العائد إلى الجانب الإبستمولوجي: وهو بعد يرتبط بالمعرفة بحد ذاتها بحيث يمكن للمتعلم أن يعيد ارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبتها البشرية في تاريخ تطورها العلمي .أو قد قد يجد نفسه أمام مهمة لا تتلاءم مع ميولاته أو قد تتجاوز مستواه الذهني أو نتيجة سوء فهم لما هو مطلوب …
ب – الخطأ العائد إلى الجانب البيداغوجي:كاختيار طرق تدريس غير ملائمة أو استراتيجيات تعلم غير مجدية أو اتباع نسق سريع للتعليم أو اختيار غير مناسب للأنشطة أو عدم تنويع الطرائق و الوسائل أو عدم القدرة على التواصل الفعال أو تبني تصور سلبي للمتعلم …عموما هذا الجانب مرتبط بالمدرس.
ج – الخطأ العائد إلى المتعلم: وهنا الخطأ له أسباب متعددة،منها نظرة المتعلم للمعرفة ذاتها والتي لها علاقة مباشرة بالتمثلات التي راكمها المتعلم من خلال تجاربه و تكون ذات علاقة بالنمو المعرفي للمتعلم .
وهو متعدد قد يكون سببه سيكولوجيا يتجلى في اعتبار الخطأ ترجمة للتمثلات التي راكمها المتعلم من خلال تجاربه و تكون ذات علاقة بالنمو المعرفي للمتعلم .أو يرجع إلى عوامل أخرى كقلة الانتباه لديه أو عدم القدرة على التواصل أو المرض أو وجوده في حالة اجتماعية متوترة …

الخلل في هذه الدراسة التي قامت بها الوزارة أنها ناقصة بل غير موضوعية، فالموضوعية العلمية تقتضي البحث في مصدر الخطأ ،الذي يتفق العلماء كما أسلفنا القول على أن أسبابه قد تكون إبستمولوجية او بيداغوجية أو سيكولوجية، بدلا من تحميل التلميذ المسؤولية كاملة. وعليه كما يقول الفيلسوف الفرنسي “إدغار موران edgar morin” أن “الخطأ في عدم تقدير أهمية الخطأ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى