أراء وتحاليلالجزائرالرئيسية

سأنتخب شكيب خليل..

سهيل الخالدي

لاشك  أن باريس ستكون في غاية الحزن، إذا ما صدقت بعض التكهنات بأن شكيب خليل سيخلف الرئيس بوتفليقة، رئيسا ثامنا للجزائر، وبالتأكيد فإن واشنطن لن تشارك باريس في حزنها المتوقع, لأن الرجل كما يقال مقرب من السلطات الأمريكية، ولأن باريس مهما عظمت أحزانها ستظل تتعامل مع الجزائر لأن الدول الكبرى تعرف كيف تدير مصالحها حتى في لحظات الخسارة .

عرفت شكيب في سبعينيات القرن الماضي حيث كنت صحفيا في المجاهد الأسبوعي، وكان هو مستشارا للرئيس بومدين. كما عرفت زوجته  الفلسطينية الأمريكية السيدة نجاة عرفات العالمة النووية المعروفة، المناضلة في حركة فتح، ورئيسة أحد التجمعات العربية  الأمريكية، وحين كان رئيسا بمنظمة أوبك في مطلع هذا القرن أجريت معه حديثا لوكالة أنباء الأمارات التي كنت أراسلها، تناقلته صحف العالم لأن أوبك عرفت في عهده توازنا في سوق النفط العالمي غير مسبوق، واستطاع بجدارته العلمية أن يحقق دخلا كبيرا للجزائر من النفط، مكن الجزائر، أن تسدد ديونها وتقرض صندوق النقد الدولي، وتلغي ديونها على بعض الدول الفقيرة  في إفريقيا، وأن تبدأ حركة تنمية في عدة مجالات  ومنها مجال السكن  مشكلة الجزائر المزمنة، وأن يستبق الحرب التي كان البعض يخطط أن يشعلها في الجزائر وهي حرب العطش، وكذلك استطاع أن يطور ويمدد استثمارات الجزائر النفطية  في دول عربية وافريقية ولاتينية، والأهم أنه قلل من النفوذ الفرنسي على  النفط الجزائري وهو ما كانت تخشاه فرنسا.

منذ أن أعلن الرئيس بوتفليقه ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 1999 شنت ضده حملة  كبيرة، ومعروف أن الدولة العميقة في الجزائر هي فرنسية الهوى وتكن لبوتفليقة عداءا كبيرا نظرا لعلاقاته الدولية الواسعة خاصة مع أمريكا التي حل لها مشكلتها مع العراق في سبعينيات القرن الماضي، لذلك  فبرك له رجالها قضية في مجلس المحاسبة تطال ذمته  اكتشف الرئيس الشاذلي بن جديد أنها ملفقة .

وأمريكا تعرف جيدا أن الجزائر منطقة نفوذ  فرنسي، وتعرف هوى وهوية الدولة العميقة فيها، لكنها مصرة أن لا تتنازل عن مصالحها المتنامية فيها رغم أن الميزان التجاري الجزائري الذي تهيمن عليه فرنسا أعطى أولويته للصين منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم.

ولعل من الدلائل المهمة على عدم تنازل أمريكا عن مصالحها في الجزائر هي جولة شكيب خليل  بين الزوايا الصوفية  الجزائرية.

 

لماذا ؟

صحيح جدا أن للرجل كل الحق في زيارة أي زاوية يريد فهي مفتوحة لكل الجزائريين لكن الزوايا التي رفضت زيارته عرف عنها أنها ذات ولاء تاريخي لفرنسا، كما أن بعض الصحف والأجهزة الإعلامية الجزائرية التي هاجمته، عرف عنها التبعية للدولة العميقة في الجزائر، حتى وإن نطقت أو كتبت بالعربية. هنا ينكشف اللعب كله فمعروف أن أمريكا  تخطط منذ تسعينيات القرن الماضي لأن يستلم الإسلام الصوفي السلطة في البلاد العربية والإسلامية بعد دراسات معمقة من مركز “راند” ومركز “نيكسون” وغيرهما من مراكز البحث الاستراتيجي الأمريكية ومنذ ذلك الوقت أسرعت باريس الخطى تسابق واشنطن، فجددت علاقاتها مع زواياها في الجزائر وعموم المغرب العربي، وفضح الموقف المتسرع للزوايا وبعض أجهزة الإعلام تجاه شكيب وسلوكيات الحكومة الفرنسية تجاه الجزائر، وتصريحات السفير الفرنسي في تيزي وزو، عن القلق الشديد الذي تسببه الانتخابات الرئاسية القادمة في الجزائر سواء تمت في موعدها أو غير موعدها، فدولتها العميقة لم تعد قادرة على خدمتها  دون نجدة، وفرنسا ليست في موقع أو في موقف من يقدر على النجدة فهاهي شوارع باريس قبل فترة ليست بالبعيدة كانت تغص بالمتظاهرين من الطلبة التي تذكر بمظاهرات طلبة 1968 التي أطاحت بديغول اعتى شخصية استعمارية في فرنسا وهزمه المجاهدون الجزائريون رغم كل الألاعيب والمجازر. 

 قد يسألني أحدكم.. هل يعني كلامك انك مع  رجل علاقته مع أمريكا ليست خافية ؟

أقول نعم ولو رشح نفسه للانتخابات الرئاسية سأنتخبه لسبب واضح هو أن ليس بيننا في الجزائر وربما في العالم العربي كله مشاكل جدية مع  الولايات المتحدة سوى موقفها

من القضية الفلسطينية، وهو موقف بدأ يلين  بفضل تدخلات الجزائر منذ سبعينيات القرن العشرين، ويتعامل معه الجزائريون والفلسطينيون بنجاح نسبي فيه مؤشرات طيبة،

أما فرنسا فبيننا وبينها بحر من الدماء في الجزائر وفي المغرب العربي وفي المشرق العربي وحتى في  جزر القمر وجيبوتي وغيرها، وفرنسا هي التي حاربت العربية لغة  وقومية..لذلك فنكاية في فرنسا وليس حبا في أمريكا سأنتخب شكيب خليل ليكون أول مجاهد تقني يستلم حكم دولة عربية، بعيدا عن العسكر وعن السياسيين المحترفين، ليذكرنا بذلك العالم النووي المسلم الذي حكم الهند فحقق لها الكثير..ولعل وعسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى