اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدرسيارات

“رونو” و”هونداي” و”سوفاك” شركات لنهب الجزائر بغطاء التركيب المحلي

الإعفاءات الضريبة الخيالية لم تنعكس على أسعار بيع السيارات المجمعة في الجزائر للمواطنين  

حول دفتر شروط تركيب السيارات الذي أعدته الحكومة السابقة، الجزائر إلى “مسخرة” بعدما تم وضع سوق السيارات حصريا، تحت تصرف 3 شركات سيارات تتسابق مع الزمن لنهب وسرقة الخزينة العمومية وجيوب المواطنين الجزائريين.. إنها المأساة بعينها، ولا من يتحرك على الرغم من إدعاء الحكومة بأنها تتوفر على قانون منافسة يمنع الاحتكار ويجرم وضعيات الهيمنة.

لقد أصيبت هيبة الدولة في مقتل وهي التي قررت فرض نظام الرخص لاستيراد السيارات بداية 2016، قبل أن توحي جهات داخل الحكومة السابقة إلى شركتين بالقفز على نظام الرخص الذي وضعته الدولة للحد من نزيف العملة إلى الخارج، وتم النصب والاحتيال عبر نظام “الأس كا دي” (SKD) أي إدعاء الاستثمار الذي لا يتعدى في الحقيقة إقامة فضاءات للتخزين ثم استيراد سيارات مفككة جزئيا لتجميع بعض قطعها محليا وبيعها بضعف الأسعار في دول المنشأ.

لقد تمكنت هذه الشركات المذكورة، ليس فقط بتجاوز نظام الحصص في حد ذاته والاستفادة من التسهيلات والمزايا التي تمنح في إطار الاستثمار، بل من حصرية السوق في ظل التراجع الحاد في مستوى العرض الذي نجم عنه ارتفاع تاريخي في أسعار السيارات، ومن قروض بنكية على الرغم من حاجة المجموعة الوطنية لمشاريع إستراتيجية أهم من تجميع السيارات في هذه الظروف العصيبة.

أكثر الأمور إساءة وإهانة بالنسبة للجزائر، أن حكومات ووزراء يصدرون قرارات من هذا النوع على المقاس لصالح الأصدقاء يجنون من وراءها عشرات ملايين الدولارات لصالحهم، ثم يذهبون إلى التقاعد المريح خارج الجزائر من دون أدنى مساءلة.

إعفاءات وتخفيضات ضريبية تصل إلى 10 سنوات

حصلت شركات رونو وهونداي وسوفاك، على جميع المزايا المخصصة للاستثمار والمتمثلة في عدد غير محدود من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية باعتبار صناعة السيارات من الشعب الإستراتيجية في نظر قانون الاستثمار الجديد الذي أعدته الحكومة في جويلية 2015.

وتتمثل المزايا المشار إليها بالنسبة لمشروع “سوفاك” و”رونو” و”هونداي”، خلال مرحلة الإنجاز، في الإعفاء من الحقوق الجمركية، فيما يخص السلع المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمار، الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة، فيما يخص السلع والخدمات المستوردة أو المقتناة  محليا التي  تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمار،الإعفاء من دفع حق نقل الملكية بعوض والرسم على الإشهار العقاري عن كل المقتنيات  العقارية  التي تتم  في  إطار  الاستثمار  المعني ، الإعفاء من حقوق التسجيل والرسم على الإشهار العقاري ومبالغ الأملاك الوطنية المتضمنة حق الامتياز على الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية الموجهة  لإنجاز المشاريع الاستثمارية. وتطبق هذه المزايا على المدة  الدنيا  لحق  الامتياز الممنوح.

كما تستفيد المشاريع المذكورة من تخفيض بنسبة 90 % من مبلغ  الإتاوة  الإيجارية  السنوية المحددة  من قبل مصالح أملاك الدولة خلال فترة  إنجاز الاستثمار، الإعفاء لمدة  عشر  (10)  سنوات من الرسم العقاري على الملكيات العقارية التي  تدخل  في  إطار الاستثمار، ابتداء من تاريخ الاقتناء، الإعفاء من حقوق  التسجيل فيما يخص العقود التأسيسية  للشركات  والزيادات  في  رأسمال .

وتستفيد تلك الاستثمارات خلال مرحلة الاستغلال ولمدة  ثلاث (3) سنوات بالنسبة للاستثمارات المحدثة حتى مائة (100) منصب شغل إبتداءا من بدء النشاط  وبعد معاينة الشروع في النشاط الذي تعده المصالح الجبائية بطلب من المستثمر، من الإعفاء من الضريبة على أرباح الشركات (IBS)، الإعفاء من الرسم على النشاط المهني (TAP)، وتخفيض بنسبة 50 % من مبلغ  الإتاوة الإيجارية السنوية المحددة من قبل  مصالح  أملاك الدولة.

ويستفيد مشروع هونداي، بصفته من الاستثمارات المنجزة  في الجنوب والهضاب العليا، والمناطق التي تستدعي تنميتها مساهمة خاصة من قبل الدولة، من امتيازات إضافية تتمثل في التكفل الكلي أو الجزئي من طرف الدولة بنفقات الأشغال المتعلقة بالمنشآت الأساسية الضرورية  لإنجاز الاستثمار، وذلك  بعد تقييمها من قبل الوكالة، التخفيض من  مبلغ  الإتاوة الإيجارية السنوية المحددة من  قبل مصالح أملاك  الدولة، بعنوان منح الأراضي عن طريق الامتياز من أجل إنجاز مشاريع استثمارية بالدينار الرمزي  للمتر  المربع)، (2 خلال  فترة عشر  (10)  سنوات، وترتفع  بعد  هذه  الفترة  إلى 50% من مبلغ إتاوة أملاك الدولة بالنسبة  للمشاريع الاستثمارية المقامة في المناطق التابعة للهضاب  العليا ، وكذا المناطق الأخرى التي تتطلب تنميتها مساهمة خاصة من قبل الدولة، بالدينار  الرمزي للمتر المربع ) (2 لفترة  خمس عشرة  (15)  سنة وترتفع بعد هذه الفترة إلى   50% من مبلغ إتاوة أملاك الدولة بالنسبة للمشاريع الاستثمارية المقامة في ولايات الجنوب  الكبير.

وحصلت الشركات المذكورة على مزايا مشتركة متعلقة بفترة الإنجاز تتمثل في منح  إعفاء  أو  تخفيض، طبقا للتشريع المعمول به، للحقوق الجمركية والجبائية والرسوم وغيرها من  الاقتطاعات  الأخرى ذات الطابع  الجبائي والإعانات أو المساعدات أو الدعم المالي، و كذا كل التسهيلات التي قد تمنح.

كما استفادت الشركات المذكورة من إمكانية تحويل مزايا الإنجاز، بعد موافقة اﻟﻤﺠلس الوطني للاستثمار، محل تحويل  للمتعاقدين مع المستثمر المستفيد، والمكلف بإنجاز الاستثمار لحساب هذا الأخير.

كما تمدد خلال مرحلة الاستغلال لفترة يمكن أن تصل إلى عشر (10) سنوات، وتستفيد من نظام الشراء بالإعفاء من الرسوم، المواد والمكونات التي تدخل في إنتاج السلع  المستفيدة من الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة، تستفيد من الرسم على القيمة المضافة المطبق على أسعار السلع المنتجة التي تدخل في إطار الأنشطة الصناعية الناشئة ، ولمدة لا تتجاوز خمس (5)  سنوات.

الغريب أن الشركات التي حصلت على الإعفاءات القياسية لم ترد جميل المجموعة الوطنية بالشروع في اقامة صناعة حقيقية للسيارات كما فعلت المغرب والدول التي سبقت الجزائر الى هذا القطاع، أو على الأقل إطلاق مشاريع للسيارة المستقبلية التي تتمثل في السيارة الكهربائية، بل جميعهم شرعوا في استغلال الفرصة لاستيراد أكبر عدد ممكن من النماذج القديمة، ما يكشف عن النوايا الحقيقية لأصحاب تلك المشاريع.

الهدايا التي منحت إلى رونو وسوفاك وهونداي لم يستفد منها المواطن

لقد بات من المؤكد أن مصانع تركيب السيارات التي وافقت عليها الحكومة السابقة هي عبارة عن فضائح بالجملة لزم مراجعتها ووقف عملية نهب المال العام من الخزينة العمومية الذي يحصل من وراءها أمام مرأى ومسمع جميع السلطات الرقابية في الجزائر بداية من المديرية العامة للضرائب والمفتشية العامة للمالية والجمارك والديوان المركزي لمكافحة الفساد والدرك والشرطة والمخابرات والوزارة المكلفة بالتجارة المعنية بتطبيق قانون المنافسة.

هناك أمر مثير للاهتمام في الجزائر، وهو سكوت جميع السلطات على وضع الحكومة السابقة البنوك العمومية تحت تصرف شركات معينة مثل “سوفاك” وشركة “سيما” للسيارات، ولا أحد يقول بأن هذا الفعل خارج القانون، وأنه يتعارض مع قوانين المنافسة ويتعارض أصلا مع الأعراف والأخلاق بما أنه تحول إلى جريمة ليس فقط ضد الخزينة العمومية بل ضد الجزائر، عندما يتم وضع نظام رخص استيراد السيارات، ثم يسمح لشركتين أو ثلاثة فقط بالاستفادة من السوق الجزائرية عن طريق الاحتيال لاستيراد سيارات جاهزة تحت غطاء التركيب…ووضعها للبيع ليس عبر شبكة توزيع عاديه وقانونية بل عبر مواقع الانترنت وعبر مضاربين يتخذون من الأرصفة والشوراع وأسواق السيارات مكانا لتجارتهم.

لقد عملت وزارة الصناعة والمناجم على إيجاد طريقة مفضوحة لنهب مئات ملايين الدولارات في ظرف قياسي من خلال حيلة شيطانية تتمثل في استيراد عشرات ألاف الوحدات داخل حاويات خارج نظام الرخص وفوق ذلك يستفيدون من الإعفاءات الممنوحة في إطار الاستثمار.

المفارقة أن النصب والاحتيال هذه المرة طال الخزينة العمومية بطريقة محكمة، باعتبار أن الشركات التي تدعي تركيب السيارات في الجزائر، استفادت أيضا من عدم تطبيق الضريبة على السيارات الجديدة مما يعني أنها عوض من الذهاب إلى الخزينة العمومية ستضاف إلى هامش الربح، فضلا عن استفادتهم من الإعفاءات من الرسوم والضرائب التي تمنحها الدولة للاستثمارات عبر الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار التي هي بدورها تحتاج لوضعها تحت المجهر لكشف النقاب عن ملايير الدولارات التي خسرتها الجزائر عبر الامتيازات والإعفاءات غير المستحقة التي منحتها هذه الوكالة منذ سنوات بدون حسب ولا رقيب وبدون أن تحقق أي عائد للخزينة العمومية.

 

الإعفاء من الضريبة على السيارات الجديدة

تعفى أيضا السيارات المركبة محليا من الضريبة على السيارات الجديدة التي تم إقرارها منذ جويلية 2008 بموجب قانون المالية التكميلي 2008 ضمن الحلول الترقيعية للحكومة للحد من ارتفاع فاتورة واردات السيارات.

وتتراوح الضريبة على السيارات الجديدة بين 50 ألف و150 الف دج حسب سعة المحرك ونوع الوقود المستخدم، وبالتالي يتم إضافتها لهوامش الربح من طرف شركات “رونو” و”هونداي” و”سوفاك”.

وحصلت شركات “هونداي” و”سوفاك” على موافقة وزارة الصناعة والمناجم والوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بالحصول على نفس الإعفاءات الممنوحة من الحكومة على عهد وزير الصناعة الأسبق شريف رحماني، لصالح شركة “رونو” ومنها عدم دفع الضريبة على السيارات الجديدة المركبة محليا في إطار نظام الأس كا دي (SKD).

ويقدر عدد السيارات التي يتم تركيبها محليا وفق نظام الأس كا دي (SKD) بـ100 ألف وحدة منها 60 ألف سيارة من علامة رونو و40 الف وحدة من علامة هونداي بمختلف النماذج و”سوفاك” بمختلف العلامات التي يمثلها في الجزائر لصالح مجمع فولكس فاغن(غولف، سيات، كادي، اوكتافيا).

أسعار رونو وهونداي وسوفاك تفوق مرتين مستوياتها في دول المنشأ

تشير مستويات أسعار سيارت رونو وهونداي وفولكس فاغن (سيات، غولف، باسات) في دول المنشأ أو دول أوربية أخرى، أن الأسعار المطبقة في السوق الجزائرية من قبل الوكلاء الذين يزعمون أنهم شرعوا في التركيب، تعادل مرة ونصف إلى مرتين نظيرتها في السوق الأوروبية وحتى في دول المنشأ سواء كوريا الجنوبية أو ألمانيا واسبانيا وفرنسا، مما يحول مشاريع تركيب السيارات في الجزاٍئر إلى مجرد غطاء لنهب العملة الصعبة وترهيبها إلى الخارج والالتفاف على قرار رخص الاستيراد من طرف أشخاص بعينهم بدون أدنى استفادة للاقتصاد الوطني أو الخزينة العمومية التي يتم نهبها جهارا نهارا عبر المزايا والتسهيلات الضريبية والجبائية التي تمنحها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار للأشخاص الذين يريدون نهب المال العام جهارا نهارا.

لا يمكن فهم لماذا بلغ سعر سيارة PASSAT من علامة فولكس فاغن 680 مليون سنتم ما يعادل 57000 اورو في الوقت الذي لا يتعدى متوسط سعرها 30000 اورو في جميع الأسواق الأوروبية مع العلم أن الرسم على القيمة المضافة يتراوح في أوروبا بين 19 و27 % في حين يتم استيراد السيارات خارج الرسم، فضلا عن لجوء شركات الاستيراد الجزائرية إلى تخفيض التجهيزات على السيارة المستوردة إلى الحد الأدنى.

ونفس الشيء بالنسبة لسيارة هونداي تيكسون مثلا التي يقارب سعرها في الجزائر 540 مليون سنتيم(45000 أورو) في حين لا يتعدى سعرها في سويسرا مثلا أو فرنسا وبتجهيزات خيالية الـ 30000 أورو في المتوسط.

سيكون استمرار صمت الحكومة والجهات الرقابية المخولة قانونا بتصحيح الوضع، بمثابة جريمة ضد الاقتصاد الوطني وضد المستهلك الجزائري الذي كبلته الحكومة السابقة بالسلاسل وسلمته بالقوة لشركات “رونو” و”هونداي” و”سوفاك” في عملية لم يشهد لها العالم مثيلا منذ اختراع السيارة.

لقد تم منع المواطن الجزائري من استيراد السيارات المستعملة من الخارج لأسباب مجهولة منذ 2005 في الوقت الذي تمنح الحكومة الحماية القانونية لمجموعة من العائلات لنهب وتحويل عشرات الملايير من الدولارات إلى الخارج.

 يوسف محمدي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى