قطر تحترق بنيران خيانتها في انتظار احتراق باقي العربان
زكرياء حبيبي
إنها الصدمة بحق.. حلفاء الأمس في تنفيذ مؤامرة “الربيع العربي” تحولوا إلى ألذ الأعداء، ولا يستبعد أن يتطور الأمر بينهم ليتحول إلى اقتتال مسلح، هذا ما يمكن استخلاصه من قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ومن لحق بهذه الدول أو سيلحق بها قريبا، والقاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دُويلة قطر، وفرض شبه حصار بري وجوي وبحري عليها.
هذا التطور الدراماتيكي في العلاقة بين مشيخة قطر والدول السالف ذكرها، يعزز ما سبق أن حذّرنا منه منذ بداية سنة 2011، من أن الدور سيأتي على الدول التي تُقاول لصالح المشروع الصهيوأمريكي القاضي بتفتيت وتمزيق الوطن العربي، وبعكس ما قد يتوهمه البعض من أن الإدارة الأمريكية على عهد ترامب تختلف عن سابقتها بشأن آليات ووسائل التعامل مع العالم العربي والإسلامي، فإن المتمعن الجيد في السياسة الأمريكية المُتصهينة، يرى أن إدارة أوباما تكفّلت بزرع “الربيع العربي”، في الدول العربية ذات النظام الجمهوري أو الجماهيري، وتركت عملية تخريب المملكات والمشيخات إلى ما بعد ذلك، لأن تدمير الأخيرة لا يتطلب كثيرا من الجهد، ورأينا كيف تحوّلت دُويلة بحجم مشيخة قطر، إلى رأس حربة في المشروع الصهيو-أمريكي، وأصبحت هي من تقرر طرد هذه الدولة أو تلك من الجامعة العربية وتحويل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، فقطر توهّمت أنها أصبحت دولة محورية جراء احتضانها لأكبر القواعد العسكرية الأمريكية، فمن هذا المنطلق، رأى شيوخها، أن الوقت قد حان لتتخلّص مشيخة قطر من عقدة النقص التي تُلازمها بسبب فقدانها لأي ثقل تاريخي، وبذلك صبّت قطر جام حقدها وكراهيتها على سوريا منارة الحضارة العربية والإسلامية، بعدما دمّرت –أي قطر- ليبيا، وساهمت في إشعال الفتن وتغذية الإرهاب في العراق ومصر، ومالي وتونس واليمن….
ولأن ماكنة الحساب الأمريكية لا تؤمن بغلق الحساب وتقديم شيك على بياض لأي كان، فقد تركت شيوخ دُويلة قطر ينتشون بتطاولهم على غالبية الدول العربية بما فيها الخليجية في حدّ ذاتها، ونجحت إدارة أوباما في توريط قطر وتركيا بشكل مفضوح في دعم الإرهاب بخاصة في سوريا والعراق، بل جعلتهما تقودان في مرحلة سابقة كل المبادرات لتدمير هاذين البلدين ومن يسير في فلكهما، إلى أن جاءت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، الذي أبقى حسابات سلفه جارية، وفتح حسابا خاصا بدول الخليج ومصر والأردن وتركيا، وأعلن عن أكبر صفقة مزايدة لشراء الودّ الأمريكي، وهي الصفقة التي فازت بها المملكة السعودية، بعدما دفعت زهاء 500 مليار دولار، وهو مبلغ أهلها لأن تعود من جديد لتكون بلدا محوريا في المنطقة، بعدما سُحب منها هذا الدور لصالح قطر في وقت مضى، وبما أن السعودية الغارقة في الحروب والمشاكل الداخلية والخارجية، قد استعادت مكانتها، فبالضرورة أنها ستُدفّع قطر الثمن غاليا، وهو ما بدأ يتجلّى مع فرض الحصار عليها، لكن برأيي أن دول الخليج وعوض أن تتدارك أخطاءها وجرائمها بحق اليمنيين والسوريين والعراقيين والمصريين والليبيين… وتسعى إلى استعادة اللحمة العربية، انساقت وراء غريزة الإنتقام، وأشعلتها نارا كُبرى لا أتوقع سوى أنها ستحرقها هي وحلفائها في المنطقة بالدرجة الأولى، لأن دول حلف المقاومة قد اكتسبت التجربة في التعامل مع الحرائق، وهي اليوم تطفئ آخر بؤر الحرائق على الحدود السورية العراقية، وتُعزز أمنها ومناعتها، وبالتالي فإن أدوات الحرق المتمثلة في القاعدة وداعش، سوف لن تجد أي عناء في الإنتقال إلى دول الخليج لتُمارس لعبة تدمير المماليك والمشيخات، بعدما فشلت في النيل من الجمهوريات العريقة.
والحال كذلك أقول بأن “الربيع العربي” قد بدأ يجد طريقه إلى العربان هذه المرة، لكن بدون مواد تجميل، فهو سيدخل باسم الإرهاب، وبإسم التحالف مع الناتو والصهاينة، ل”حماية ومُحاربة” الإرهاب، وربيع كهذا بدأ العربان يقدمون القرابين له، وهم اليوم يضحون بقطر وغدا بغيرها وبعد غد لن يجدوا أية قرابين، قلت هذا الكلام لأنني لا أريد لشعبنا في قطر أن يُدمّر وتُسفك دماؤه، كما لا أريد لدائرة الدم أن تتوسع إلى دول الخليج الأخرى، فيكفينا ما سفكناه من دماء السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والمصريين والجزائريين والتونسيين…… فهل نستفيق يوما ونرى العربان قد استفاقوا.