اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

الجزائر تختار “إس.جي.إس” السويسرية لمراقبة واردات الحبوب

نسرين لعراش

قالت شركة “سي.جي.إس” السويسرية، الثلاثاء 18 أكتوبر، إن الديوان الجزائري المهني للحبوب اختارها للقيام بفحص شحنات الواردات وذلك بموجب اتفاق من المقرر أن يمتد لعامين.

وتعتبر الجزائر من أكبر ثلاث مستوردين للحبوب في العالم، حيث يتولى الديوان الجزائري المهني للحبوب بغالبية عمليات شراء الحبوب من الخارج، فيما تسيطر فرنسا على 90 % من واردات الحبوب الجزائرية.

وعمل الديوان الجزائري المهني للحبوب لأكثر من عشر سنوات مع شركة “كنترول يونيون” الخاصة وهي شركة عالمية أخرى متخصصة في فحص البضائع.

وتستورد الجزائر سنويا 7 إلى 9 مليون طن من الحبوب، لتغطية العجز من المادة.

وفي عام 2009 أبرمت الحكومة الجزائرية اتفاقا مع شركة “إس.جي.إس” لمراقبة واردات البلاد من السلع الأجنبية باستثناء الحبوب، بعد بلوغ الرئيس بوتفليقة تقارير عن تفشي حالات فساد في مجال التجارة الخارجية، بحسب مصدر من القطاع المالي تحدثت إليه “الجزائر اليوم”.

 

تعديل قانون الجمارك

وفي العام 2009 قرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تعديل قانون الجمارك رقم 79- 07 الصادر في 21 جويلية 1979، المعدل والمتمم بموجب القانون 98 – 10 الصادر في 22 جويلية 1998، من خلال المادة 46 قانون المالية التكميلي 2009 التي عدلت بموجبها المادة 92 من قانون الجمارك، من خلال استحداث مادة تسمى 92 مكرر من قانون الجمارك، والتي تتضمن إنشاء شركات أجنبية لمراقبة السلع الموجهة إلى الإقليم الجمركي (التراب الوطني)، ونصت المادة الجديدة على أن هذه المراقبة تتضمن خصوصا عناصر التصريح الجمركي المتمثلة في قيمة ونوع البضائع وبلد المنشأ والكمية.

وشكل القرار ضربة لمافيا الاستيراد التي تعرف نقاط الظل في عمليات التجارة الخارجية من خلال التلاعب بالقوانين والتشريعات وجعلها تصب في مصلحتها، وهو ما جعلها تعبر عن رفضها لقرار الرئيس بطرقها الخاصة منتقدة لجوء الرئيس للتشريع بأمر رئاسي الذي مكن من غلق الباب أمام أية محاولة لوأد التعديل في المهد، للتحجج بضرورة فتح نقاش حول تعديل قانون الجمارك وإشراك نواب المجلس الشعبي الوطني المخول دستوريا لتشريع القوانين، فضلا عن مختلف الشركاء الاقتصاديين، ولكن جواب الرئيس كان واضحا، ولجأ إلى حقه الدستوري في التشريع بأوامر.

 

هل تراجع الفساد في مجال التجارة الخارجية؟   

وتعتبر بعض الجهات داخل إدارة الجمارك، أن الرئيس بوتفليقة جرد إدارة الجمارك من الصلاحيات التقليدية المتمثلة في مراقبة السلع التي تدخل أو تخرج من الإقليم الجمركي، وتحويل هذه الصلاحية إلى شركات عالمية، متحججين بأن الإجراء تعدي على السيادة الوطنية، بعد ما تصبح تحت رحمة هذه الشركات الأجنبية التي ستستفيد من مداخيل هامة بالعملة الصعبة ستتراوح بين 500 مليون دولار و1 مليار دولار سنويا، وهي المبالغ التي كانت تذهب سنويا إلى الخزينة العمومية، بالإضافة إلى المواقف والآراء الصادرة عن المنظمات والهيآت الدولية المختصة من هذا الموقف، وفي مقدمتها المنظمة العالمية للجمارك وصندوق النقد والبنك العالميين والمنظمة العالمية

