الجزائر

لهذه الأسباب حاربوا الرئيس بوتفليقة ورجالاته

زكرياء حبيبي

سُويعات قليلة تفصلنا عن السنة الميلادية الجديدة 2018، وهي السويعات نفسها التي بمجرد انقضائها نُؤبن سنة 2017، وبين هذا وذاك، ترتسم بجلاء، حصيلة ما حققناه في هذه السنة التي ستنقضي، وتتزاحم الأسئلة حول ما ستحمله لنا السنة الجديدة.

برأيي أن سنة 2018 ستشهد مُتغيرات كبيرة للغاية، سواء تعلق الأمر بالوضع السياسي أو الإقتصادي أو غيره، وأقول ذلك لأنه في المدة الأخيرة، شهدنا حركية غير عادية على الإطلاق، اتسمت وعلى غير العادة، بإخراج بعض الأطراف السياسية أوراقها على المكشوف، كما أننا عشنا على المباشر كيف أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سحب البساط من تحت أرجل بعض المتاجرين بالأمازيغية، بترسيم يوم 12 يناير يوم عطلة مدفوعة الأجر، في خطوة جريئة وحكيمة، تؤكد أن الرئيس بوتفليقة، لا يسمح على الإطلاق لأي كان باستعمال رموزنا وهويتنا في صراعات لا طائلة منها، بل إنه بهذه الخطوة، جدّد التأكيد مرة أخرى أن الأمازيغية هي مكون أساسي للهوية الوطنية الجزائرية، ويجب على كل جزائري الإعتزاز والإفتخار بها.

تعمّدت الإشارة إلى هذه النقطة الحساسة للغاية، لأن البعض عمل المستحيل في المدة الأخيرة على إشعال منطقة القبائل، ليس للمطالبة بإعطاء اللغة الأمازيغية المكانة اللائقة بها، وإنما لخلط الأوراق، خدمة لمصالح سياسية داخلية، ولخدمة أجندات خارجية مشبوهة، تستهدف ضرب استقراروأمن الجزائر، خاصة في ظل الظروف الإقتصادية العصيبة التي تعيشها البلاد، جراء انهيار أسعار النفط، وهنا أستحضر بعض تصريحات الدكتور شكيب خليل،التي أكد فيها بأن أحداث أكتوبر 1988 وما لحقها من مآسي في العشرية السوداء، كانت نتاجا لانهيار أسعار النفط آنذاك، حيث هبط سعر برميل النفط إلى 10 دولارات فقط، وهو ما لم يُمكّن الدولة من مواجهة متطلبات الشعب آنذاك، وفتح المجال واسعا لاستشراء الفوضى واللاأمن.

وبرأي الدكتور شكيب خليل، أنه كان لزاما على البلاد أن تُنوع إقتصادها، حتى لا تبقى رهينة لمُتغيّرات أسواق النفط، ويحضرني هنا كذلك تصريحه بأنه في سنة 1999، كانت مناطق عديدة من البلاد خالية من سكانها، بعدما هجّرهم الإرهاب باتجاه المدن الكبرى كالعاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة… وأنه بفضل حماية الجيش الوطني الشعبي، تمكن الوزراء ومسؤولو الدولة من الإنتقال إلى هذه المناطق لإقامة العديد من المشاريع بها، وإعادة إحيائها من جديد، وأنه بفضل ارتفاع أسعار النفط ما بين سنة 2000 و2010، تمكنت الدولة من إنعاش الوضع الإقتصادي والإجتماعي، وإنجاز مشاريع هامة للغاية كالطريق السيار ومحطات تحلية المياه وإنتاج الكهرباء… لكن برأي السيد خليل، أن الوضع الحالي الذي أنتجه انهيار أسعار النفط من جديد، وما ترتب عن ذلك من قلاقل، يستدعي مرة أخرى التذكير بضرورة تنويع الإقتصاد الوطني، وتحريك عجلة التنمية والإستثمار في القطاعات الأخرى كالفلاحة والسياحة… لأن ذلك فقط سيُمكّننا من إقامة إقتصاد قوي، اقتصاد تكون فيه الغلبة للصادرات على حساب الواردات، والدولة التي تتمتع باقتصاد قوي، بالضرورة تكون كل مؤسساتها قوية وعلى رأسها الجيش، وبذلك تحافظ الدولة على سيادتها واستقلالية قرارها.

هذه التصريحات القوية التي سبق للدكتور شكيب خليل أن أدلى بها في مناسبات عديدة، يجب أن تُشكل بنظري أرضية لمشروع الإقلاع الإقتصادي، الذي انطلق فيه الرئيس بوتفليقة، والذي لاقى بسببه متاعب عدّة، بل إن دوائر الفساد لم تكتفِ بمُحاربة الرئيس بوتفليقة وحسب، بل إنها شنت حملة تشويه شرسة على رجالاته الأوفياء والمخلصين للجزائر، وعلى رأسهم شكيب خليل، لأن هذه الدوائر الفاسدة والمُفسدة رأت أن مصالحها باتت مهددة بالزوال، وأنه في حال تواصل تنفيذ برنامج الرئيس، فإن فرصها في استنزاف ثروات الجزائر ستكون منعدمة ومعدومة، لذلك عملت المستحيل من أجل إبقاء الأوضاع على حالها، ولو أدّى ذلك إلى تفقير المزيد من الجزائريين، والدوائر نفسها تستغل اليوم الظرف الإقتصادي والمالي القاسي الذي تعيشه الجزائر، لضرب استقرارها، الأمر الذي يستدعي برأيي الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الكبرى، التي تُمكننا من تنويع اقتصادنا، وتحصين أمننا في الوقت نفسه، لكن وكالعادة، فإن هذه الدوائر الشيطانية، قد ضاعفت تحركاتها في المدة الأخيرة، من خلال شنها لحملات مسعورة على الرئيس بوتفليقة وأخيه السعيد، والدكتور شكيب خليل، وهو ردّ فعل طبيعي للغاية، بالنظر إلى ما سبق وأن ذكرناه، لكن ما يحُزّ في نفسي، أن الوزير الأول السيد أحمد أويحيى، لم ينتبه إلى هذا المخطط الجهنمي، وانساق بقصد أو بدون قصد، وراء تأجيج الوضع، بتحامله هو الآخر على شكيب خليل، بتصريحه أن “هذا الرجل لا يُقلقني” !، في ردّ على الإنتقادات التي وجهها شكيب خليل للإجراءات التي اعتمدتها الحكومة مؤخرا، لإيجاد حلول لنقص السيولة المالية، وعلى رأسها التمويل غير التقليدي، الذي رأى شكيب خليل أنه سيضاعف حجم التضخم، وسيكون تأثيره الكبير على الطبقة الهشة في المجتمع، فبرأيي أنه كان من الأجدر أن يستمع الوزير الأول أويحيى لتنبيهات شكيب خليل، وانتقاداته الأكاديمية، حتى لا يقع فيما لا تُحمد عُقباه، وينزلق بالبلاد إلى الهاوية، أمّا أن يُصرّح بما سبق ذكره، فهذا يعني أنه يُشخص المسألة، أو أنه لا يُقيم أي اعتبار لرأي المتخصصين والأكاديميين، وهنا أقول بأنه من غير المُستبعد أن تُشكّل سنة 2018 نقطة الإنطلاق في تصحيح مسار الدولة ككل، باتخاذ إجراءات جريئة وحاسمة من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، للنأي بالجزائر كلية عن المخاطر المُحدقة بها، وعلى رأسها التحديات المالية والإقتصادية، وأقول إنني لا أستبعد ذلك، لأن الرئيس بوتفليقة الذي عانى كثيرا من تدهور حالته الصحية، لم يفقد يوما قوته السياسية، التي أصبحت اليوم أقوى بكثير، ما سيُمكنه من تصحيح الأوضاع بشكل جذري، والسير بالجزائر في الطريق الآمن والمستقر، الذي يجعل منها بلدا قويا سياسيا وإقتصاديا وعسكريا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى