ضغوط على مراسل واشنطن بوست بإيران ليعترف بالتجسس
ادعى النائب المحافظ في البرلمان الإيراني جواد كريمي قدوسي أن شبكة تجسس اخترقت مؤسسات الدولة الإيرانية لاسيما الحكومة ووزارة الخارجية والبرلمان.
ويبدو أن هذا الحديث هو محاولة من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين للضغط على مراسل صحيفة “واشنطن بوست” السجين للاعتراف بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الأميركية.
واعتقلت طهران “جيسون رضائيان” لأسباب غير واضحة، ويلتف الغموض حول التهم المنسوبة إليه، وتحتجزه السلطات في زنزانة انفرادية في سجن ايفين السيئ الصيت وتمنعه حتى من الاتصال بعائلته.
وذكرت مصادر صحيفة إيرانية نقلا عن عائلة “رضائيان” أن المحققين في السجن يضغطون على جيسون لإخضاعه لاعترافات تلفزيونية قسرية يعترف من خلالها بالتجسس.
يذكر أن تهمة التجسس في إيران تطلق عند الضرورة من قبل السلطات لمجرد اتصال الصحافيين الإيرانيين والأجانب بالمواطنين العاديين بهدف تغطية قضايا تعتبر طهران تسليط الضوء عليها يشكل خطرا على أمنها.
صراع على السلطة
وبما أن كريمي قدوسي من المنتسبين إلى التيار المتشدد في إيران والمعادي لحكومة الرئيس حسن روحاني، يبدو أن حديثه يأتي في إطار الصراع على السلطة والضغط على الحكومة ووزارة الخارجية الإيرانية، وأيضا على رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني أكبر هاشمي رفسنجاني الذي بات مغضوبا من قبل المتشددين في إيران خاصة بعد مواقفه التي تلت الاحتجاجات في إيران عام 2009.
وحاولت وكالة “فارس” للأنباء المقربة من الحرس الثوري الإيراني، من خلال نشرها تقريرا مفصلا عن الملف “القضائي – الأمني” لمراسل صحيفة “واشنطن بوست” في طهران “جيسون رضائيان” المسجون، أن تساهم في الحملة الإعلامية ضد رضائيان، وهو مواطن أميركي من أصول إيرانية وكانت الإدارة الأميركية طالبت مرارا بإطلاق سراحه.
واستند القسم الأعظم للتقرير إلى حديث جواد كريمي قدوسي العضو في لجنة الأمن القومي للبرلمان الإيراني. وحيث ادعى قدوسي أن رضائيان كان على اتصال بشخص يدعى “س” يعمل في مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية، وكان يحصل منه على معلومات كثيرة. وتحدث النائب في البرلمان الإيراني عن امرأة على صلة برضائيان كانت قد اخترقت مكتب الرئاسة أيضا وهي تدعى “م.ر”.
يذكر أنه مع اقتراب الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس صيانة الدستور يشتد الصراع بين أجنحة السلطة، خاصة من قبل المتشددين الذين يحاولون إزاحة التيار القريب من حسن روحاني وهاشمي رفسنجاني من الساحة السياسية، ومن المتوقع أن نشاهد في الأيام القادمة الكشف عن ملفات سياسية واقتصاية واجتماعية ضد هذا التيار لأهداف سياسية محضة.
اتهامات غامضة
قدوسي المحافظ المتشدد والمعارض للاتفاق النووي الإيراني أضاف في حديثه لوكالة “فارس” أن مراسل صحيفة “واشنطن بوست” استطاع إقامة اتصالات قريبة ومستمرة مع شخص في وزارة الخارجية الإيرانية يدعى “ش” حيث كان يزوده بمعلومات عن الوزارة، خاصة عمل فريق المفاوضات النووية والفريق الإعلامي لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، “إلا أنه لم يقدم أي إثبات بهذا الخصوص كما أن جيسون رضائيان كان على علاقة وثيقة بـ”شبكة واسعة اخترقت مكتب رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية فضلا عن مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجمع مصلحة النظام والبرلمان ومؤسسة التراث الثقافي”.
وأضاف أن بعض النواب في البرلمان علموا قبل شهرين عن سعي بعض الجهات لإطلاق سراح “جيسون رضائيان” واستبداله ببعض السجناء الإيرانيين في أميركا “لكن المخطط باء بالفشل بسبب مقاومة القضاء والأجهزة الأمنية”، حسب قوله.
ولم يوضح كريمي قدوسي الإجراءات المحتملة التي قد تتخذتها الأجهزة الإيرانية بحق الأعضاء في “الشبكة” المزعومة، ولم تتحدث الوسائل الإعلامية الإيرانية ولا الأجهزة الأمنية ولا السلطة القضائية عنها من قبل .
وكانت محكمة الثورة في طهران دانت “رضائيان” بتهمة التجسس، وقال المتحدث باسم القضاء الإيراني إن المحكمة أصدرت حكما بحق “رضائيان” دون أن يكشف التفاصيل.
“ورقة مساومة في لعبة بوكر”
واعتقل رضائيان -الذي ولد في ولاية كاليفورنيا الأميركية، في يوليو عام 2014، واكتسبت قضيته حساسية بالنسبة للولايات المتحدة وإيران على حد سواء، ولم يسهم الإعلان عن صدور حكم قضائي بحقه في حلها بدرجة تذكر حتى الآن.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، إن الولايات المتحدة تتابع القضية عن كثب. وأضاف “ما زلنا ندعو لإسقاط كافة الاتهامات ضد جيسون، وأن يتم الإفراج عنه فورا”.
واتهمت إيران رضائيان (39 عاما) بجمع معلومات سرية وتسليمها إلى حكومات معادية وكتابة رسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، والقيام بأفعال تضر بالأمن القومي. ورفضت “واشنطن بوست” الاتهامات بوصفها سخيفة. وكانت الجلسة الختامية للمحاكمة قد عقدت في العاشر من أغسطس.
وقال محرر الشؤون الخارجية بصحيفة “واشنطن بوست” دوجلاس جيل، إن الطبيعة المبهمة لما أعلنته ايران تظهر أن قضية رضائيان لا تتعلق بالتجسس. وحسب المتحدث، فإن الصحافي ورقة مساومة في “لعبة أكبر”، في إشارة إلى محاولة إيران إطلاق سراح سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة اعتقلوا في مناسبات مختلفة بسبب العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي والولايات المتحدة على طهران بسبب أنشطة إيران النووية المثيرة للشكوك لدى الغرب.
وأضاف جيل “يتضح على نحو متزايد أن القرار الأخير بشأن كيفية التعامل مع قضية جيسون ستتخذه السلطات السياسية وليست القضائية”.