للتجارة، وهي الآراء التي أجمعت على أن اللجوء إلى هذا النوع من القرارات لا يصدر من دولة إلا في إحدى الحالتين، إما أنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية الدولية، وهو

شرط لا ينطبق على الدولة الجزائرية التي تتوفر على بعض من الصحة المالية المقبولة،

وبالتالي هناك شرط ثاني، وهو أن الدولة التي تلجأ إلى هكذا خيارات تكون من بين الدول التي نهشت الرشوة وعششت في جهازها الجمركي، وتجاوزت الحدود الدنيا، وهو ما يكون الدافع وراء اتخاذ الرئيس بوتفليقة لقراره بعد أن رأى أن الكيل طفح ولم يعد هناك ما يمكن السكوت عليه.

ومن أدق التقنيات الخبيثة التي تلجأ إليها مافيا الاستيراد في تحطيم الاقتصاد الوطني

وإثراء اللوبيات هي تقنية التصريح المخفض بقيمة السلع الواردة إلى الإقليم الجمركي، أي إلى التراب الوطني، وهذا لأن الجزائر لا تتوفر على قائمة أو آلية لتدقيق أسعار البضائع والمنتجات المستوردة سواء بتخفيض قيمتها أو رفعها بغرض الإثراء غير المشروع عن طريق التهرب الضريبي والجبائي.

 

الالتفاف على المادة 92 مكرر من قانون الجمارك

وتمكنت جهات نافدة جدا من الالتفاف على قرار الرئيس وتم الاتصال ببعض الشركات المتخصصة في المراقبة حتى قبل صدور النصوص التطبيقية للمادة 92 مكرر من قانون الجمارك.

يتطلب التعاقد مع هذه الشركات درجة عالية من الانتباه والحيطة والحذر من طرف الحكومة

وإلا سيجد أصحاب النفوس المريضة الباب مشرعا أمامهم للدخول في شراكة مع هذه الشركات التي تملك فروعا حول العامل ويكون حاميها حارميها مرة أخرى وبالتالي سيتم تفريغ قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من محتواه ومن أهدافه السامية، ويومها تكون السيادة الوطنية فعلا تحت رحمة هذه المجموعات العالمية التي تعمل لصالح لوبيات عالمية اخطر من السرطان في حد ذاته.

تجدر الإشارة برأي الخبراء والمختصين في قطاع الجمارك، إلى ضرورة انتباه رئيس الجمهورية كونه صاحب المبادرة إلى عدم الاكتفاء بتعيين شركات مراقبة في فرنسا

وبلدان الإتحاد الأوروبي، دون اللجوء إلى تعيين شركات في الدولة والمناطق الجغرافية

التي تتعامل معها الجزائر تجاريا بقوة ومنها الصين وكوريا الجنوبية وتركيا والولايات

المتحدة وبلدان أمريكا اللاتينية، وهذا من أجل غلق باب المناورات أمام اللوبيات المنتفعة من التحرير الفوضوي للتجارة الخارجية، وحتى يكون تقييم هذه الشركات موضوعيا ويمكن مراقبته على المدى المتوسط وقياس مدى نجاعتها وهل فعلا تراجعت قيمة السلع والبضائع وتحسنت نوعيتها بالمقارنة مع الوضع السابق، وخاصة منذ اعتماد نظام المستودعات العمومية والموانئ الجافة الخاضعة للجمارك والتي سمحت بارتفاع مذهل لحالات الرشوة والفساد وخاصة من طرف شركات النقل البحري الأجنبية التي حولت الجزائر إلى جنة مالية عاثت فيها فسادا بلا رقيب ولا حسيب.

ووجدت هذه الشركات حيلة ذكية للاغتناء على حساب المواطن والخزينة العمومية من خلال اشتراطها على المستورد نقل بضاعته إلى الميناء الجاف وهي حيلة لحصولها على حقوق إضافية، يدفعها المواطن من جيبه والخزينة العمومية في شكل أرباح بالعملة الصعبة تحول سنويا إلى الخارج من طرف شركات الشحن البحري الأجنبية التي اشتد ساعدها بأموال الجزائريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى