اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر
أخر الأخبار

المعدل الرسمي عند 4.5%: جدل حول أرقام التضخم الحقيقي في الجزائر

بوكروح عبد الوهاب

يثير الإعلان عن معدلات التضخم ( أسعار المستهلكين ) في السنوات الأخيرة ، جدلا في أوساط المتخصصين، ليشير بعضهم إلى أنها أقل كثيرا من الواقع.

وبحسب بيان للديوان القومي للإحصاء بالجزائر، اليوم الأربعاء، فإن معدل التضخم سجل خلال العام الماضي، ترجعا ملموسا إلى 4.5%.

وتشهد القدرة الشرائية لقطاع عريض من المواطنين الجزائريين تراجعا حادا وبخاصة منذ مطلع العام 2016، تزامن مع تراجع أسعار المحروقات في الأسواق الدولية ما شكل صدمة خارجية لسعر صرف الدينار الجزائري الذي بات لا يملك أي حماية.

ومع تسارع تأكل احتياطات البلاد من النقد الأجنبي (أقل من 80 مليار دولار حاليا)، لجأت الحكومة إلى الحل الأسوأ وهو تخفيض قيمة الدينار إداريا، ما شكل ضربة لمدخرات الجزائريين وقدرتهم الشرائية وكبدهم خسائر جمة، قبل أن يتقرر في ظروف مجهولة اللجوء إلى قرار أكثر خطورة من تخفيض الدينار إداريا وهو قرار الترخيص لبنك الجزائر بطباعة النقود (طباعة ما يعادل 40 مليار دولار في اقل من عام) الذي يعتبر بالمفهوم الاقتصادي عملية محفوفة بالمخاطر في دولة مثل الجزائر.

ومنذ العام 2013 لم يسجل التضخم في الجزائر أي تراجع، بل عرفت البلاد تزايد معدلات التضخم.

وعرفت الجزائر بين 2011 و2012 زيادة حادة في معدل التضخم بلغ 8.9% نتيجة الزيادات في أجور العاملين في القطاع الحكومي بأثر رجعي من يناير 2008.

وشملت الزيادات في أجور العاملين في قطاعات التعليم والصحة والعاملين في الشرطة والجيش والإعلام والثقافة، حيث تراوحت بين 30 و100% في بعض القطاعات.

ولم ترافق هذه الزيادات ارتفاع يذكر في إنتاجية القطاع الاقتصادي فضلا عن التراجع القوي في مساهمة الصناعة الجزائرية في الناتج المحلي.

ويعتبر الوظيف العمومي في الجزائر أكبر عبأ على الموازنة العامة للدولة ولا تغطي الضرائب والرسوم العادية 50% من أجور العاملين بالقطاع العام، في بلد تمثل المحروقات 98% من صادراته.

التضخم الحقيقي فوق 10% بدون دعم

ويرى قطاع عريض من خبراء الاقتصاد أن التضخم الحقيقي يفوق 10% على الأقل، حيث تعتبر الأرقام الرسمية المعلنة بالأرقام بعد التعديل عن طريق سياسة الدعم الحكومي لأسعار المواد الأساسية والطاقة والوقود والتحويلات الاجتماعية داخل وخارج الموازنة.

وتبلغ الكلفة الإجمالية للدعم 35-40 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017 ما يعادل 60 مليار دولار.

وتبين مع مرور الوقت أن الحكومة أصبحت غير قادرة على الاستمرار في تحمل هذه التكلفة الخيالية بعدما هوت أسعار النفط، لأن حجم الدعم الذي تخصصه الحكومة للحفاظ على السلم الاجتماعي ومنع الانفجار، فاق العام الماضي إجمالي صادرات البلاد النفطية وغير النفطية.

ويعتمد الديوان القومي للإحصاء على مقاربة تعود للعام 2001 في حساب التضخم في الجزائر، وهي مقاربة تجاوزها الزمن خلال العشريتين الماضيتين نتيجة التحويل الهيكلي في أنماط الاستهلاك في البلاد، وفق خبراء الإحصاء.

الفئات المحدودة الدخل تنفق 70% للحصول على الغذاء

ترفض الحكومة الجزائرية إعطاء تفاصيل أدق حول طرق الحساب وتعتمد معدلا عاما للتضخم السنوي في البلاد.

ويعتبر النموذج المطبق من جانب ديوان الإحصاء، في حساب معدل التضخم العام في الجزائر، غير سليم 100%، لأنه يعطي نسبة عامة لا تعكس الوضعية الحقيقة للقدرة الشرائية للأسر محدودة الدخل التي تنفق أكثر من 80% من دخلها على الغذاء. في هذه الحالة تكون نسبة التضخم التي تمس هذه الشريحة من الفئات الهشة والمحرومة قرب 20% وليس كما تعلنه الحكومة عند 4.5%”.

ومعروف أن الجزائر تدفع بالعملة الصعبة لاستيراد التضخم بسبب ضعف جهازها الإنتاجي واعتمادها المطلق على الخارج في تغطية جزء كبير من الطلب المحلي الذي يرتفع من عام لآخر بسبب رفع الأجور بدون ربطها بالإنتاجية.

ومنذ العام 2005 انفجرت واردات البلاد وبلغت في العام 2013 ما يناهز 72 مليار دولار باحتساب واردات الخدمات، فيما عجزت الحكومة منذ 2014 ورغم العديد من الإجراءات في خفض الفاتورة لأقل من 55 مليار دولار.

يذكر أن الظاهرة التضخمية ملازمة لكل اقتصاديات العالم، ولكن لا يجب أن تتجاوز مستوى النمو الاقتصادي وإلا أصبحت خطرا سياسيا على أمن البلاد.

ولم يتعدى معدل النمو الذي حققته الجزائر بين 2000 و2018 ما يعادل 3-4 % في المتوسط بحسب أرقام صندوق النقد الدولي.

ويقول خبراء مستقلون أن البلاد كانت تحتاج لمعدلات نمو خلال الفترة السابقة بين 8-10% للخروج من دائرة التخلف لتصبح واحدة من الدول الناشئة، ولكنها لن تحقق الهدف، يؤكد هؤلاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى