أراء وتحاليلاقتصاد وأعمال

بترول: استثمارات بـ 200 مليار دولار في إيران ورفع للإنتاج في الكويت

د. بغداد مندوش*

في منتصف جانفي 2016، نشرت مقالا على موقع “الجزائر اليوم”، تناولت من خلاله إشكالية انخفاض أسعار النفط على المدى القصير والمتوسط، مستعرضا الأسباب الهيكلية وشبه الهيكلية والأسباب الظرفية، وتم التركيز على أن الأزمة الراهنة تختلف كليا عن نظيرتها في العام 1986 من خلال استمرارها في الزمن.

إن التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي والوكالة الدولية للطاقة الصادرة قبل أسبوع، جاءت مرة أخرى مؤكدة لما تطرقنا إليه منتصف جانفي، من حيث أن الأسعار على المدى المتوسط لن تتجاوز مستوى 40 – 45 دولار للبرميل، وأن الفرضية الوحيدة التي تشير إلى إمكانية ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 45 – 80 دولار، لن تتحقق إلا بحلول العام 2020، وهو ما يتعارض مع توقعات خبير جزائري خلال إحدى النقاشات التلفزيونية، الذي ذهب إلى أن ” مخاوف المواطنين من جراء تهاوي أسعار النفط غير مبررة، لكون الأسعار ستعاود قريبا الارتفاع نحو 60 دولار للبرميل خلال العام الجاري 2016″.

الجميع يتمنى أن تصبح هذه التطمينات حقيقة لصالح الاقتصاد الجزائري ولصالح المواطنين. لكن وللأسف الشديد، واقع الصناعة البترولية والغازية في العالم غير ذلك تماما، وبعيدة كل البعد عن ارتفاع الأسعار إلى تلك المستويات التي تحدث عنها الخبير الجزائري في زمن قياسي.

وبالنظر إلى تقرير منظمة أوبك لشهر جانفي، بلغ إنتاج المنظمة 32.5 مليون برميل، يضاف إلى ذلك إعلان الكويت قبل أسبوع رفع إنتاجه النفطي إلى 3.4 مليون برميل يوميا من 3 مليون، في حين أعلنت إيران من خلال وزيرها للبترول عن استثمارات بـ200 مليار دولار في قطاع النفط والغاز خلال الأعوام الخمسة القادمة، بهدف تحديث تجهيزاتها الطاقوية التي تضررت من فترة عقوبات دامت لسنوات طويلة.

إعلان طهران جاء خلال منتدى دولي للطاقة نظمته إيران منتصف نوفمبر الماضي بمشاركة أزيد من 150 شركة نفطية دولية من بينها الشركات العملاقة في المجال، على غرار توتال وشل وايكسون موبيل وريبسول وبي بي لوك أويل.

المنتدى كان مناسبة مواتية لإيران لإظهار طريقة التعاقد الجديدة القائمة على قاعدة 51/49% مع إمكانية استفادة المساهمين الأجانب (الشركاء) من البيع الحر لحصصهم غير المحدودة في السوق الدولية، وهذا لرفع جميع العراقيل التي كانت قبل الحظر تنفر الشركات النفطية العالمية ومنها قاعدة “إعادة الشراء” (BUY-BACK) التي تطبقها إيران وهي قاعدة غير جاذبة للاستثمارات في القطاع.

قاعدة “إعادة الشراء” (BUY-BACK) تتمثل في قيام الشركة الإيرانية الحكومية للنفط (NGIC) بدفع حصة ثابتة بشكل مسبق وغير مرتبط بتغير الإنتاج. كما أن النظام الجديد للعقود يمتد لـ20 عاما فضلا عن تضمنه تطوير الحقول.

وعند معرفة أن إيران ستركز جهدها (من خلال الخطة الاستثمارية) على تطوير 70 حقل جديد بالصيغة الجديدة، وبأنها تطمح لرفع أنتاجها إلى 6 مليون برميل/يوميا بحلول العام 2025 مقابل 3 مليون حاليا، فإننا نفهم بسرعة أن السوق العالمية غير قادرة على استيعاب الزيادات في الإنتاج العالمي، وأن الأسعار ستبقى لمدة أطول عند مستوياتها الضعيفة التي أشار إليها صندوق النقد الدولي في توقعاته الأخيرة.

على صعيد آخر، نسجل إحياء المفاوضات بين إيران وأوربا وبالخصوص مع العملاق الايطالي إيني(ENI) بشأن بناء أنبوب غاز يربط بين إيران بالدول الأوروبية عبر تركيا بهدف بيع الغاز الإيراني، وهو المشروع الذي تعتبر مردوديته عالية جدا، مما سينجر عنه إعادة تقاسم حصص السوق الأوروبية للطاقة بين اللاعبين التقليدين ومنهم بطبيعة الحال الجزائر.

 

(*) خبير طاقوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى