أراء وتحاليلاتصالاقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

سوناطراك فقدت 15000 كادر عالي التأهيل خلال العشرية الأخيرة

*الإستراتجية الجديدة لمجمع سوناطراك 2030: أي فرص للنجاح

د. بغداد مندوش*

د بغداد مندوش

نشط الرئيس التنفيذي لمجموعة سوناطراك، مؤتمرا صحفيا يوم الاثنين 30 أبريل، لتقديم إستراتيجية سوناطراك في أفاق 2030.

في الواقع كان لدى مجموعة سوناطراك، إستراتيجية تركزت في المقام الأول على تجديد الاحتياطيات من خلال جهد دائم في مجال التنقيب، إن ارتفاع إنتاج النفط بشكل أساسي، والعودة إلى الاستثمار في البتروكيماويات وزيادة حجم مبيعات الغاز، حيث تم سابقا تحديد هدف طموح عند 80 مليار متر مكعب سنوياً، خلال فترة الوزير الأسبق شكيب خليل، والذي تم تحقيقه من خلال مشاريع الشراكة.

كان هذا في مرحلة بلغت فيها الأسعار 100 دولارا للبرميل، لكن ومنذ النصف الثاني للعام 2014 عرفت الأسعار تراجعا قويا، رافقه تراجعا في إنتاج الغاز والنفط، مما أحدث خللا في إنجاح تلك الإستراتجية التي كان يفترض أن تصبح محرك لنمو الاقتصاد الوطني من حيث توفير التمويلات الضرورية للمضي نحو تنويع الاقتصاد الوطني والخروج من مرحلة الاعتماد على الريع.

الوضعية الطاقوية العالمية، تغيرت كليا حاليا، ما فرض على جميع البلدان المنتجة والمستهلكة، التوجه نحو نموذج استهلاك طاقوي جديد، والبحث عن مزيج طاقوي يقوم على إفساح المجال أكثر للطاقات المتجددة، وخاصة الطاقات الشمسية للتخلي في مرحلة لاحقة على المصادر الأحفورية.

هذه الوضعية دفعت بالعديد من الشركات الطاقوية في العالم إلى تعديل إستراتجياتها في اتجاه إدراج المصادر المتجددة ضمن محفظة نشاطاتها.

على المستوى الوطني، استهلاك الغاز والنفط، لم يتوقف يوما عن الارتفاع من سنة إلى أخرى، حتى بلغ اليوم 40 مليار م3 بالنسبة للغاز، ولم يعد هناك من كميات للتصدير سوى ما يناهز 54 مليار م3 في 2017، مع تسجيل متاعب في إيجاد أسواق للغاز الجزائري في أوروبا التي كانت تعتبر سوقا تقليدية لمجموعة سوناطراك.

إلى جانب كل ذلك ، جدير ذكره أن مجموعة سوناطراك فقدت 15000 إطار وكادر عالي التأهيل خلال العشرية الأخيرة، لمختلف الأسباب بما فيها الذهاب إلى التقاعد أو تغير الأجواء في دول الخليج للبحث عن الأفضل بكل بساطة، وهي الوضعية التي خلقت حالة من اللا-توزان داخل المجموعة التي وجدت نفسها بهيمنة مطلقة لموارد بشرية بيروقراطية يمثل الثلثين، مقابل ثلث فقط لعدد الفنيين والمهندسين في قطاع الإنتاج، مما يتطلب العمل على إعادة توازن سريعة وأكثر من ضرورية.

 

عزوف الشركات الأجنبية

المفارقة اليوم، أن الحديث عن قانون المحروقات غير جذاب، بمعامل فشل 4 مناقصات منذ 2008، والأخطر من ذلك أن العديد من الشركات البترولية العالمية غادرت الجزائر في الفترة السابقة، على غرار كونوكو-فيلبس (Conoco Philips) والألمانية إون (éon) وشركة ميداس (mèdes) التونسية، والبريطانية بريتيش غاز (british gas) وحتى بتروناس (Petronas) الحكومية الماليزية رغم ما يجمعها من علاقات ممتازة مع سوناطراك.

إن وضعية الرؤساء التنفيذيين في سوناطراك منذ عام 2010 وحالة الجمود في مجال صنع القرار الذي أعقب ما يسمى فضيحة سوناطراك، وضعت المجموعة في حالة فريدة منذ إنشائها في عام 1963، سواء من حيث الإنتاجية المنخفضة جدا، أو حالة البيروقراطية الخانقة، أو النزاعات الدولية المتعددة مع شركائها الأجانب، فضلا عن تأخر عديد المشروعات.

لقد بات يُنظر إلى وصول ولد قدور على رأس المجموعة، على أنه أكثر من ضرورة لإعطاء نفس جديد لمجموعة النفط والغاز التي ظلت تعتبر مفخرة وطنية، ولذلك قرر ولد قدور أن يعهد إلى المكتبين الأمريكيين (BCG و McKinsey) بوضع إستراتيجية قائمة على تشخيص الحالة الداخلية للمجموعة مع ﻣﺮاﻋﺎة ﺑﻴﺎﻧﺎت تطور سوق اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ.

يتوقع المخطط التنظيمي الجديد بروز أنشطة جديدة على غرار الطاقات المتجددة، المخاطر على جميع المستويات ومن أي نوع، إمكانية إقامة مشاريع مشتركة لتسويق الغاز وتقوية نشاط البتروكيماويات والتكرير ونشاط النفط والغاز الصخري في البر والبحر.  من الناحية النظرية، لا توجد إستراتيجية سيئة وضعتها شركة استشارية متخصصة، ولكن من الناحية العملية، فإن أي إستراتيجية جيدة سيعوق تنفيذها عدم انخراط 80٪ على الأقل من الموارد البشرية لأي مجموعة، وهذا هو الهم الأكبر داخل مجموعة سوناطراك لأن العديد من المشاكل الداخلية يمكن حلها باستخدام نظام مكافآت باستخدام نظام معلوماتي، بدلا من الاتصال التقليدي، وتحسين صورة المجموعة، واتخاذ القرار، وتأهيل الكوادر والكفاءات المهمشة، وتأهيل العاملين في مجال الإنتاج، الذين تم تهميشهم من طرف البيروقراطية الإدارية.

السؤال الجوهري الذي يطرح هو كيف ستكون سوناطراك في أفق العام 2030، غلا أن السؤال الأهم هل ستكون مثل سوناطراك سنوات تسعينات القرن الماضي، مع أخلاقها وأسلوبها في الإدارة التشاركية والتفاني التام لمديريها وإطاراتها وعمالها، وفي التقدم الوظيفي الشفاف، وتكاليف التشغيل المعقولة والقابلة للمقارنة مع نظيرتها لدى الشركات الأجنبية…إلخ

 

قانون المحروقات 86/14

لقد سمح قانون المحروقات 86/14 باكتشاف ما يناهز 500 حقل من بينها حقل حاسي بركين، لكن قانون 2005لم يحقق نفس النتائج على الرغم من تعديله في العام 2013، والملفت للانتباه هو أن 80% من الجباية البترولية تأتي من العقود التي أبرمت على أساس القانون 86/14 الذي يقوم على تقاسم الإنتاج على غرار العديد من الدول المنتجة مثل ايران وقطر وكازاخستان أو غينيا، وعليه يتوجب التأكيد على أنه يتوجب الحفاظ على الأشياء الإيجابية، وسحب النقاط السلبية. سوناطراك من خلال الاستفادة من ماضيها لديها الكثير من الأشياء الجيدة التي يمكن أن تعيد لها صورة جيدة مع المواطنين ومع الشركاء الأجانب.

  • د.بغداد مندوش، خبير طاقوي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى