الجزائرالرئيسيةسيارات

حرائق وانقطاع الكهرباء والماء: صيف الجزائريين تحول إلى جحيم

وليد أشرف

تجاوز عدد الحرائق التي سجلت على المستوى الوطني 1200 حريق منذ بداية جوان إل غاية الأسبوع الأول من شهر أغسطس الجاري، محولة عشرات ألاف الهكتارات من الغابات والأحراش والغابات والأشجار المثمرة والمزارع إلى أثر بعد عين.

وبحسب الأرقام المعلنة من المديرية العامة للحماية المدنية التابعة لوزارة الداخلية، فإن الحرائق التي عرفتها البلاد هذه الصائفة لم تسجل منذ الاستقلال حيث تجاوزت نظيرتها المسجلة في العام 2012.

وحولت حرائق الصيف الجاري حياة ألاف الأسر في مختلف مناطق شمال البلاد إلى جحيم لا يطاق بسبب العجز الواضح من طرف قوات الدفاع المدني في التعامل منفردا مع الظاهرة الناجمة في العديد من المناطق عن أعمال تخريب مقصودة بسبب المعطيات التي كشف عنها وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي الذي أعلن عن توقيف بعد المخربين في ولايات عنابة والبويرة قبل يومين.

حرائق الغابات التي عرفتها الجزائر من جراء ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن التقلبات المناخية التي تشهدها منطقة البحر الأبيض المتوسط، وبعض عمليات الجشع والإجرام، كشفت عدة عيوب منها حالة التسيب التامة وعدم احترام القانون وعدم الاحترام المطلق للبيئة في العديد من الولايات حيث تحولت عدة مناطق غابية إلى مفرغات للنفايات منها النفايات الصلبة وقارورات المشروبات سواء البلاستيكية أو الزجاجية المعروفة بسرعة اشتعالها في حال ارتفاع دراجات الحر.

الحرائق التي لم تعرفها البلاد أيضا منذ الاستقلال، كشفت عن مدى الإهمال المتقدم جدا من قبل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية لقطاعات الغابات لعدة أسباب، منها الحرب المعلنة على الإرهاب منذ قرابة ثلاثة عقود، حيث تراجع اهتمام مديرية الغابات بالثروة الغابية الوطنية، حيث كانت مديرية الغابات في السنوات التي سبقت اندلاع الأزمة الأمنية مطلع التسعينات تقوم بشق الطرقات في المناطق الريفية وفي داخل الغابات، إلا أن العملية توقفت تماما منذ تسعينات القرن الماضي وأصبحت الغابات الرئيسية في شمال البلاد مهجورة تماما ما جعل من أي تدخل في حال الضرورة مستحيلا.

وإلى جانب حالة التسيب التي عرفتها الغابات منذ قرابة 30 سنة ماضية، أصبحت التجهيزات والعتاد المتاح لمديرية الحماية المدنية غير ملائم للتدخل في الظروف التي أعقبت الأزمة الأمنية والتركيز على الحرب على الإرهاب، في حين زادت الحاجة لتجهيزات أكثر تطورا على غرار الطائرات الخاصة بإطفاء الحرائق.

عدم الاهتمام الظاهر من قبل وزارء الفلاحة بقطاع الغابات لا يوازيه سوى التسيب المتقدم في الاهتمام بقطاع الحماية المدنية التي عمر على رأسها مصطفى لهبيري منذ العام 2001 على الرغم من الانتقادات العديدة التي وجهت للقطاع والخلل الظاهر الذي لا يمكن أخفائه في تسيير القطاع وخاصة في مواجهة أزمات كبرى على غرار الحرائق التي أتت على الثروة الغابية الوطنية منذ مطلع الصائفة الحالية.

الأمر لم يتوقف على الحر الذي حول حياة مئات الآلاف من سكان الشمال إلى جحيم، بل زاده التسيير السيئ للغاية لشركة سونلغاز التي أصبحت عاجزة عن الاستجابة لطلب الأسر على  الكهرباء وبات انقطاع الكهرباء حالة شبه يومية بعد أن بلغت ذروة الاستهلاك الوطني حوالي 14200 ميغاوات مطلع أغسطس الجاري، وهذا نتيجة التأخر في تسليم العديد من المشاريع على المستوى الوطني منذ سنوات.

وبالحديد عن انقطاع الكهرباء، يطفو إلى السطح مباشرة ملف قديم متجدد، فبعد أن اعتقد الجزائريون أن أزمة العطش أصبحت من الماضي، حتى عادت ظاهرة انقطاع المياه في العديد من الولايات وحتى في أحياء العاصمة، نتيجة التسيير الكارثي للقطاع والتأخر في تسليم عدة سدود أنجزت منذ سنوات ولكنها غير موصولة بسبب تأخر مشاريع التحويلات الكبرى التي تراوح مكانها بسبب صفقات الفساد العديدة.

وبالنتيجة، أصبحت عدة نشاطات وقطاعات خدمية رهينة لانقطاع الكهرباء والمياه، مما جعل العديد من التجار في وضع لا يحسدون عليه أمام الجهات الرقابية من جهة ومن ناحية ثانية أمام المستهلكين، في حال تناولهم لمواد فاسدة من جراء انقطاع شبكة التبريد.

وأكدت الحرائق الأخيرة أن الحكومات المتعاقبة منذ عقود لا تتوفر بالفعل على أية نظرة شاملة لتهيئة الإقليم على الرغم من توفر الأموال الطائلة، وعلى الرغم من حصول الجزائر على مساعدات من الاتحاد الأوروبي لإجراء مسح حقيقي للتراب الوطني ومن أجل فتح طرق ومنافذ في العديد من القرى على المستوى الوطني، والأخطر من كل ما حصل هو ظاهرة التعرية وانجراف التربة الذي ستعرفه البلاد خلال موسم الأمطار القادم والذي سيخلف كوارث حقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى