أراء وتحاليلبين الفكر والسياسة

ماذا يريد الشعب؟

بقلم:نور الدين بوكروح

ترجمة :عبد الحميد بن حسان

هل يُعتبر الشعب واقعا عددياًّ مثل الوعاء الانتخابي في المجتمع الديمقراطي، أم هو وجود تجريديّ كما هي الحال في الأنظمة الاستبدادية التي تشمل فيها هذه الكلمة كل الناس ولا تشمل أي أحد في آن واحد، والتي يُحتجّ بها على كلّ مَنْ أراد أنْ يخرج عن الصّفّ ؟ وماذا يريد الشعب الجزائري في زمن التحوّلات في العالم العربي؟ أيُريد الإبقاء على السلطة الحالية مع بعض التحسينات الاجتماعية، أم يريد الثورة؟ وإذا كان لا مفرّ من الثورة، فهل ستؤول إلى نظام أكثر ديمقراطية أم إلى دولة يُدّعى أنها إسلامية ؟ الانتخابات النزيهة وحدها هي التي بإمكانها أن تكشف عن نتيجة الثورة. لكن إذا كانت هذه الانتخابت ستكشف لنا أنّ الشعب الجزائريّ لا يزال متشبّثا بفكرة الدولة الإسلامية، فما العمل عند ذلك؟

أين يوجد الشعب؟ هل نحن متأكدون أنه في الأحزاب، بما في ذلك أحزاب الائتلاف الرئاسي ومنظمات المجتمع المدني؟ إنني أطرح هذا التساؤل لأن الشعب الذي قام بالثورة في تونس وفي مصر لم يأت من الأحزاب ومن منظمات المجتمع المدني، وهذا باعتراف صريح من الأحزاب والمنظمات. فهناك إجماع فيما قيل في هذين البلدين وفيما يقوله المُحلِّلون على أن الثورة كانت ثورة الشباب، ثورة جيل الأنترنيت التي انضمّتْ إليها الأحزاب لتتشرف بها، وانضمّتْ إليها الشخصيات الوطنية والمجتمع المدني. وعلى أية حال فلو أن الشعب الذي قام بالثورة في تونس ومصر كان منتمياً إلى تلك الأحزاب والمنظمات، فإن التمرّد على ابن علي ومبارك لم يكن ليتأخر إلى اليوم.

ومَنْ هو الشعب؟ في اليمن، رغم المجهود الذي بذله علي عبد الله صالح لإقناعنا بأنّ عدد المتظاهرين المؤيدين له يساوي عدد المعارضين، فإنّ التاريخ سيُسجّل أن أولئك المؤيدين لم يكونوا إلاّ ” بلطجية “، أما المعارضون فَهُمُ الشعب.وفي ليبيا، أين كان يتمثّل الشعب، أهو في صفّ القذافي أم في صفّ الثوّار؟ فـ ” الشعب ” إذاً ليس هو الحصيلة الحسابية للسكّان. المسألة ليست مسألة عدد، لكنها مسألة قضيّة مُتَبَنَّاة. إنّ التونسيين الذين أسقطوا النظام البائد لم يتجاوز عددهم بعض المئات من الآلاف من أصل عشرة ملايين تونسي. وإنّ المصريين الذين أطاحوا بنظام مبارك لم يتجاوز عددهم بضعة ملايين من أصل خمسة وثمانين مليون مصري.

كانت القضية المركزية في البلدان الأربعة التي ذكرناها هي قضية الحرية والتحرر من الاستبداد، بغضّ النظر عن عدد الأشخاص الذين تبنّوْها. إنّ القضايا إذاً هي التي توجِدُ الشعوب، وليس العكس. والشعب لا ينزع بفطرته إلى التحطيم ولا يتحوّل إلى جندي في المعركة، إنه لا يفعل ذلك إلاّ لتذكير المستبد الذي ينسى أنّ الشعب هو مصدر السلطة والشرعية. إذا ما كان الشعب عارفاً بما يريده، وإذا ما اجتمعت له شحنة نقدية كافية لتحقيق هدفٍ ما فهو يكتسب صفة السيادة ويصير هو صاحب القرار الأوحد، ولن يستطيع أحد أن يُنازعه صلاحياته. كانت ثورة نوفمبر 1954 من فعل اثنين وعشرين شخصاً من أصل تسعة ملايين جزائري، وبعضهم لا يزال على قيد الحياة (يعني ذلك أنهم كانوا شباباً). وكان جزء كبير من الشعب الجزائري آنذاك منضوياً تحت لواء تشكيلات سياسية لم تقم بتفجير الثورة المسلّحة، لكنّها انضمت إلى الثورة بعد ذلك. وحصيلة كلّ هذا أنْ الشعب يتجسّد دوما في أقلّيّة ولا يتجسّد أبداً في إجماع.

لا وجود في بلادنا لمعاهد متخصصة في سبر الآراء من أجل الاطّلاع على إرادة الشعب ومعرفة رأيه في مختلف القضايا. ومع ذلك فهناك وسائل تُمكّننا من أخذ فكرة عن توجّهه العام، مثل: ما يُنشر في الصحافة، وتصريحات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، والحراك الاجتماعي، والمسيرات، والمناقشات في المقاهي، وتقارير الشرطة، والجوّ العام… فما رأي الشعب الجزائري في موجة الثورات العربية؟ وما هي التغييرات التي يتطلّع إليها من أجل ترك بلدنا في منأى من ثورة مُدمّرة؟ لا أحدَ يستطيع أنْ يُجيب عن ذلك، لكنّ هناك وسيلة للاطّلاع على الواقع.

لنتصوّر أن السلطة الجزائرية، وعلى ضوء الأحداث التي يمرّ بها العالم العربي، قررت الشروع في إحداث تغييرات، ولمزيد من إثبات حسن نيتها، بادرت بمنح الشعب حرية التعبير عن تطلّعاته. ولتنفيذ كل ذلك لنفرض أن السلطة قامت بفتح أبواب وسائل الإعلام العمومية للأحزاب، والجمعيات، والنقابات المهنية، وللمثقفين والشخصيات الحرّة، وللجزائريين المقيمين في الخارج، إلخ، تماما كما فعل بومدين سنة 1976 قبل أن يمنح للبلاد دستورا سوفياتياًّ. فماذا سيتمخّض عن حرية التعبير هذه؟ سيتمخض عنها بالتأكيد كمٌّ هائل من الاقتراحات التي يمكن أن نُصنّفها جملةً في صنفين: المسائل الاجتماعية الاقتصادية، والمسائل السياسيّة.

إنّ المطالب الاجتماعية الاقتصادية ستأتي من كل البلديات، وستنصبّ حول التشغيل، والرواتب، وأسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، والسكن، والمصالح العمومية، والبُنى التحتية، والبيروقراطية، والقطاع الخاص، بل وحتى حول تأشيرة السفر إلى الخارج. أمّا المطالب السياسية فستأتي من المجتمع المدني، وأحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية. لنُحاول أنْ نُعيد صياغة تلك المطالب كما عُبّر عنها منذ عدة سنين آملين ألاّ ننسى أي مطلب يكتسي أهمية ما: المطالبة بتأسيس نظام ديمقراطي أو دولة إسلامية، انفتاح الإعلام العمومي على الحياة السياسية، حريّة إنشاء أحزاب، وجرائد، ونقابات حرّة وجمعيات، تعيين حكومة انتقالية، إبعاد الجيش عن الحياة السياسية، حلّ المجالس المنتخبة الحالية، انتخاب مجلس وطني تأسيسي أو مراجعة الدستور، مراجعة قانون الانتخابات من أجل منع التزوير، نبذ مركزية القرار وإعطاء التسيير طابعا محليا، ترسيم اللغة الأمازيغية، فتح ملفّات الفساد، منع استغلال رمز جبهة التحرير الذي هو ملك للوطن كلّه…

ولا شيء يضمن لنا أنّ المطالب الاجتماعية الاقتصادية والمطالب السياسية ستتبلور بهذا الوضوح. فالمشكلة كلّها تكمن في موقف الشعب إزاءها. فماذا لو كانت من الشعب الاستقالة من كل هذا؟ ماذا لو كان جلّ اهتمامه منصباًّ على الأسعار، والرواتب، والتشغيل والسكن، مع إهمال طبيعة النظام وهويّة الأحزاب والأشخاص الذين سيضمنونها له؟ إنّ السلطة الحالية في هذه الحالة بإمكانها أنْ تطمئنّ إلى أنها قد يُعاد تعيينها بواسطة انتخابات ” نظيفة ونزيهة ” حقاًّ. لكن، لنواصل حبل هذا التفكير بافتراض أن السلطة نفسها مهتمّة فعلاً بإجراء إصلاحات سياسية حقيقية. ما هي الجهة التي يُخوَّلُ لها أمر إحصاء هذه المطالب السياسية ومناقشتها مع السلطة؟ المنطق يفرض أنهم هؤلاء الفاعلون الذين ذكرناهم شرط أن يكونوا متفقين مسبقا على حيّزٍ من التشاور وآلية للتمثيل الجماعي. وهذا ما لم نره إلى حدّ الآن، لكنهم قد يحققون ذلك بالنظر إلى أهمية القضايا المطروحة. ومع ذلك فإنني أشكك في ذلك.

لقد أُجْبِر المستبدّ في مصر وتونس على التخلّي عن الحكم، أما البرلمان والحزب الحاكم والشرطة السياسيةفقد تمّ حلّها في هذا الخضمّ. وسيتمّ انتخاب مجلس تأسيسي في تونس شهر جويلية القادم، أما في مصر فإنّ مراجعة الدستور قد أُسْنِدَتْ إلى لجنة خبراء، وقد تمّت المصادقة على الديباجة الجديدة من طرف أغلبية الشعب المصريّ. وكان ذلك أول اقتراع نزيه منذ عهد توتنخامون (Toutankamon).

أمّا الجزائر فلمْ تَحْظَ أبداً بدستورٍ ناجمٍ عن إرادة ممثلي الشعب. فكلّ الدساتير صيغتْ على يد السلطة، وكان كل رئيس يستعمله كما يشاء. صحيح أنه قد تمّ انتخاب مجلس تأسيسي سنة.1963 لأداء هذه المهمّة، لكن رئيس الجمهورية آنذاك، وهو بن بلّة، قرّر بغير سابق إشعار أن يتفادى المجلس التأسيسي وأن يُسنِد مهمة صياغة الدستور لجبهة التحرير الوطني. وأدى ذلك إلى استقالة فرحات عباس من رئاسة المجلس التأسيسي في أوت 1963 بعد أن كتب قائلاً:  إنّ تجميع السلطات بين نفس الأيدي ضربٌ من الهذيان… فلم تبق أية ديمقراطية، إذ الشعب غائب ومُمثِّلوه لم يعودوا سوى دُمى… إنّ رئيس الدولة الذي هو في نفس الوقت رئيس الحكومة لا يمكن له أن يقوم بكلّ شيء… وإنّ مثل هذا النظام سينتهي به الأمر إلى إيجاد أنشطة معارِضة وانقلابات ودسائس… استقلْتُ من رئاسة المجلس لأني لا أريد أن أخرج من النظام الاستعماريّ كي أقع تحت رحمة الديكتاتورية وأرزح تحت نير إرادة نزوات شخصٍ ذي تقدير ضعيف بقدر انعدام وعيه بعواقب أفعاله“. وبعد أقلّ من عامين جرى الانقلاب ضد بن بلّة وتمّ تعليق الدستور حتى سنة 1976. أمّا فرحات عباس فسيتعرّض للسجن والإقامة الجبريّة ومُصادرة جواز سفره وصيدليته وحساباته البنكيّة، إضافة إلى شتائم مستمرّة ومنتظمة بسبب مقال كتبه سنة 1936.

ويعني المجلس التأسيسي انتخاب نواب تستمرّ عهدتُهُم حتى تتمّ صياغة الدستور. وهذا يقتضي أنْ يُسبق ذلك بحلّ البرلمان السابق بغرفتيْه. لكن ماهي السندات القانونية التي سيُعتمد عليها في الانتخاب؟ أهي قانون الانتخاب الحالي؟ ما الذي يضمن أنّ الإدارة لن تُزوِّرَ النتائج حسب رغبات السلطة كما كان يجري في السابق. فلا مكان للثقة. وستتطلب عملية انتخاب هؤلاء النواب عدة أشهرٍ، ثُمّ إعداد قانون داخليّ، وتحرير مشروع والمصادقة عليه في جلسة علنية ثمّ طرحه للاستفتاء العام. لكن، هل يعتبر المجلس التأسيسي من بين مطالب الشعب؟ إنّ الشعب كما يعرف الجميع منقسم على عدة مواقف وأفكار. والعصبيات ما تزال سيدة الموقف في صفوفه، والمؤكد أنّ النواب الذين سينتخبهم سيكونون صورة طبق الأصل عن الانقسامات الإيديولوجية والثقافية الموجودة في الواقع. اللّهُمّ إلاّ إذا كان من نتائج استيقاظ الشعوب العربية ما دفعنا إلى الاستيقاظ نحن كذلك وقادنا بغير علمٍ منّا إلى عالم الألفية الثالثة.

إنّ اهتمام المجلس التأسيسي سينصبّ كلّه على موضوعين رئيسيين: النظام السياسي والمسائل ” الحسّاسة “. وقد تستمر الأشغال مدة طويلة دون الوصول إلى إجماع. وبالفعل، فإنّ نواب التيار الإسلاميّ (لأننا في إطار  فرضية انتخابات غير مُزوّرة) يريدون تقوية مكان الدين في الدولة وتمكينه من زمام الأمور في المجتمع، بينما يميل نواب التيار الحداثي إلى تخفيف قبضة الدين من أجل ضمان حرية المعتقد والمساواة بين الرجال والنساء في كل المجالات. ثمّ تأتي مسألة إعادة هيكلة الجماعات المحلّية في شكل نواحي تتمتع باللامركزية، ومسألة ترسيم اللغة الأزيغية كموضوعين آخرين قد يكون حولهما الخلاف حاداًّ.

وقد يتنازل أصحاب هذا الاختيار الأول عن موقفهم مخافة تعقيد الأمور، ويضمّون صوتهم إلى الأصوات المنادية بمراجعة الدستور الحالي بدلاً من استبداله. ورئيس الجمهورية هو الذي سيتكفل بهذه المهمّة بالتنسيق مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والمختصين في القانون الدستوريّ. وفي آخر المسار ستتمّ إحالة الدستور الجديد على الاستفتاء العام. إنّ المراجعة ستتوقف عند حدود المواد المتعلقة بالنظام السياسي (البرلماني، نصف الرئاسي كما هي الحال في فرنسا، أو رئاسي كما هي الحال في الولايات المتحدة)، وكذا توزيع السلطات بين التنفيذية والتشريعية. ويُتوقّع أن تلقى العودة إلى تحديد عدد العهدات الرئاسية تأييدا من طرف أغلبية النواب. أما مسألة الحُرّيّات العمومية فالمتوقع ألاّ تطرح أي مشكل خاص لأن معظم تلك الحريات مذكورة في الدستور الحالي. إ

إن السلطة هي التي جمّدت العمل بتلك التدابير بمنع أحزاب المعارضة من التعبير في وسائل الإعلام العمومية ورفض منح الاعتماد لبعض الأحزاب التي تستجيب ملفاتها للقانون، وليس هذا فقط، لكننا نكتفي بذكر هذين المثالين. لكن، كيف يمكن تفسير هذه السلوكات من الإدارة التابعة للسلطة؟ يمكن افتراض أنّ السبب وراء ذلك ليس مضايقة الشخصيات الممثلة لتلك الأحزاب، بل سدّ الطريق في وجه قدماء جبهة الإنقاذ وجيش الإنقاذ والجيا الذين صرحوا أكثر من مرّة أنّ وعودا قُدِّمَتْ لهم في هذا الاتجاه. غير أنّ هذه الحجة لا تبرر أخطاء السلطة، لأن هذا الأسلوب في التعامل مع القوانين غير مقبول. فالقوانين إمّا أن نُطبّقها وإمّا أن نُعدّلها وإمّا أنْ نُلْغيَها، لكن لا يجوز الإبقاء عليها كما هي مع اختراقها. ففي ذلك تكريس لأسلوب المافيا.

إنّ الثورات تساوي في عنفها وقدرتها التدميرية أعنف الزلازل. والمعروف أن إثر كل زلزال تأتي عملية إعادة البناء بطراز أحسن من السابق. فقد رأينا أن اليابان تعرّض لزلزال في درجة نادرة من القوة، وتلاه تسونامي أكثر تدميراً، لكن اليابان ستُعيد بناء ما تهدّم بمعايير أكثر وثوقا من المعايير السابقة. إنه شعب تكمن قوته في ثقافته وأفكاره وتربيته وانضباطه وحسه الجماعي. إن شعبا كهذا لا يُدمَّر. وقد أثبت ذلك خلال الحرب العالمية الثانية التي لم يتراجع فيها عن موقفه حتى لجأت الولايات المتّحدة الأمريكية إلى استعمال القنبلتين النوويتين الوحيدتين اللتيْن كانت تملكهما.

وكانت بلادنا قد تعرّضتْ سنة 1991 لأزمة سياسية كان عدد ضحاياها أعلى بكثير من عدد ضحايا الزلزال والتسونامي اللذين خرّبا اليابان جزئيا. على الجزائريين أن يُعيدوا بناء نظامهم السياسي على قواعد جديدة واعتمادا على معايير مُضادة للزلازل. ولأجل ذلك يجب ألاّ يستعينوا بكفاءة صانعي الأكواخ والبنايات المؤقتة، ولا بتجربة بعض المقاولات في الغش والتدليس. إننا بحاجة في المرحلة القادمة إلى مهندسين أكفاء، وبنَّائين مهرة ومواد صلبة. إن ” أجيال الأنترنيت ” التي لم تندمج في المشهد السياسي الحالي يجب أن تعتمد على نفسها كما فعل الشباب في تونس ومصر، وأن تعطي إشارة الانطلاق لأساليب وأطر التنظيم الخاصة بها. ولو أنها أسست حراكها على معطيات وطنية وحديثة، فإنها ستتمكن إنْ آجلا أم عاجلا أن تفرض نفسها كبديل ذي مصداقية عن الاستبداد الذي خرّب البلاد وعن العصبيات التي أفسدت مسار التناوب. إنّ الجزائري بطبعه شعبٌ يكون أسوأ ممن يعامله بالسوء، ويكون أحسن ممن يُعامله بالحسنى.

 

لوسوار دالجيري 29 مارس 2011

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى