أراء وتحاليلالجزائرالرئيسيةسلايدر

بوتفليقة يُحبط أخطر مؤامرة على الجزائر

* أعاد الرّوح للانتخابات التشريعية وصعقَ دُعاة المقاطعة

   زكرياء حبيبي

لعلّ أهم خلاصة يمكن استخلاصها من استقراء نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الخميس  4 ماي، في الجزائر، هي أنه ولأول مرة منذ 20 سنة خلت لم يفز حزب جبهة التحرير الوطني “الأفلان” بالأغلبية الساحقة في المجلس الشعبي الوطني “البرلمان”، بل إنه اكتفى بحصد 164 مقعد من ضمن462 يَعدها المجلس التشريعي، وهو بذلك مجبر على البحث عن تحالفات تمكنه من تشكيل الحكومة القادمة، ما يعني أن هذه الانتخابات قد قطعت وبشكل واضح مع مفهوم “الحزب الحاكم” في الجزائر، وفسحت المجال للحديث عن “الائتلاف الحاكم” وهو ما سبق أن توقّعت حدوثه في مقال لي بعنوان “تشريعيات 4 مايو نهاية لـ-الحزب الحاكم- في الجزائر” نشرته يوم 10 أبريل 2017، من خلال استقراء مستجدات الساحة السياسية حينها، واليوم خلصت نتائج هذه الإنتخابات إلى تكريس هذا التوقع، إذ أن الأفلان خسر 57 مقعدا بالنظر إلى النتيجة التي حققها في انتخابات 2012، والتي حصد فيها 221 مقعد، وهذا لا يمكن تفسيره على الإطلاق بتراجع قوة الحزب، وإنما إلى المشاركة القوية للأحزاب المنافسة هذه المرّة والتي قارب عددها 60 حزبا، وهو الأمر الذي لم يسبق تسجيله في المواعيد الإنتخابية السابقة.

وبرأيي أن هذه النتيجة ستمثل إشارة انطلاق لصيغة تشاركية جديدة في الحكومة، لأنه لا يمكن للأفلان أن يشكل الحكومة القادمة بمفرده، كما لا يمكنه أن يكتفي بالتحالف مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي الفائز ب 97 مقعد، برغم أن هذا التحالف يضمن الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة، أي أكثر من 231 مقعد، على اعتبار أن مجموع المقاعد بالمجلس الشعبي الوطني هو 462 مقعد، فالأفلان يعي جيّدا أن الظرف السياسي الحالي يتطلب منه تشكيل تحالف موسع، ليشمل كل الأحزاب الداعمة لبرنامج الرئيس بوتفليقة، وهو ما أكده نهار يومه الجمعة 05 ماي الأمين العام للأفلان السيد جمال ولد عباس، حيث إنه من غير المنطقي أن يترك الأفلان أحزابا كتجمع أمل الجزائر “تاج” الذي يتزعمه عمار غول والذي حصد 19 مقعد، والحركة الشعبية الجزائرية بقيادة عمارة بن يونس ب 13 مقعد خارج دائرة الحكومة، وهما الحزبان اللذان ساندا ولا يزالان الرئيس بوتفليقة، كما لا يستبعد أن يلتحق بهذا التحالف حزب جبهة المستقبل الذي يرأسه عبد العزيز بلعيد والذي فاز هو الآخر ب 14 مقعد، فمثل هذا التحالف المتوقع حصوله، سوف لن يترك أي هامش للمناورة من قبل باقي الأحزاب المعارضة وعلى رأسها تحالف مجتمع حركة السلم “حمس” الفائز ب 33 مقعد، وتحالف الاتحاد من اجل النهضة والعدالة والبناء الذي حصد 15 مقعد، واللذان يمثلان التيار الإسلامي، إضافة إلى باقي الأحزاب المعارضة الأخرى كالأففاس والأرسيدي وحزب العمال… فالظاهر أن المعارضة مجتمعة لن تتمكن من الوقوف في وجه تحالف الأحزاب المؤيدة للرئيس بوتفليقة، وعليها انتظار خمس سنوات أخرى أي موعد الإنتخابات التشريعية القادمة، للعمل على تغيير الخارطة السياسية وموازين القوى.

وبالرجوع إلى نسبة المشاركة في الإنتخابات التشريعية والتي وصلت إلى حدود  38.25 بالمائة، فيجب الإقرار بأنها نسبة جيّدة للغاية، بخاصة أنّها تحققت في خضم حملة غير مسبوقة لجهات معلومة ومجهولة في الداخل والخارج وعبر مواقع التواصل الاجتماعي على وجه التحديد، دعت الجزائريين إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية، وتفنّنت في تقديم دعواتها هذه في أشكال فنية ك”الكليبات” للتأثير على شريحة الشباب بالدرجة الأولى، فنسبة 38.25 تُعتبر بحدّ ذاتها إنجازا كبيرا، وردّا صاعقا على دُعاة المقاطعة ومُشغّليهم، الذين كانوا يُخطّطون لنشر الفوضى في الجزائر، وإلحاقها ب”زريبة الربيع العربي”، فهذه النسبة لم تقوَ حتى كبريات الدول الديمقراطية على تحقيقها في مواعيدها الإنتخابية، لكن يتوجب علينا أن نتساءل عن السّر الكامن وراء اندحار دُعاة المقاطعة، فباعتقادي أن خروج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأداء واجبه الانتخابي قد قلب كلّ المُعادلات، وأعاد تصحيح البوصلة وتوجيه الشعب الجزائري إلى الاتجاه الصواب، فخروج الرئيس بوتفليقة الذي شاءت قوى الشرّ أن تشيع عن صحته العديد من الأخبار الكاذبة والمُغرضة، التي وصلت إلى حدّ الإدعاء بأن الإنتخابات التشريعية الغرض الأساسي منها هو التحضير لما بعد الرئيس بوتفليقة، قُلت إن خروجه هذا صدم أعداء الجزائر وأعاد الأمل للجزائريين وطمأنهم بأن الجزائر بخير، فالشعب الجزائري في غالبيته يحبّ الرئيس بوتفليقة، ولا أدلّ على ذلك من أن ظاهرة تمزيق ملصقات قوائم المترشحين في كل ولايات الوطن، لم تطل صور الرئيس بوتفليقة على الإطلاق، وهو ما يشهد عليه سكان مدينة وهران، التي عاشت على وقع هذه الظاهرة منذ بداية الحملة الإنتخابية وإلى غاية يوم الإقتراع، وبذلك فإن الفضل في تحريك نسبة المشاركة في التصويت يعود للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الواعي جيّدا بما يُحاك ضد الجزائر من مؤامرات ودسائس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى