اقتصاد وأعمالحوارات

البرفسور عبد الحق لعميري: “السياسيات الراهنة لمواجهة الأزمة لن تؤدي بالجزائر بعيدا”

حاوره: عباس ميموني

يؤكد الخبير الاقتصادي البروفسور عبد الحق لعميري، أن من مصلحة الجزائر مراجعة سياسيتها الطاقوية الراهنة، نحو إنتهاج المزيد من المرونة وخاصة في الجانب المتعلق بالمواد الطاقوية الأولية كالغاز، مضيفا أن استمرار سوناطراك بالعمل بنظام العقود الطويلة، سوف تخسر معه كل الرهانات وكل الأسواق العالمية.

 

“الجزائر اليوم”: ترأس الرئيس بوتفليقة، مجلسا وزاريا مصغرا، خصص لمناقشة السياسة الوطنية للغاز، هل باتت الجزائر مجبرة على إعادة النظر في سياسيتها الطاقوية؟

 

البروفيسور عبد الحق لعميري:فعلا، هناك ضرورة ملحة لوضع سياسة جديدة، بعدما حصلت تحولات كبرى في الأسواق العالمية، لم يعد ممكنا  للجزائر أن تبقى منفردة عن العالم بسياسات تختلف عن سياسات كل المؤسسات وكل الدول.

الجزائر هي الوحيدة التي تواصل المطالبة خلال المفاوضات الخاصة بأسعار الغاز، بأن تكون هناك عقودا طويلة المدى.

كل الاتجاهات الآن سارت نحو البيع على المدى القصير، وإذا بقينا في هذا الاتجاه وكان  لسوناطراك، تعليمات كي تتعامل بنظام العقود طويلة المدى، فسوف تخسر كل الرهانات وكل الأسواق العالمية.

لابد أن ننظر كيف نخفض الأسعار ونزيد في الإنتاج حتى نحافظ على مكانتنا في مجال الغاز، وتكون لدينا المرونة اللازمة التي تتمتع بها مؤسسات الدول الأخرى.

 

هل الجزائر مهددة فعلا بفقدان حصتها في الأسواق الأوروبية تقليدية في غضون 2019،  إذا لم تغير سياستها في تصدير الغاز؟

بالطبع سوف تفقد زبائنها من الاتحاد الأوروبي إذا لم تتكيف مع الأمور، ربما علينا النظر في  كيفية تحسين الإنتاج وكيف نقلص التكاليف وكيف نقلص الاستهلاك الوطني  لكي نصدر أكثر، لأن أوروبا الآن من مصلحتها أن تحصل على أقل سعر في المنافسة الدولية ولن تمضي مع الجزائر لأنها الجزائر وفقط.

إذا، علينا أن نتكيف مع الواقع، الأسعار تنخفض لأن هناك فائض ومنافسة كبيرة، ولابد أن ننظر كيف نصدر أكثر ونخفض التكاليف حتى يكون عندنا فائض لابأس به ومقبول.

وهناك كمية من الغاز لابد أن تتجه إلى الاقتصاد الوطني ونبحث أيضا عن الطريقة المثلى لاستغلال الغاز في  تطوير بعض القطاعات على غرار الزراعة لأنه مهم جدا في الأسمدة، على سبيل المثال.

لذلك لابد أن نعيد النظر تماما في السياسات الماضية والتي صارت بالية ولا تخدم المصلحة الوطنية.

 

غابت الجزائر عن اجتماع الدوحة الأخير الذي خلص إلى اتفاق كل من السعودية، روسيا فنزويلا وقطر على تجميد إنتاج النفط، هل هي إشارة واضحة على تراجع دورها داخل المنظمة؟

 

أولا أوبك، في حد ذاتها ثقلها ضعيف في المحيط العالمي، هي تنتج 30 إلى 33 % من الإنتاج العالمي. الجزائر أيضا دورها ضئيل جدا في الأوبك ننتج 9 % مقابل ما تنتجه العربية السعودية وروسيا.

إذا حجم الإنتاج الجزائري 1 أو  2 %،  داخل المنظمة وبالتالي ليس لنا لا المخزون ولا الإنتاج كي نكون قوة تستطيع أن تؤثر على أوبك وعلى البترول خصيصا.

حجم البترول الجزائري ضعيف جدا وهذا يجعل الدول الأخرى لا تقيم لنا وزن.

ماذا يمثل 1 مليون الذي تنتجه الجزائر يوميا لدولة مثل السعودية التي تنتج 10 إلى 12 مليون برميل يوميا.

 

البعض تفاءل بارتفاع وشيك للأسعار بعد هذا الاتفاق، إلى أي مدى يمكن أن يؤثر إيجابا على سوق النفط؟

لن يؤثر كثير على الأسعار وربما أهم شيء فيه هو الأثر بسيكولوجي، فالتجميد لا يعني تقليص الإنتاج، هم يجمدون وإيران والولايات المتحدة سيضاعفان الإنتاج، إذا القرار يسمح بالتقليص من تدهور الأسعار ولكن لا يمكن من ارتفاعها.

 

هل نحن أما حتمية استعجالية للذهاب نحو الطاقات المتجددة ؟

لابد أن نتجه نحو الطاقات المتجددة، ولكن قبل أن نذهب أليها علينا تصليح أشياء كثيرة. يجب أن يكون لنا مهندسين وبحث علمي وجامعات ونطور المعرفة ومراكز البحث، أي لابد أن تتطور الإدارة والصناعة والزراعة، وتكون لدينا مؤسسات في البحث والتسيير ووضع الاستراتيجيات.

يجب أن نستثمر في عوامل الفعالية كي تمكننا من أن نذهب إلى الطاقات المتجددة بأكثر فعالية وإلا سوف نستثمر فيها والعائد يكون ضعيف.

 

لنعد الآن إلى الأزمة المالية الراهنة التي تمر بها البلاد، ما مدى قدرة الجزائر على تجاوز الصدمة البترولية الراهنة؟

إذا كانت لدينا خطة محكمة، ممكن أن تتفادى الجزائر الأزمة، ولكن يجب أن تتبنى السياسات التي تمول عوامل الفعالية.

إذا مولنا تنويع الاقتصاد فهذا لا يكفي، وإذا توجهنا نحو ترشيد النفقات لا يكفي أيضا، ولا نستطيع أن نقوم بذلك إذا لم نحسن تكوين الموارد البشرية وتحسين أساليب التسيير الضعيف في جميع المستويات، حتى نزيد في  نوعية المعرفة ونحسن الإنتاج.

وإذا ذهبنا إلى عوامل الفعالية، فالاقتصاد سوف ينطلق، أما إذا كنا فقط نقلص بعض التكاليف ونتبنى بعض السياسيات التكتيكية كما نفعل الآن فلن نذهب بعيدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى