أراء وتحاليلالرئيسيةسلايدر

بوتفليقة أحسن اختيار تهنئة ماكرون..وفرنسا !

زكرياء حبيبي

من جميل الصدف أن تهنئة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للرئيس الفرنسي المنتخب إمانويال ماكرون، تزامنت مع ذكرى مجازر 8 ماي 1945، فالرئيس بوتفليقة لم يشأ أن يتقدّم للرئيس ماكرون بتهانيه عشية ذكرى هذه المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها فرنسا الإستعمارية بحق آلاف الضحايا من المدنيين الجزائريين الذين خرجوا في هذا اليوم يتقدمهم فوج من أطفالنا الكشفيين وهم يحملون الزهور، ليُذكروا الفرنسيين بأن الشعب الجزائري، هو شعب مُسالم وتوّاق إلى السّلم، بل إنّ الرئيس بوتفليقة تعمّد أن يُوجّه تهنئته للرئيس الفرنسي المنتخب ماكرون في يوم ذكرى مجازر 8 ماي 1945، للفت انتباهه بأن أهم إشكالية تعيق تطوير علاقاتنا مع فرنسا هي إشكالية التاريخ. ما حدث برأيي ليس بصُدفة، فالرئيس بوتفليقة المُتمرّس في السيّاسة من يوم أن كان الرئيس المُنتخب ماكرون جنينا في رحم أُمّه، يعي جيّدا أن فرنسا التي تحضّرت جيّدا لاستقلال الجزائر منذ سنة 1958، هي نفسها فرنسا مع هولاند أو ماكرون، وبالتالي فعليه أن يُحسن اللعب مع المُؤسسة الفرنسية التي لم تقبل ليومنا هذا الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر، لا لشيء سوى لكونه كمجاهد من الرعيل الأول للثورة، بات اليوم هو رئيس الجمهورية الجزائرية المستقلة، الذي يعرف ما للإستعمار الفرنسي في الجزائر وما عليه، وهذا برأيي ما يُخيف حفدة فرنسا الإستعمارية الذين يُريدون إلى يومنا هذا بسط سيادة فرنسا على الجزائر المُستقلّة عبر التحكم بشكل فعلي ومُباشر في بيادق فرنسا في الجزائر، وتحريكهم باتجاه خدمة مصالح فرنسا في الجزائر لا غير.

هنا أَقول للفرنسيين أن أفق اللعب مغلق في الجزائر، فإمّا تعترفون بجرائمكم، وتقطعون مع هذه المرحلة المُظلمة في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية، أو تتركون اللعب يخرج من أيديكم وتفقدون الجزائر كبلد صديق، وهنا كذلك أؤكّد وأُجدّد التأكيد أن الجزائر لا تنتظر من فرنسا سوى اعترافها بجرائمها في الجزائر، لإطلاق مسلسل التطبيع الكُلي مع باريس، وهو التطبيع الذي نصبو إليه جميعا، والذي يُكرّس بحق استقلال الجزائر وسيادتها على أراضيها وقراراتها، ويعكس إعتراف الفرنسيين بأن الجزائر هي دولة سيّدة في قراراتها واختياراتها، وليست بحاجة إلى رضا أو تزكية الإليزيه. الخُلاصة برأيي أنه لا مجال للحديث عن تعاون جزائري فرنسي، ونحن لم نحسم مع الذاكرة، فالجزائري من غير المقبول أن يقبل للحظة بنسيان الماضي الإستعماري الفرنسي، الذي لا يزال إلى يومنا هذا يؤثّر على خياراتنا وتوجّهاتنا، لكن ما دام أنّ الرئيس المُجاهد بوتفليقة قد وضع النّقاط على الحُروف في ذكرى مجازر ماي 1945، فلا أنتظر البتّة أن تتطوّر علاقاتنا مع فرنسا سوى إن هي قبلت بالإعتراف بجرائمها ضدّ الإنسانية في الجزائر، ولا أنتظر كذلك سوى أنّ الجزائريين سوف يُواصلون المُطالبة بحقوقهم ولو كره الفرنسيون لأنه “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كــما يطوى الكـتاب.

يا فرنسا إن ذا يوم الـحساب فاستعدي وخذي منا الجواب”، ولهذا كُلّه نقول لفرنسا إنّنا لا نكرهك، لكن عليك أن تدفعينا إلى محبّتك باعترافك بجرائمك الاستعمارية بحقّنا لا غير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى