اتصالاقتصاد وأعمالالرئيسيةتكنولوجياجازيسلايدرملحق TIC

التحول الرقمي:الجزائر تتوفر على الإمكانيات لتكون فاعلا رئيسيا

(الجزء الأول) بقلم علي كحلان*

يقدم على كحلان رئيس جمعية المتعاملين البدلاء للاتصالات، في هذا الجزء الأول، واقع التحول الرقمي في الجزائر.

أن نسبة الاختراق في الخطوط الثابتة (الأرضية) تحسنت نسبيا منذ العام 2015 مقارنة ببلدان في نفس مستوى الجزائر، ونحن نتمتع اليوم بنسبة كثافة في الهاتف النقال تقدر بـ 117.5 بالمائة، وهي من بين الأعلى في افريقيا، ونسبة اختراق فيما يتعلق بالانترنت تقدر بـ 45.5 بالمائة للمستخدمين في الثابت والنقال.

بالمقابل فإن نسبة الاختراق فيما يتعلق بالمشتركين في الانترنت الثابت غير المحدود “ADSL” و”ويماكس” و “في سات”، مقارنة بعدد السكان، تقدر بـ 7.3 بالمائة.

هذه النسبة الاخيرة صادرة عن الهيئات الدولية المتخصصة (الاتحاد العالمي للاتصالات والبنك العالمي وWEF  …)، والتي أشارت في تقاريرها إلى أن التصنيفات تأخذ بعين الاعتبار، كونها تتوافق مع عملية اتصال تربط على هاتف ثابت أو الياف بصرية، وتمثل جيدا ملكية تكنولوجيات الإعلام والاتصال من طرف كل بلد، وتقارن بالآخرين بناء على النتائج المحققة سابقا.

والجزائر حققت خطوات جد مهمة في اتجاه اتصالية أفضل ونطاق عريض ملائم، وفي غضون 6 سنوات انتقلت من 44 آلاف كيلومتر من الألياف البصرية إلى أكثر من 85 ألف كيلومتر، بفضل اتصالات الجزائر لوحدها.

ومن نطاق عريض دولي بـ 67 جاغابايت/ ثانية انتقلت إلى 1.1 تيرابايت/ثانية، مع نطاق عريض وطني بـ 1400 جيغابايت/ثانية (1.4 تيرابايت/ثا).

هذه الأخيرة تعتبر أهم من النطاق العريض الدولي، كون جهود معتبرة قامت بها اتصالات الجزائر من أجل ربط مجمل البلديات عبر الوطن (1500 بلدية من أصل 1541 بلدية)، بحسب أرقام وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.

بالمقابل هذا النطاق العريض الوطني غير مستعمل كما يجب، نظرا لكون النسبة الكبيرة من حركة الانترنت في البلاد تأتي وتذهب نحو النطاق الدولي.

هذه الحركة الدولية لم يتم كبحها بعد إطلاق مركز للمبادلات بالخاصة بالانترنت (ALGIX)، الذي أعلن عنه وتم إطلاقه ولكنه انطفأ لأسباب تبقى مجهولة.

وكان من المفروض ان يربط هذا  المركز مختلف المزودين بخدمات الدخول للانترنت، ما كان سيمكن من تفادي أن تذهب رسالة الكترونية (مايل) لزبون لاتصالات الجزائر يقيم على أرض الوطن، مرسلة لزبون آخر، بجولة حول العالم قبل الوصول إلى الجهة المرسلة إليها في الجزائر.

وبهذا صار استهلاك النطاق العريض الوطني مكلفا أكثر فأكثر نظرا لأن الطلب الوطني يرتفع بشكل منتظم، وهذا الإرتفاع يتراوح ما بين 50 إلى 60 بالمائة منذ 2011، ويمكن ان تعادل او حتى تتجاوز النطاق العريض الوطني بـ 1.5 تيرابايت/ثانية بحلول العام المقبل.

 

أسباب التأخر

إن التأخر في تطوير الهاتف الثابت (الأرضي) في الجزائر أدى إلى مجمل الطلب نحو استخدام الانترنت النقال، الذي انفجرت أعداد مستخدميه.

وبالرغم من هذه النتائج، إلا أن الجمعية العالمية لمتعاملي الهاتف النقال (GSMA) تكشف في إحدى دراساتها، أن 51 بالمائة من مستخدمي الانترنت النقال في الجزائر يرون بأنهم لا يجدون محتوى محليا أو محتوى يتلاءم معهم.

ومن بين هذه النسبة فإن 23 بالمائة منهم قليلة أو غير متعلمة، في حين أن 12 بالمائة منهم واجهوا الكلفة المرتفعة للهواتف الذكية و/ أو غلاء الخدمات المقدمة.

ورغم هذا فالجزائريون أحسن من المغاربة حيث ان 51 بالمائة منهم غير قليلو التعلم و33 بالمائة منهم يعتقدون أن تكلفة الولوج للتكنولوجيا تعتبر عائقا إمامهم.

بالمقابل وفيما يتعلق بتوفر المحتوى المحلي، فالمغرب أداؤه أحسن بقليل، كون 49 بالمائة من المستجوبين يعتقدون بأنهم يمكن أن يجدوا محتوى محليا ومغربيا خالصا.

وفي انتظار تفريع نشاط الحلقة المحلية لاتصالات الجزائر، التي هي متاحة في الأصل في ظل القانون الحالي 2000-03، لكن من المستحيل تنفيذها في غياب إرادة صارمة من طرف السلطات العمومية.

والسلطات العمومية هنا مطالبون بإلزام اتصالات الجزائر على لعب دور بائع الجملة للنطاق العريض، وبذلك السماح بقدوم متعالمين بدلاء.

والخبر المفرح هو أن الجزائر ربحت 9  مراتب في التصنيف العالمي لسنة 2016 للاتحاد الدولي للاتصالات، وانتقلت من المرتبة 112 إلى 103، من أًل 175 بلدا.

 

الولوج إلى الانترنت يبقى مرتفع الثمن

إن الولوج إلى الانترنت النقال أو الثابت يبقى مرتفع الثمن نسبيا مقارنة بالقدرة الشرائية للجزائري متوسط الدخل، حيث أن سعر عرض انترنت نقال بسعة 1 جيغا أوكتي يمثل 5.55 بالمائة من الراتب الأدنى في الجزائر، في حين أنه في مستوى 2.1 بالمائة في تونس، و2.3 قي مصر و 0.4 في المغرب.

بالمقابل الجزائر تتواجد في مرتبة أفضل فيما يخص أسعار الهواتف الذكية، خصوصا المنخفضة الكلفة، التي تمثل 55 بالمائة من الراتب الأدنى، في حين في مستوى 72 بالمائة في المغرب و 153 بالمائة في مصر، في حين تونس أداؤها احسن من الجميع بنسبة 40 بالمائة من الراتب الأدنى.

أما ما تعلق بالانترنت الثابت فتكلفة الاتصال لـ 20 ميغابايت/ ثا، فيمثل في الجزائر 21 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الشهري، ولا يتعدى 4.5 في تونس و2.90 في مصر.

كما أن الجزائريين يدفعون خدمة التجوال للمكالمات بسعر أغلى، وأما خدمة التجوال للانترنت النقال فهي أغلى أيضا، في حين أن التوجه غبر العالم هو نحو توحيد التسعيرات، على غرار أوربا مثلا أين تم التخلي نهائيا عن خدمة التجوال بكل بساطة.

ويمكننا أن نتصور عندما يكون الجزائري في الخارج (فرنسا على سبيل المثال)، فإنه يدفع المكالمات التي يستقبلها بمعدل 30 دينار للدقيقة، و100 دينار نحو رقم محلي، و150 دينار للدقيقة عند إجراء مكالمة نحو الجزائر، علما أن كل هذه المكالمات صارت متوفرة باستخدام الانترنت مثلما هو الحال بالنسبة للبيانات، والمشترك لا يدفع تقريبا أي مقابل عندما يستخدم وسائل اتصال أخرى صوتية على غرار فايبر، فما الذي يبرر هذه الأسعار إذن؟.

 

تقليص كلفة النطاق العريض

إن استهلاك الجزائريين للنطاق العريض مصدره أساسا البث للفيديو والأفلام بتقنية HD، وأخرى على غرار يوتيوب، الذي يحصي لوحده نحو 10 مليون مشترك جزائري وبأكثر من 50 مليون مشاهدة في اليوم، دون احتساب الفيديوهات الخاصة بفايسبوك الذي يحصي 18 مليون مشترك في الجزائر.

أما البقية فهي مقسمة ما بين استخدام الشبكات الاجتماعية على غرار تويتر (750 ألف مشترك) و “لينكاد إن” (800 ألف) إضافة لواتس آب و انستاغرام.

بالمقابل فإن غالبية مواقع الواب والمدونات الجزائرية وخدمات المراسلة يتم إيواؤها في الخارج، في ظل غياب مركز بيانات خاص مجهز للقيام بعملية الإيواء وفق المعايير الدولية قادر على التكفل بالطلب الوطني.

وهناك نحو 9400 عنوان نطاق مسجل في الجزائر (DZ)، ونحو 6000 موقع جزائري مأوية في الخارج، في حين أن المواقع والمدونات الجزائرية التي هي بـ .COM و .NET وغيرها فهي تفوق 350 ألف بينما كانت في حدود 45 ألف في 2012.

ويعتقد أصحاب المواقع والمدونات التي تم إيواؤها في الخارج أن الدخول إليها يكون متاحا أكثر وبسرعة اكبر، وبالنسبة للبعض الآخر فالأسباب تتعلق بخلفيات اقتصادية بحتة وخصوصا ما تعلق باستمرارية الخدمة (أعطاب انقطاع الشبكة انقطاع الكابل البحري، والانقاطاعات التي صاحبت شهادة الباكالوريا في 2016 و2017 والتي تسببت في خسائر قدرت بـ 21 مليون دولار للجزائر ما يعادل 2.4 مليار دينار.

 

تطوير المحتوى الخاص بالجزائر

في هذه القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة، لم يبق جيراننا مكتوفي الأيدي حيث سجلوا ما بين 7 إلى 10 بالمائة كإسهام من قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الناتج الداخلي الخام PIB، في حين ان النسبة في الجزائر هي من بين الأضعف عالميا وتقدر بـ 4 بالمائة.

ولكن على ارض الواقع فإن حصة التطور الرقمي على غرار الإدارة والصحة والتعليم الإلكتروني وأيضا البرمجيات والتطبيقات المرافقة، تمثل أقل من 1 بالمائة، إلا إذا استثنينا بعض التجارب المرتبطة بإطلاق حضانات ومرافقة مؤسسات ناشئة التي يقوم بها المتعاملون في كل مرة، وهي مبادرات مقاولاتية في الاتجاه الصحيح.

ولا يوجد أحسن من المتعاملين في الرقمية والهاتف النقال خصوصا لتطوير وترقية الاقتصاد الرقمي بصفة مباشرة.

وبالفعل فحسب الاتحاد العالمي للاتصالات والبنك الدولي، فإن خلق منصب عمل في القطاع الرقمي يؤدي غلى خلق 3 مناصب عمل في بقية القطاعات الاقتصادية، وزيادة بـ 10 بالمائة في نسبة اختراق تكنولوجيات الإعلام والاتصال، ما يساهم بدوه في رفع نسبة إسهام قطاع تكنولوجيات العلام والاتصال في الناتج الداخلي الخام PIB بنسبة 1.4 بالمائة.

 

على كحلان*

رئيس جمعية المتعاملين البدلاء لقطاع الاتصالات، وعضو اللجنة القطاعية الدائمة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي لوزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، بروفيسور سابق بالمدرسة العسكرية المتعددة التقنيات “ENITA” سابقا برج البحري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى