اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

فشل المنتدى الإفريقي: هدية “منتدى رؤساء المؤسسات” للمغرب وإسرائيل!

نسرين لعراش

قدم “منتدى رؤساء المؤسسات” أكبر هدية لكل من المغرب وإسرائيل، بإفشاله للمنتدى الإفريقي للأعمال والاستثمار، المنظم في العاصمة الجزائر بين 3 و5 ديسمبر، بعد أن عُلقت عليه – المنتدى – أمالا كبيرة في تحقيق مكاسب دبلوماسية وسياسية واقتصادية للجزائر في القارة الإفريقية، عقب غياب ناهز 25 سنة من المسرح الإفريقي بسبب الظروف الأمنية التي عاشتها منذ 1990.

وتلقت مصالح الجزائر الدبلوماسية والاقتصادية في القارة الإفريقية “ضربة مؤلمة” بفشل المنتدى، وهو يعتبر بمثابة الهدية التي لا تقدر بثمن للعديد من الأطراف التي تعتبر العودة الجزائرية إلى القارة بمثابة تهديد لمصالحها القومية ومنها المغرب وإسرائيل.

وقال مصدر دبلوماسي رفيع لـ”الجزائر اليوم”، إن نجاح “منتدى الاستثمار والأعمال” له أبعاد أكبر من تلك التي يتصورها “منتدى رؤساء المؤسسات”.

وأضاف المصدر الذي يعرف جيدا خيوط اللعبة التي تديرها إسرائيل في القارة الإفريقية منذ سبعينات القرن الماضي، أن الجزائر علقت أمالا كبيرة على نجاح “المنتدى” لأن ذلك يمثل بوابة للعودة إلى القارة بعد انسحاب اضطراري منذ 1991 لأسباب متعلقة بتدهور الوضع الأمني في الجزائر.

ويعتقد المصدر، أن فشل الجزائر في الخروج بنتائج إيجابية من المنتدى ليس فقط على الصعيد التجاري والاقتصادي، بل وعلى الصعيد الدبلوماسي، ستكون له تبعات ولسنوات طويلة باعتبار أن عدة دول ستستغل هذا الفشل ومنها المغرب وإسرائيل للمسارعة لإقناع دول القارة التي تتقاسم المواقف ذاتها مع الجزائر، بأنه لا جدوى من الاعتماد على الجزائر، مضيفا أن هذه الحسابات أكبر من مستوى فهم بعض أعضاء “منتدى رؤساء المؤسسات” الذين دخلوا في سباق محموم لاقتسام “جلد الدب قبل قتله”.

السياسة الإسرائيلية في إفريقيا

وكشف المصدر أن اهتمام الجزائر بوضعها الداخلي خلال الأزمة الأمنية وتركيز جهودها على مكافحة الإرهاب الداخلي، مثل فرصة ذهبية لعدة أطراف لنسج خيوط قوية مع دول القارة سواء بالنسبة للمغرب التي أقنعت دول عديدة بتغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية، أو بالنسبة للكيان الإسرائيلي الذي حول القارة الإفريقية إلى حديقة خلفية لمصالحه الإستراتيجية.

ويضيف، أنه  منذ بداية العام 2000 شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية تقارباً قويا سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري، عكسه تزايد زيارات قيادات إسرائيلية مهمة، حيث عملت إسرائيل على إبرام العديد من الاتفاقات مع دول القارة وزيادة مساعداتها العلمية والتقنية والمالية بالتركيز على مشروعات الصحة والتعليم والتكوين والإعمار والعمل الاجتماعي وتطوير المجتمعات المحلية والبنية التحتية والربط التكنولوجي واستغلال المعادن، من خلال مركز التعاون الدولي (مَشاف MASHAV ) بالتنسيق مع المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة والدول المانحة، حيث مكنها ذلك من استئناف علاقتها مع 44 دولة أفريقية منذ اتفاق مدريد للسلام من خلال سياسة القوة الناعمة تجاه القارة والدول الفاعلة فيها على غرار مصر ونيجيريا وإثيوبيا، إرتيريا، كينيا، وجنوب أفريقيا، الكاميرون، وكوت ديفوار والسنغال، أنغولا وموزمبيق.

وأوضح المتحدث أن إسرائيل تمكنت من تحقيق تمدد كبير في القارة الإفريقية والسيطرة على العديد من القطاعات ومنها التنقيب عن النفط والغاز في عدة دول افريقية (الاحتياطي الافريقي 80 مليار برميل) تحت غطاء شركات أوروبية، والسيطرة على قطاع الصناعات الغذائية بأسماء تجار يهود يحملون جنسيات تلك الدول ومنها اليورانيوم في النيجر والماس في الكونغو الديمقراطية وسيراليون وغانا، وعصير الفاكهة في إثيوبيا والبن في أوغندا والسمسم والفول السوداني في دول شرق القارة، فضلا عن إغراق أسواق دول القارة بالسلع والمنتجات الإسرائيلية بهدف سد الطريق عن المنتجات العربية.

ويعتقد مصدر “الجزائر اليوم” أن الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه الحكومة، هو المراهنة على “منتدى رؤساء المؤسسات” الذي يوجد في حالة من الانقسام والتشرذم وغياب إستراتجية موحدة لأعضائه، لتحقيق أهداف إستراتيجية عميقة ومعقدة وحيوية بالنسبة للجزائر، وخاصة أن المواعيد القارية القادمة تعتبر مسألة حساسة للغاية على غرار الانتخابات القادمة في مؤسسات الاتحاد الإفريقي وحتى سعي المغرب الحثيث لطرد الصحراء الغربية من مؤسسات الاتحاد.

مناورات مغربية

تزامن مع تنظيم المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال بالجزائر، جولة إفريقية للملك المغربي محمد السادس، شملت دولا عديدة في القارة ومنها مدغشقر وإثيوبيا (تربطها علاقات جد وثيقة مع إسرائيل) والسنغال ونيجيريا.

ويعمل المغرب بقوة على العودة إلى الإتحاد الإفريقي في محاولة لتصفية حسابات قديمة ونقل صراعه حول الصحراء الغربية إلى داخل أروقة الإتّحاد وهو ما يهدد بتحويله إلى حلبة للصراع بين أعضائه على حساب العمل المشترك لصالح دول القارة.

ويريد المغرب على نقل صراعه مع الجزائر بالأساس إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي باستخدام ورقة العلاقات الجيدة مع زعماء دول أفريقية ولوبيات قوية ومنها اللوبي اليهودي المغربي الذي تربطه علاقات مع دول فاعلة في مجلس الأمن كفرنسا وأمريكا وبريطانيا، أو مع دولة إسرائيل التي تسيطر بشكل قوي على اقتصاديات العديد من دول القارة الإفريقية، حيث أ‘تبر الملك محمد السادس أن قرار إلى الإتّحاد الإفريقيّ سيمكن المغرب من كسر التّوافق والإجماع الإفريقيّ الداعم لجبهة البوليساريو.

وتريد المغرب لعب كل الأوراق في القارة تعزيز وجودها القوي ليس فقط منطقة غرب إفريقيا سواء السياسي أو الاقتصادي والديني فبعض الدول المسلمة في غرب إفريقيا تدعو إلى ملك المغرب في صلاة الجمعة باعتباره خليفة المسلمين، بل تريد المغرب التمدد نحو شرق القارة الإفريقية أيضا بالاعتماد على لوبي اليهود المغاربة والمال الخليجي، من خلال لعبة العصا والجزرة في إدارة الصراع حول الملف الصحراوي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى