أراء وتحاليل

ردا على زكرياء حبيبي : والشعب يعول على من…؟

خليفة ركيبي

khalifarekibi@gmail.com

أود أولا أن أهنيء المرأة الجزائرية، المناضلة والمكافحة ايا كان موقعها بمناسبة يومها العالمي ، فهي ستظل نصف المجتمع ايا كانت الظروف والصعاب والمحن . وأنني أحي الكاتب المحترم السيد زكرياء حبيبي على مقاله المعنون بـ “بوتفليقة لا يُعوّل إلا على الشعب الجزائري”، فهو يدافع وهذا حقه على مقاربة واضحة مفادها كالتالي: أحزاب ضعيفة وهشة ورئيس لا يعول عليهم .

قد تكون هذه مقاربة صحيحة ولكنها ناقصة ولم تنطلق من مقدمة صحيحة لأن المتعارف عليه أن أي جهاز تنفيذي في أي دولة تتلمس طريقها نحو الديمقراطية (كما هو الحال عندنا) لا يكترث كثيرا بالسلطة التشريعية “كسلطة” و لا يهتم بتاتا باستقلالية “السلطة القضائية” لأن نفس هذا الجهاز التنفيذي يريد أن “يحكم” و يطلب من المحكوم أن “يتبع” ويعلن” الولاء” في مقابل بسيط : الاستقالة من الاهتمام بالشأن العام وعدم “التمرد” على سلطة الدولة و له أي “المحكوم” بعضا من الحقوق الاساسية التي يحتاجها .

إذن في الحقيقة ، الأحزاب السياسية و هشاشتها كما تفضل الكاتب ما هي إلا انعكاس لتلك المعادلة البسيطة في شكلها ، المأساوية في مضمونها ، الاكتفاء ب”الموالاة” و التنازل عن الوظيفة الحزبية و البرلمانية اي التنازل عن سلطة التشريع و الاكتفاء فقط بالمساندة لبرنامج الجهاز التنفيذي .

إن هذه المعادلة ليست من عمل الأحزاب السياسية ومن الخطأ أن نحمل هذه الأحزاب وزر هذه المعادلة بل انها معادلة تم وضعها  منذ عقود فلذلك وجدت الاحزاب السياسية نفسها ما بين حلين أحلاهما مر ، أما المعارضة الايجابية وهذا يعني “اقصاءا” من السلطة أو أن “تتبع” بولاء مطلق للجهاز التنفيذي و بالتالي تتنازل عن وظيفتها أي “خدمة الصالح العام” لذا فهي اختارت مثل المواطنين الحل الثاني لأنه قد يمكنها من الحصول على منافع ريعية قد تقيها غدر الزمن.

في الأخير ولكي اختم ردي على الأستاذ المحترم ، أود أن  ارجع انا وهو بكل تواضع واحترام إلى المربع الأول ، إلى ماذا ينبغي ان يكون وذلك هو ردي على مقولة “الإصلاحات الدستورية” وعدم تفهم الأحزاب لها ، لان الإصلاحات الدستورية إن لم يشربها المجتمع فهي تصبح غير ذي فائدة وتتحول إلى تغيير في الاسماء والكلمات و تعديلا في المواد فكل الاصلاحات الدستورية التي فهمها و تقبلها و شربها المجتمع نجحت في حين ارى  انه من المغالطات الكبرى أن نقوم بإصلاحات دستورية ونقدمها لأحزاب سياسية أيا كانت استقالت  من مهامها  السياسية الحقيقة و نطلب منه أن تكون فقط “شاهدا” على الإصلاح و ليست فاعلا ومساهما فيه .

كما انه من المغالطات الكبرى أن ننتظر إصلاحا من جهة واحدة ، نخبة واحدة دون مشاركة فعلية من المجتمع ونخبه المتعددة والمتنوعة و لكن هذه النخب التي تنحت جانبا وهذا المجتمع الذي خرج من التاريخ ، ما هو إلا نتيجة لتلك المعادلة معادلة الولاء مقابل الصمت عن مراقبة و محاسبة الجهاز التنفيذي ، وماهي إلا نتيجة لوجود سلطة قضائية مقيدة و غير مستقلة ، إذ انه لا يمكن ان يستقيم حال هذا البلد دون تحقيق   دولة “القانون” و هذا لن يتحقق مع هذا  الاصرار من البعض على الابقاء على تلك المعادلة كنمط وحيد للحكم . فان كان الرئيس يعول على الشعب ، شعب استقال من الشأن العام ، فعلى من يعول هذا الشعب …..؟  ذلك هو السؤال الذي ينبغي ان نحاول الإجابة عليه ، فهناك شعوب تصنع التاريخ ولا تنتظر أن يصنع لها وهناك شعوب كما يقول فوزي منصور “تخرج من التاريخ” أي أنها تكتفي بالمشاهدة دون أن تتحكم في مصيرها وحاليا نحن في هذه المرحلة ، مرحلة “الخروج من التاريخ” فهل علينا أن ننتظر من يعيدنا إلى التاريخ أم نعول فقط على البكاء على الأطلال والنواح على ماض انتهى ولم يعد له مناصرين في مجتمع تغيرت بنيته الديمغرافية والاجتماعية بشكل أقل ما يقال عنه أنه مخيف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى