*جريدة راسين ، الثلاثاء 11 مارس 1958 . وسكنسن ، الولايات المتحدة الأمريكية
ترجمته إلى العربية : البهجة ستيت
باريس – AP
إن مصير الفتاة المسلمة المدانة “جميلة بوحيرد” و البالغة من العمر 21 ربيعا ، قد يضع ضمير فرنسا الآن في امتحان . سبق و أن قارنت إحدى الصحف البريطانية قضيتها مع تلك الشهيرة بقضية “دريفوس” .
لقد تمّت إدانتها و الحكم عليها بالإعدام بشهر جويلية الماضي من طرف محكمة عسكرية ، و التي وجدتها مذنبة في الضلوع بعمليتي تفجير إرهابيتين بالجزائر العاصمة و التي أديتا إلى قتل شخص و جرح أربعين آخرين .
الحكم بالمقصلة
علّق الحكم عليها بالإعدام بالمقصلة أمام مجلس الرأفة بباريس . تقول الدوائر القانونية أن المجلس سيقوم على الأرجح بتخفيض الحكم عليها ، ذلك بأنه في العادة لا تدان النساء بالإعدام في فرنسا . يحدث ذلك أحيانا ، كان آخرها منذ خمسة عشر عاما سبقت .
هناك خمسة من النساء محكوم عليهن بالإعدام بالجزائر ، بيد أن قضية “جميلة بوحيرد” ، من بين جميع القضايا الأخرى ، من اجتذبت الكثير من الدعاية بفرنسا و بأماكن أخرى من العالم .
قامت الصحيفة البريطانية الرائدة “لندن أوبسرفاتور” ، و التي تنتقد في الكثير من الأحيان الفرنسيين بالجزائر ، بمقارنة قضية “بوحيرد” بتلك التي حملت اسم القبطان “ألفرد دريفوس” ، و الذي أدين بتعسّف بتهمة التجسّس خلال فترة 1890 .
انتقاد المحاكمة
طالبت الكثير من الشخصيات بالمشرق العربي باستئناف طلب الرحمة من أجل النساء المسلمات ؛ كما قام الرئيس الروسي “كليمنت فوروشيلوف” بالأسبوع الفائت فقط بتقديم نفس الطلب . لم يكن هناك أي ردّ فرنسي رسمي عدا تلك الأقسام الخاصة بالصحافة الفرنسية من قامت بالتغطية الكاملة .
لم يكن هناك أي جرف عارم من السخط بفرنسا حول إدانتها و الحكم عليها ، فلربما كان مرجعه إلى الشعور السائد بأن الحكم عليها سيخفّف ، و إلى تلك المشاعر الناقمة في ما يتعلق بالأعمال الإرهابية في الجزائر.
كما لم يحاول المدافعون عن “جميلة” إثارة مسألة ما إن كانت مذنبة بالجرائم المتهمة بها ، بل بالأحرى بطريقة محاكمتها و سلوك معاملتها سلفا أثناء القبض عليها .أشير بأصابع الاتهام باحتجازها من طرف المظلّيين لمدة أسبوعين ، قبل أن يتمّ تسليمها إلى السلطات القضائية الفرنسية . فقد أتّهم المظلّيين الفرنسيين بارتكاب أعمال التعذيب على بعض من مساجينهم .نفت الحكومة أي أفعال تعذيب شائعة بالجزائر ، عدا تلك التحقيقات المستقلة التي أجريت ببعض القضايا .
القبض عليها بالجزائر العاصمة
حمّلت المسؤولية كذلك على أن الفتاة المسلمة حوكمت في أجواء طالبت بإدانتها ، و بأن إجراء المحكمة كان مخالفا للقواعد في أحسن الأحوال . أحيك اعترافا –و التي نفته هي بنفسها بأن تكون قد قالته –في آخر يوم من المحاكمة، كما أكّد الدفاع بعدم أي معرفة مسبقة لهذه الوثيقة . لكن الفرنسيون أصرّوا على أن محاكمتها أثبتت تورّطها .
بقيت “جميلة بوحيرد” محبوسة في سجن بالجزائر العاصمة تنتظر نتيجة طلبها الرأفة ، و الذي سينظر فيه قريبا كما تقول دوائر المحكمة . و لعلّه بنتيجة الدعاية التي حظيت بها قضيتها ، باحت فرنسا بكشف عدد الإعدامات التي قامت بها في الجزائر . لقد أعدم مائة و سبعة و عشرين شخصا بالمقصلة منذ بداية الثورة من ثلاث سنوات مضت ، كما يقول الفرنسيون . كما لم يكن من بين هؤلاء الثوار من قبض عليه في اشتباك مع القوات الفرنسية النظامية و لم يكن لوجود أي امرأة من بينهم تذكر.
*تنويه من المترجم : “حتى لا ننسى اليوم من حارب من أجلنا بالأمس ؛ نحن نتكلم عن الجزائر …بلد الأبطال”