الجزائرالرئيسيةثقافةسلايدر

فضيحة: عميد بالنيابة يعرقل رسالة دكتوراه تمّت مناقشتها ويهدد صاحبتها بالأمن الرئاسي

في الوقت الذي يعود فيه الكلام بقوٌة، على الوضع المتردّي الذي تعرفه الجامعة، أودٌ لفت نظر الرأي العام الوطني عامةً، والجامعيين الشرفاء بصفة خاصة، من أجل التنديد بالمضايقات المشينة التي مورست ضدٌي منذ مناقشتي لرسالة الدكتوراه في العلوم السياسية، بعنوان “دور النخب الحاكمة في عملية  التحول الديمقراطي في الجزائر 1989 – 2016″، وذلك بتاريخ 07 جوان 2017. بحضور كل أعضاء لجنة المناقشة الذين اطلعوا على الرسالة ووافقوا على مناقشتها وفق ما هو معمول به في كل الجامعات.

وبعد المناقشة العلنية والمداولة السرية، قررت اللجنة منحي شهادة الدكتوراه بتقدير ” مشرٌف جداً ” – مع تحفظات بعض الأعضاء حيال بعض الفقرات التي التزمت بتصحيحها لاحقا – سلٌمت النسخة المصححة، وفق ما طلبته لجنة المناقشة، في بحر الأسبوع الموالي، إلى السيد رئيس لجنة المناقشة الذي قام بتحرير التقرير النهائي برفع التحفظات (نسخة مرفقة)، بعد استشارة زملائه في اللجنة، وسلمه إلى مصلحة ما بعد التدرج، التي سلمته بدورها إلى العميد بالنيابة السيد محمد خوجة.

وهنا بدأت المعاناة والمضايقات من طرف عميد الكلية بالنيابة… بدءً برفضه اعتماد تقرير رئيس لجنة المناقشة، لاعتبارات سياسوية وأيديولوجية خاصة به، متذرعاً بحجة أن الأطروحة تحمل أفكاراً غير مقبولة لكي لا نقول هدّامة(subversives) ، وأنٌ مصالح الأمن على علم بها (!!!!)بل، وقام العميد بالنيابة، بتقديم شخص كان حاضراً في مكتبه، على أنه عضو في الأمن الرئاسي… مطالبا أمامه، رئيس لجنة المناقشة بحذف كل ما يشير إلى رئيس الجمهورية من نص الأطروحة… وهنا نقول، إن كان الأمر يتعلق بلعبة سخيفة، لتخويف رئيس اللجنة وترهيبه فهي كارثة، أمٌا إن كان الشخص مجهول الهوٌية يمثل حقاً مصلحة أمن الرئاسة، فتلك هي الكارثة الكبرى !؟ إذ من حقنا أن نتساءل : منذ متى أصبح “الأمن الرئاسي” يتدخل في الشؤون الأكاديمية ومضمون الأطروحات والرسائل الجامعية ؟؟

ولقد عبرت لجنة المناقشة بقوة عن رفضها لهذا التعدي السافر على صلاحياتها من طرف العميد بالنيابة وكذا الممارسات الظالمة والفريدة من نوعها التي يقوم بها والتي هي سابقة في تاريخ الجامعة الجزائرية.

بالرغم من ذلك، وبمجرٌد ما حرٌر السيد رئيس لجنة المناقشة تقرير رفع التحفظات، أوْدعتُ أطروحتي بمكتبة الكلية والجامعة التي سلمت إليٌ الوصل الرسمي بذلك (حسب النسخة المرفقة).

حيث عاد من جديد العميد بالنيابة للمضايقة ودوس القانون وسيادة لجنة المناقشة، مطالبا من أعضاءهابتحرير تقرير برفع التحفظ كلاٌ على حدة، ملغيا بذلك التقرير الجماعي! بل ذهب إلى حد محاولة سحب الاطروحة من المكتبة والوصل الرسمي من الملف الاداري الذي أودعته لاستخراج الشهادة.

أمام هذا التحامل الغريب، قام رئيس لجنة المناقشة بتحرير تقرير ثاني لرفع التحفظات مع إمضائه من طرف الأعضاء كل باسمه، محاولة منهم انهاء مضايقات العميد بالنيابة (النسخة مرفقة). لكن بدون جدوى، إذ اشترط العميد – رغم استوفاء كل الشروط القانونية – قراءة الأطروحة بنفسه، ليحذف منها كل الفقرات التي تشير إلى الجيش أو إلى رئيس الجمهورية، أو إلى الحركة الإسلامية !

احتراماً مني للقانون – حتى وإن اخترقه مَن يُفترض به تطبيقه – أحطت علماً بالأمر، الهيئات والسلطات المعنية للفت انتباهها إلى معاناتي من هذه ” الحقرة” التي تمارس ضدي منذ قرابة شهر كامل…(رسائل إلى نائب عميد الجامعة المكلف بما بعد التدرج، ووزير التعليم العالي، ورئاسة الجمهورية).

إنني أرفض بتاتا التزام الصمت أمام هذا الظلم في حق كرامتي التي أجعلها فوق كل شهادة وفوق كل مرتبة جامعية، إذ أنٌ التربية التي تلقيت من والديٌ علمتني الدفاع عن المبادئ والقيم والمصلحة الوطنية… والابتعاد عن كل شكل من أشكال التملق والتذلل من أجل الصعود في سلم المهنة أو المكانة الاجتماعية… ولن أكون يوماً ضمن طوابير أولئك الذين “يصعدون سلم الوظيفية بنزولهم سلم القيم الإنسانية”… كما قال أحد الروائيين الجزائيين.

والذي يؤسف له في آخر المطاف، هو أنٌ كلٌ هذه المضايقات والتعسف الممارس ضدي، يرجع سببهما إلى مواقفي التضامنية مع زملائي الأساتذة الذين تعرضوا للاعتداء– فبراير 2017 – وهم في قاعة الأساتذة المخصٌصَة لكلية العلوم السياسية، أي، داخل الحرم الجامعي من طرف بعض الطلبة “البلطجية” المحميين…

هذا التحرش المعنوي والمضايقات هما أيضا للأسف واقع ونتاج بعض الأوساط الشبه جامعية التي تتميز برداءتها، مما جعلها تصعد سلم الترقيات بكل سلاسة، من خلال تآمرها على الكفاءات وتهميشها، حتى أصبحت جامعتنا العزيزةتعاني واقعاً مراً، يحاول من خلاله بعض المسؤولين أن يفرضوا على أساتذتها وطلابها، نمط كوريا الشمالية وأفكار سيٌد اليوم.

وقد حاوَلتُ على ضوء أطروحتي، والتي بحسب معظم أعضاء هيئة التحكيم، تميٌزت بالجرأة العلمية وتسمية الأشياء بمسمياتها بعيداً عن لغة الخشب التي أضحت – للأسف – تلوٌث حرٌية الفكر والرأي في معظم الأوساط الأكاديمية، أن أحلل الواقع الجزائري كما هو من أجل إيجاد الحلول، حيث لاحظت بأن الكلام عن دور المؤسسة العسكرية يعتبر بمثابة “طابو”، أو مساساً بتلك المؤسسة… ويُعتبر كل كلام عن دور رئاسة الجمهورية منذ 1999، مساساً برئيس الجمهورية… ويُعتبر ذكر قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذكفاعلسياسي في الازمة الوطنية، انحيازا لهذا الحزب…؟؟

كل أمالي أن تكون هذه الواقعة الفريدة من نوعها في الأوساط الجامعية، درسا يستوعبه أولئك الذين يريدون قولبة الأجيال الصاعدة في نفس قالب “الحقرة” التي فرضت على سابقيهم، من أجل مصالحهم الذاتية على حساب مصلحة الوطن… وليعلم كل من يطمح إلى اخضاع الشرفاء وقهر الكفاءات، أننا لا نركع إلا لله الحق.

مع تحياتي الأخوية و كل احتراماتي

حفظ الله جزائرنا العزيزة.

 

الجزائر 10 جولية 2017

 ليلى سيدهم. 

استاذة مساعدة بكلية العلوم السياسية

جامعة الجزائر 3  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى