اقتصاد وأعمال

الخبير كريستيان دي بواسيو: العفو الضريبي الذي أقرته الجزائر “صيغة جيدة”

عبد الوهاب بوكروح

أكد البروفسور كريستيان دي بواسيو، الخبير الاقتصادي الفرنسي، أن قرار “العفو الضريبي” الذي أقرته الحكومة الجزائرية من خلال قانون المالية التكميلي 2015 بهدف استقطاب أموال السوق الموازية في البنوك، يعتبر “صيغة جيدة”.

وأضاف أستاذ الاقتصاد في جامعة ستراسبورغ، وعضو لجنة ضبط السوق المالية الفرنسية، وعضو المجلس العملي للجنة عمليات البورصة بالجزائر، خلال ندوة من تنظيم بنك الجزائر حول “تراجع العولمة وإعادة الهيكلة المالية”، الأربعاء 28 جانفي، بالجزائر العاصمة ، أن العملية إيجابية وبإمكانها المساهمة في استقطاب مدخرات القطاع الموازي(اقتصاد الظل) إلى الدائرة الرسمية بفضل هذه العمليات، مضيفا أن عنصر الثقة مهم جدا لنجاح العملية.

وحضر الندوة خبراء كبار ووزراء سابقون على غرار عبد اللطيف بن اشنهو وسيد علي بوكرامي ورؤساء البنوك والمؤسسات المالية العاملة بالجزائر، والمستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية كريم جودي الذي يعد من بين طلبة البروفسور دائع الصيت، دي بواسيو.

واعتبر الخبير الفرنسي بمثابة الصيغة الجيدة في انتظار ما تسرف عنه من نتائج كمية، مشددا على ضرورة إيجاد جسور بين الادخار الرسمي والادخار غير الرسمي في الجزائر، مضيفا أن نجاح العملية مرتبط أساسا بمستوى الثقة بين المتعاملين والإدارة الجبائية، وأن تسود الثقة بأن الادراة الضريبة لا تريد الإيقاع بهم، حتى وإن كان من الطبيعي ان يتبع كل عفو ضريبي بمراقبة جبائية.

وتطرق المتحدث إلى بعض النماذج “الناجحة” في العالم والمتمثلة في المثال الهندي الذي يمثل فيها اقتصاد الظل أو تمويل الظل حلا من الحلول الناجعة لتوفير التمويلات الضرورة للاقتصاد، محذرا من العواقب الخطيرة للفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازية، لأنه إذا ما استمر في الزمن لمدة طويلة سير كثير بصورة البلاد، مشيرا إلى ضرورة أن الهدف من الرقابة على سوق الصرف في النهاية هو تحرير هذه السوق.

وتعجب البروفسور كريستيان دي بواسيو، من تداول عملات صعبة كاليورو والدولار واليوان الصيني، على نطاق واسع في شوارع العاصمة الجزائر، مضيفا أنه يمكنه الحصول على اليوان الصيني في الجزائر ولا يمكنه ذلك في باريس.

وفي تناول البروفسور دي بواسيو، للوضعية المالية والاقتصادية العالمية، أعتبر أنها ليست بالكارثية كما كان عليه الحال في 2009، موضحا أن البنوك المركزية حول العالم قامت بضخ سيولة كبيرة وتمكنت من تفادي انكماش كبير ولكن انتهى الأمر بإثارة المضاربة، مشددا على أنه إذا كانت أزمة 2007 قد سببتها البنوك الأمريكية وقضية الرهن العقاري، فإن الأزمة المالية الجديدة التي تتضح ملامحها في أفق سنتي 2016 و2017 ستأتي هذه المرة من الأسواق المالية وليس من البنوك.

 

حرب أسعار الصرف

وتتمثل العوامل المحتملة التي ستسبب الأزمة المالية الجديدة في التمويل خارج القطاع البنكي في الصين، ورفع سعر الفائدة الأساسية من طرف البنك المركزي الأمريكي وحرب الصرف وخاصة من طرف اليابان والصين وأوروبا سعيدة بانخفاض الاورو بحوالي 20% مقابل الدولار، التي تبرز بين القوى العالمية، داعيا إلى “إيجاد توازن بين العامل النقدي المحفز وعامل الحيطة”، أي مرافقة ضخ السيولة لتمويل النمو والشغل بقواعد بنكية احترازية، مضيفا أن الخاسر منذ عامين في حرب الصرف هي الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة ان الخطاب السائد داخل مجموعة الـ7 وحتى داخل مجموعة الـ20 هو إلقاء اللائمة على أمريكا التي استفادت من الدولار الضعيف لمدة طويلة، وما علها سوى تحمل ذلك بعض الوقت.

من جهته أشار، محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي إلى اختلاف السياسات النقدية لأهم البنوك المركزية عبر العالم التي تتجلى بوضوح في 2016 وترمي بثقلها على الوضعية المالية الدولية خاصة على الدول النامية والسائرة في طريق النمو.

وأضاف أن الأوضاع المالية لهذه الفئة من الدول ستنكمش أكثر خلال السنة الجارية في ظل انخفاض أسعار المواد الأولية وتقلبات أسعار الصرف مما سيصعب أكثر فأكثر برامجها التعديلية خاصة بالنسبة لمصدري النفط.

وفي رد على سؤال حول النمو الصيني، قال الخبير الفرنسي، أن الحزب الشيوعي الصيني قرر في السنوات الأخيرة التحول من النمو المدعوم بالطلب الخارجي (الصادرات) نحو النمو من خلال الطلب الداخلي، ما يعني الانتقال نحو نموذج نمو مغاير يقوم على الطلب الداخلي، متوقعا أن تكون هناك مشاكل خلال المرحلة الانتقالية للتحول من نموذج إلى آخر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى