اقتصاد وأعمال

شبح التعديل الهيكلي يلوح مجددا: صندوق النقد يوصى بإجراء إصلاحات هيكلية جادة

جان فرونسوا دوفان * تراجع احتياطات الصرف إلى 143 مليار دولار بنهاية 2015

عادل عبد الصمد

أوصى صندوق النقد الدولي، باتخاذ جملة من التدابير لمواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط، واقترح “الافامي” بخفض النفقات، وتحسين فاعلية النفقات، مع الحفاظ على المشاريع التي تكتسي أهمية اجتماعية، واتخاذ سلسلة من التدابير لتغطية مستوى العجز في الميزانية.

وأعتبرت بعثة صندوق النقد التي زارت الجزائر بين 1و14 مارس لإجراء مشاورات مع السلطات الجزائرية في إطار المادة 4 لعام 2016، بخوصصة شركات عمومية، أن لجوء الجزائر إلى الاستدانة من الخارج لا مفر منه، وطالب بإدخال تعديلات على قاعدة 51/49 المحددة للاستثمار الأجنبي.

وتركزت المناقشات على أثر انخفاض أسعار النفط على الاقتصادي الجزائري والسياسات اللازمة للتكيف مع الصدمة.

وأكد مدير قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بصندوق النقد الدولي، جان فرونسوا دوفان، بان الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على غرار إقرار نظام رخص الاستيراد “لا يمكن أن يشكل حلا دائما للازمة”، وقال ممثل “الافامي” خلال ندوة صحفية عقدها اليوم الاثنين 14 مارس، بان هذا الحل “يبقى مؤقت ويمنح هامش مناورة ظرفي”، مشددا على ضرورة معالجة الاختلالات على مستوى السياسة النقدية، وضبط سعر صرف الدينار وفق أساسيات الاقتصاد الوطني.

وقال جان فرانوسوا دوفان، إنه يتحتم على الحكومة الجزائرية تكثيف الإصلاحات ومواصلة التصحيح المالي وإجراء حزمة واسعة من الإصلاحات الهيكلية لمواجهة صدمة أسعار النفط، ومعالجة مواطن الضعف الموجودة من فترة طويلة.

وأضاف المتحدث، أن الاحتياطات من النقد الأجنبي التي تكونت في المالية العامة والحساب الخارجي تمثل فرصة لتنفيذ الإصلاحات بالتدرج وضمان سير عملية التصحيح بسلاسة، داعيا لاغتنام الفرصة السانحة لإعادة صياغة نموذج النمو في الجزائر بل أن يصبح لا مفر من إجراء تصحيح أسرع.

واستعرض مسؤول “الافامي” بعض التوصيات التي قدمتها البعثة لصندوق النقد الدولي، وخاصة ما يتعلق باللجوء إلى الخارج لتمويل المشاريع، وقال جون فرانسوا دوفين، بان الهدف الأساس في المرحلة الحالية هو تغطية عجز الميزانية، واعتبر بان “لجوء الجزائر إلى الاستدانة من الخارج أمر لا مفر منه بل ضروري”، مشيرا بان التمويل الخارجي ليس الحل الوحيد، بل يدخل ضمن سلسلة من الإجراءات التي يمكن الاعتماد عليها لتحسين الوضع المالي.

وأستطرد المسؤول، أن اثر الصدمة النفطية لايزال محدودا على النمو، لكن الارصدة المالية والحساب الخارجي تراجعت إلى حد كبير. وسجل الناتج الداخلي الحقيقي زيادة إلى 3.7 % في 2015 مع تحقيق نمو ملحوظ بـ5% في القطاع غير النفطي، وارتفع التضخم إلى 4.8% وتضاعف عجز الميزانية ليصل إلى 16% في 2015.

وخسرت احتياطات العملة الصعبة 35   مليار دولار إلى 143 مليار دولار نهاية 2015 مقارنة مع 194 نهاية 2013 وهو مستوى الذروة، ولكن النمو من المنتظر أن يتراجع بسبب الضبط المالي للأنشطة خارج المحروقات.

 

اللجوء للاستدانة الخارجية

وحذر “الافامي” من الإفراط في استعمال المواد المتاحة محليا لتغطية عجز الموازنة، وقال بأن اللجوء إلى الخارج لتخفيف الضغط، قد يتيح للحكومة إمكانية استغلال الأموال المتوفرة محليا لدعم الاستثمارات وتوجيهها نحو الاقتصاد المنتج للثورة، موضحا بان اللجوء إلى الخارج قد يسمح للجزائر بعدم استنفاذ الأموال المتوفرة في الخزينة. وذكر أن نفاذ احتياطي الصرف الوطني يتواصل بوثيرة متسارعة، من منطلق أنه فقد 35 مليار دولار، ليتراجع إلى مستوى 143 مليار دولار فقط. وقال من جانب أخر، بان نظام رخص الاستيراد الذي اعتمدته الجزائر يشكل حل مؤقت ولا يكفي لمعالجة الأزمة.

كما اقترح صندوق النقد الدولي، فتح رساميل الشركات العمومية، وقال ممثل البعثة، بان التنازل عن أصول الشركات العمومية “يدخل ضمن الحلول المقترحة” سواء تعلق الأمر بفتح رأسمال أمام المساهمين الآخرين، أو التنازل كلية عن أصول الشركات وخوصصتها، مضيفا بان هذا الخيار قد يمنح للحكومة هامش مناورة، ويسمح بتقليص حجم الأموال المخصصة لدعم آلية إنتاج القطاع العمومي، بالموازاة مع التدابير التكميلية الأخرى لتنشيط سوق رأس المال والبورصة.

وقال مسؤول “الافامي” بان هيئته اقترحت على الحكومة استعمال كل الخيارات المتاحة أمامها لمواجهة أثار الصدمة النفطية، والتي قال بأنها “كانت صدمة قوية وستستمر طويلا”، وقال بان الجزائر تمتلك هامش مريح للمناورة، مشددا على ضرورة تعديل ومراجعة بعض السياسات بغية تصحيح الاختلالات الموجودة.

كما اقترح الافامي، على الحكومة إدخال تعديلات على قاعدة “51-49” المحددة للاستثمار الأجنبي، ضمن سياسة تهدف إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتشجيع التدفقات المالية المباشرة، وقال المسؤول بمؤسسة “برووتن وودس” بان مراجعة القاعدة التي تحدد حصة الشركات الأجانب في المشاريع، ستسمح باستقطاب مزيد من الأموال بالعملة الصعبة، بالموازاة مع تدابير أخرى لتشجيع المصدرين. واقترح الافامي، العمل على تحسين مردودية الاستثمارات، من خلال التركيز على المشاريع ذات أولوية إستراتيجية.

 

إصلاح نظام الدعم من اجل عدالة بين الأجيال

من جاني أخر، طالب الافامي، مجددا بمراجعة نظام الدعم، وقال ممثل الصندوق، بان كلفة الدعم تعادل ميزانية وزارتي التربية والصحة مجتمعتين، أو ضعف المداخيل غير الضريبية، واعتبر بان النظام الدعم “أصبح غير اجتماعي” لأنه يصب لصالح الأغنياء أكثر من الفئات المحرومة، مشيرا بان العائلات الميسورة تستهلك 6 أضعاف من الوقود من يستهلكه الفقراء، أي يحصلون على دعم اكبر بست مرات، مضيفا بان النظام الجزائري يمنح دعما اكبر لأصحاب المال، وكلما زاد الثراء زاد الدعم، وقال بأن الافامي، اقترح مراجعة النظام الحالي واتخاذ إجراءات لصالح الفئات المحرومة.

وطالب صندوق النقد الدولي، بالمزيد من الإصلاحات في نظام الدعم من اجل العدالة بين الأجيال وحماية الفقراء.

ويشار بان الندوة جاءت لعرض التقرير الذي أعدته بعثة “الافامي” الصندوق في ختام زيارتها إلى الجزائر في إطار المحادثات السنوية التي يجريها  الأفامي  مع الدول الأعضاء، تطبيقا للبند الرابع من القانون الأساسي لهذه الهيئة الدولية، وقدم مسؤول “الافامي” خلال ندوة صحفية، أهم التوصيات المدرجة في التقرير، والتي قد تسمح للجزائر بتجاوز أثار الصدمة البترولية.

 

إصلاح نظام الصرف

شدد مسؤول صندوق الدولي، على ضرورة أن تعمل سياسات سعر الصرف والسياسات النقدية والمالية على دعم جهود الإصلاح المالي وتكثيف الجهد الضروري من أجل تحقيق توازن بين سعر الدينار وأساسيات الاقتصاد، وأن يقوم بنك الجزائر في المرحلة المقبلة بضبط السياسة النقدية في اتجاه الحد من عودة الضغوط التضخمية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى