الجزائر

بوتفليقة : “جيلنا أدى ما عليه والتجارب الديمقراطية لا تستورد”

نسرين لعراش

دافع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الأحد 7 فيفري، عن الدستور الجديد، في رسالة لنواب البرلمان بغرفتيه، قرأها نيابة عنه رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.

وقال بوتفليقة، إن الجزائر تسجل “صفحة جديدة من تاريخها السياسي والدستوري”، مؤكدا على أن التصويت تم في إطار احترام التنوع الديمقراطي والتعددية، والاختيار الحر من قبل الشعب سواء بالامتناع أو الاعتراض أو الموافقة.

وأكد بوتفليقة: “في الواقع، إذا كان هناك عدد من البرلمانيين قد صوت ضد المشروع، وعدد آخر قد فضل الامتناع، فذلك يكشف عن برلمان يعمل بإيقاع ديمقراطية تعددية، برلمان تم اختياره بحرية من قبل الشعب للتعبير عن إرادته، يعكس تنوع تيارات الأفكار والآراء التي تسود مجتمعنا”.

وحضر حزب العمال جلسة التصويت، ولكنه قرر الامتناع عن التصويت.

وشدد بوتفليقة، على أن “قرار المضي بمسار الإصلاحات إلى نهايتها، في جانبها السياسي، كان هدفه قبل كل شيء، الاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبنا، انسجاما مع المتغيرات التي يشهدها العالم، وتعميق الديمقراطية ودعم أركان دولة القانون، وكذا توطيد الضمانات الدستورية لترقية وحماية الحقوق وحريات الإنسان والمواطن في بلادنا”.

رئيس الجمهورية أكد “أن قرار الشروع في إصلاحات سياسية، قد تم بعد تلك التي شرعت فيها قبل بضعة سنين حول الوئام المدني والمصالحة الوطنية بهدف أصبح ذا أولوية عالية، وهو استعادة السلم وأمن الأشخاص والممتلكات في بلادنا، كما التزمت بذلك عام 1999″، مشيرا إلى عودة “السلم إلى القلوب والأذهان بعد سنوات طوال من إرهاب همجي كان هدفه الأساس تحطيم أسس الدولة، وإنكار حق الجزائريين في الاختلاف، بل حتى حقهم في الحياة”.

 

وكشف رئيس الدولة في رسالته مخاطبا نواب البرلمان: “أن الآثار الاقتصادية المترتبة عن انخفاض أسعار المحروقات، لن تؤثر على “إرادتنا في حماية الجانب الاجتماعي”، في حين أوضح على أن تراجع أسعار المحروقات بإمكانها أن تؤثر حاليا على إعادة تقويم وتيرة الأولويات الوطنية، مضيفا أن الشعب الجزائري يرفض كل أشكال الانهزامية والاستسلام للأمر الواقع المفروض.

 

مرحلة دستورية وسياسية أفضل

واستطرد بوتفليقة في رسالته لنواب البرلمان بغرفتيه، إن الإصلاحات التي باشرها ليست بالطبع غاية في حد ذاتها، فهي تسمح للمجتمع بالانتقال من مرحلة سياسية ودستورية معينة إلى مرحلة أخرى، أفضل نوعيا، تتجلى عبر الزمن في بناء مجتمع مؤسس على القيم الجمهورية ومبادئ الديمقراطية وتعزيز استقرار المؤسسات وحماية الوطن من أية مغامرة خطيرة. كما سمح هذا المسعى أيضا بالشروع في رصانة ومناخ هادئ في إصلاحات سياسية معتبرة لصالح شعبنا، بالرغم من محيط أمني عدائي مثقل بالتهديدات، في زمن وجدت فيه بلدان أخرى نفسها، للأسف الشديد، بالرغم من رفض شعوبها مستهدفة بأعمال عنف مبيتة لنشر الرعب والفوضى، والذي نتج عنهما، فضلا عن ضخامة الخسائر في الأرواح والممتلكات، استمرار شبح اللاإستقرار السياسي وتأجيل عودة السلم، الذي هو شرط أساس لكل تنمية.

 

 الديمقراطية لا تستورد وتجارب الآخرين لا تستنسخ       

بوتفليقة، شدد في رسالته للنواب، أن الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان يشكلون ثالوثا ينبني بصبر ومثابرة، ويتم إنجازه حجرا حجرا من قبل الشعب والمؤسسات التي ينشئها لنفسه في مرحلة معينة من تاريخه، وهي إنجاز يتحقق على مدى الزمن، مضيفا أن الديمقراطية لا يمكن أن تستورد، كما لا يمكن أن تستنسخ المؤسسات والمفاهيم طبق الأصل، لأنها نتاج تاريخ خاص بأمم أخرى.

مضيفا أنه لا يجب تبنى نتائج خطابات ونقاشات، حتى ولو كانت صائبة، بتجاهل تاريخها وخصوصيات مجتمعها، لأن التبني الآلي لهذه التصورات الآتية من جهات أخرى، والتي لعلها استطاعت أن تحقق نتائج مفيدة في المجتمعات التي ولدت فيها، ينتج عنه، ليس فقط، الابتعاد الخطير عن واقعنا الوطني، بل أيضا وخاصة، المجازفة بالتماثل مع هذه البلدان، والتوهم بالارتقاء إلى مستوى مجتمعات قد تشبعت بممارسة الديمقراطية منذ قرون، مضيفا أنه يؤمن بأن كل مجتمع انساني قادر على الاختراع، قادر على أن يصنع بكل سيادة، وفق إيقاع تاريخه السياسي الخاص وطموحات شعبه، نظاما سياسيا، هو ذاته نتاج ذلك التاريخ، ومستوحي من جهة أخرى، من القيم والمبادئ العالمية.

 

جيلنا أدى ما عليه

بوتفليقة في رسالته نواب البرلمان، لم يفوته التأكيد على أن جيله أدى ما عليه، وأن جزائر اليوم ليست تلك التي كانت في التسعينيات: “لدى جيلنا قناعة أنه أدى ما يجب عليه، في الوقت الذي ينبغي، وبالوسائل المتاحة له. وقد يكون لجيل أخر رؤية مختلفة عن رؤيتنا، سيواصل بأفكار أخرى ووسائل أخرى وطرق أخرى ما أنجزه أسلافه”، مضيفا “سيورث هذا الجيل بدوره، في الوقت المناسب الإنجاز الذي حققه إلى الجيل اللاحق. وهكذا فكل جيل من الأجيال يكون قد ساهم في البناء المتأني للصرح الدستوري، بخصوصية مسعاه وبصماته المتميزة..هكذا تنبني عبر الزمن بخطى ثابتة مع الاستمرارية والتنوع، أسس الأمم القوية بالإرادة الصلبة لشعوبها”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى