اتصالالجزائرالرئيسيةسلايدر

لماذا الإصرار على ذكر “تبون” في قضية “البوشي”؟

يوسف محمدي

قبل أن يصرح وزير العدل طيب لوح من ولاية المسيلة يوم 24 يوليو الجاري بضرورة التزام السرية في التحقيق بخصوص قضية 7 قناطر كوكايين المحجوزة في ميناء وهران يوم 29 مايو 2018، كانت وسائل الإعلام قد نشرت العديد من المعلومات المتعلقة بالموضوع، وتلك المعلومات مسربة من الجهات القائمة على التحقيق، بما يطرح العديد من التساؤلات فيما يخص كشف بعض الأسماء دون أسماء أخرى، هل يتعلق الأمر بتوجه سياسي أو كشف لسرية التحقيق، أو حق المواطن في الإعلام؟

ولأن العدالة لم تفصل في القضية، فإن قرينة البراءة يجب أن تظل قائمة، وهذا مبدأ قضائي عالمي، وأن ما يجري هو مجرد تحقيق، لكن دعوة وزير العدل حافظ الأختام، إلى التزام بسرية التحقيق وإلى عدم تأثير وسائل الإعلام على العدالة، يطرح التساؤلات أكثر مما يحمل إجابات أو توجيهات لعمل القضاء الذي يحكمه القانون أصلا.

من هذا المنطلق تجدر الإشارة، إلى أن وسائل الإعلام تفاعلت مع القضية لهولها، كما تفاعلت معها وسائل التواصل الاجتماعي، ومعظم من تطرق للقضية يرغب في أن تبقى التحقيقات والتحليلات مركزة على القضية الأم، قضية الكوكايين، بدل “تمييعها” وسط كم من القضايا يجعل القضية المركزية بمثابة إبرة في حقل من الرمال.

لكن الملاحظ أن بعض وسائل الإعلام ومن باب البحث عما هو مثير، راحت تركز على اسم أو إسمين وتحديدا ما قالت أنه السائق الشخصي لمدير العام الأمن الوطني السابق عبد الغني الهامل وابن الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، ذلك أن ذكر هذين الإسميين يزيد في المبيعات والمقروئية والمشاهدة. وما عدا ذلك فإن وسائل الإعلام تذكر المستجوبين في التحقيق بالمنصب بدون ذكر الاسم كأن تقول المدير الفلاني في الولاية الفلانية أو القاضي في المجلس الفلاني.

ومنذ التوضيح الذي نشرته نقابة القضاة، بخصوص التناول الإعلامي للقضية، والتوضيح الذي نشرته مديرية الأمن الوطني، بخصوص ما قيل إنه تورط السائق الشخصي لعبد الغني الهامل، لم تذكر وسائل الإعلام أي اسم باستثناء الإشارة إلى وزير العلاقات مع البرلمان، بدة محجوب، الذي كان وزيرا للصناعة والمناجم لمدة 80 يوما، ثم نزل توضيح مبنى على مقربين منه ينفي علاقته بالموضوع.

لكن بعد مرور تقريبا شهرين من تفجر قضية الكوكايين والقضايا المتفرعة عنها، مازلات وسائل الإعلام تتفاعل مع القضية وهذا شيء طبيعي، لكنها مازالت تذكر اسم الوزير الأول عبد المجيد تبون بالاسم دون سواه، فهل هو محاولة لاستدراج الوزير الأول للخروج عن صمته ونشر توضيح على طريقة نقابة القضاة وتجد فيه حينذاك مادة دسمة للإعلام؟ أم هو تعمد ربط اسمه بقضية الكوكايين لأغراض سياسية؟ خاصة وأن الرجل منذ توليه حقيبة الوزير الأول لم يسلم من السهام الإعلامية والسياسية حتى تمت إقالته في مشهد هوليودي شاركت فيه عدة وسائل إعلامية، ليس لأن الرجل “ظلم” رجال المال والأعمال، حسبما تم تسويقه، بل لأن حكومته شهدت التفافا شعبيا غير متوقع حول برنامج عملها الذي أملاه عليها رئيس الجمهورية تماشيا مع المستجدات الاقتصادية المتأثرة بتراجع أسعار النفط.

يحدث هذا، وكان ممكنا لوسائل الإعلام الاعتماد على مصادر قريبة من عائلة تبون كما تعودت دائما الاعتماد على المصادر المقربة والمطلعة والحسنة، لتعطيها الفرصة كي تتحدث لها عن مضمون الفيديو الذي صوره “البوشي في مكتبه” والذي كان حسب وسائل الإعلام نفسها، سببا في توقيف ابن الوزير الأول. كذلك كان ممكنا لوسائل الإعلام في مثل هذه الحالات الاعتماد على المحامين، لنشر بعض المعلومات حول موكليهم، كما يحدث هذه الأيام في قضايا بعض الناشطين الحقوقيين.

ولأن الراهن السياسي ضبابي ومعقد، فإنه ليس مستبعدا أن صناع “حادثة المدرسة العليا للضمان الاجتماعي” المعروفة إعلاميا باسم قضية تبون-حداد والتي أدت إلى إنهاء مهام عبد المجيد تبون، هم أنفسهم يصرون على تشويه الرجل بذكره في كل مرة يتطرقون فيها لقضية البوشي، وربما ذلك ما جعل أحد كتاب الرأي في الجزائر يقول :”إذا كان الأمر يتعلق باللحم المستورد، فإن كل الجزائريين أكلوه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى