الجزائر

بوتفليقة يشدد على استقلالية القرار الجزائري ويرفض الخضوع للابتزاز السعودي

الجزائر اليوم

مرة أخرى تقف الجزائر على مسافة من مواقف دول الخليج التي تقررها السعودية، وترفض الانسياق وراء مغامرات مجلس التعاون الخليجي، كالأعمى، مشددة على أنها دولة ذات سيادة وسيدة في اتخاذ قرارتها خاصة عندما يتعلق الأمر بالخط الأحمر المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول(عربية وغير عربية)، وترفض تقديم الهدايا لإسرائيل والخضوع للمال السعودي الذي اشترى المواقف العربية داخل مؤسسات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

الأمر ليس بجديد، على الرغم من الضغوط الهائلة التي تعرضت إليها الجزائر وحتى الحرب التي أعلنت عليها من قبل عصابة الإرهاب الدولي المدعومة بغطاء الفتاوى التكفيرية من مشايخ الخليج، طيلة عشرية كاملة، ولكنها لم تركع، وحاليا حرب النفط المعلنة من السعودية صراحة.

منذ العام 1999 ومع وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم وبداية الخروج من النفق، ازداد مواقف الجزائر قوة، سواء ما تعلق بالقضايا العربية – العربية، أو بخلافها على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته الجزائر نظير ذلك وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث بقيت الجزائر الدولة الوحيدة المتشبثة بموقفها من القضية، بعد تنازل كل العرب بدون استثناء عن القضية ووضع الشعب الفلسطيني في الزاوية وحيدا محاصرا من قطعان الصهاينة وحلفائهم من اليمين المتصهين في الغرب، وإفساح المجال من السعودية أمام إسرائيل لشن حروب مستقبلية على المقاومة في لبنان وغزة بعد تصنيف حزب الله “حركة إرهابية”.

العشرات والعشرات من القضايا من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا ومصر، وصولا إلى تصنيف مشيخات الخليج لحزب الله اللبناني المشارك في الحكومة والبرلمان اللبناني “منظمة إرهابية”، الجزائر برئيسها عبد العزيز بوتفليقة وقرارها المستقل، قالت لا.. وما أصعب قولة لا.. في هذا الزمن العربي الردئ..الجزائر قالت لا.. لأنها ترفض الانصياع وراء المواقف العاطفية وترفض الدخول في المواقف المزاجية الصادرة عن “غلمان” لم يصلوا بعض سن الرشد.

الجزائر ترفض أن ترى نفسها تنجر مع الوضاعة وهي التي كانت لها القول الفصل بمواقفها من قضايا دولية مستعصية، ولا اقلها أزمة السفارة الأمريكية في طهران والتي تم حلها بحكمة وحنكة الجزائر على الرغم من الطعنة العربية في الظهر للجزائر (خسارة الدبلوماسي، محمد الصديق بن يحي، وزير الخارجية الذي لقبه الاستعمار الفرنسي بـ”ثعلب الصحراء”، إثر “إسقاط” طائرته بين الحدود العراقية التركية، يوم 3 ماي 1982 بصاروخ عراقي) ولم يشفع  للجزائر نجاحها في عام 1975 في حل النزاع بين إيران والعراق من خلال اتفاق الجزائر.

الجزائر ترفض أن تسبح في القذارة وهي التي بحكمة دبلوماسيتها وإيمانها بأن هناك شيء اسمه الأخوة العربية تمكنت من إطفاء نار الحرب الأهلية في لبنان من خلال اتفاق الطائف في 30 سبتمبر 1989 بفضل جهود الدبلوماسي المحنك مبعوث الأمم المتحدة لخضر الإبراهيمي.

الجزائر تحت قيادة بوتفليقة، رفضت آخر امتحان أو فخ لتوريطها من قبل مشيخات الخليج بخصوص إعلان حزب الله “حركة إرهابية”، حيث خرج وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة لإعلان موقف الجزائر الصريح الذي لا يقبل المساومة:” أن الأمر يتعلق بحركة سياسية عسكرية تعتبر عنصرا فاعلا في الساحة السياسية الداخلية اللبنانية”.

وأضاف وزير الخارجية والتعاون الدولي:”علينا أن نحترم أولا دستور لبنان ونحترم الترتيبات التي يبنى على أساسها التعايش في هذا البلد”.

وأكد لعمامرة فيما يخص الجزائر: “نعتقد أن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية كاف لوضع الرؤية السديدة أمام أعين الجميع فيما يتعلق بالوضع في لبنان”.

وتؤكد الجزائر مجددا أنها لا تنحاز لقرارات المملكة الوهابية العديدة التي تعتبر بمثابة إعلان حرب ضد دول عربية عديدة ومنها اليمن ولبنان وسوريا ومصر وليبيا، وحتى إعلان التحالف السني ضد إيران الذي أعلنته السعودية مؤخرا، وخاصة أن القرار داخل مجلس التعاون الخليجي تقرره السعودية وما على المشيخات الأخرى سوى الانصياع بسبب ضعفهم العددي سكانيا وصغر حجمهم الجغرافي مساحة، بل وأصبحت السعودية هي من يحدد قائمة العدو والصديق لأعضاء مجلس التعاون.

الجزائر بقرارها القوي الرافض للتصنيف العنصري من مشيخات الخليج تجاه حزب الله اللبناني، يمثل صفعة قوية للمواقف المغامرة للسعودية وشقيقاتها في تجمع مجلس التعاون الخليجي تجاه اليمن وسوريا وليبيا ولبنان مؤخرا، وهو موقف شريف من الجزائر يؤكد البراءة من المشاركة في إراقة دم العرب، وترفض الجزائر الانصياع للقرار السعودي الذي يريد أن يسلم الجامعة العربية لإسرائيل، وممكن الترحيب بانضمامها القريب للجامعة لعضو كامل الحقوق.

يبقى الآن أن تقرأ الجزائر حذرها من الحرب القادمة من الإرهاب التكفيري الداعشي الوهابي عليها، بما أن الإرهاب أصبح من أدوات التدجين وتفتيت الأوطان التي ترفض الخضوع للتحالف السعودي – الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى