الجزائرالرئيسيةسلايدر

ما سرّ ترويج المغرب لإشاعة “وفاة” بوتفليقة؟

زكرياء حبيبي

من يقف وراء ترويج إشاعة “وفاة” الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟ ولماذا تمّ الترويج لها في هذا الوقت بالذات؟ ومن المستفيد من ترويجها؟ هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها بإلحاح، لأن الجهات التي روّجت لهذه الإشاعة المُغرضة، تكون قد أُصيبت بحالة من الإحباط واليأس في مواجهة الدبلوماسية الجزائرية التي تُجيد التعامل مع كلّ المستجدات في حينها وبذكاء وعبقرية كبيرين.

ترويج الإشاعة يأتي بعد إلغاء الزيارة التي كانت مقررة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الجزائر مؤخرا، بسبب طارئ صحي ألمّ بالرئيس بوتفليقة، وهو برأيي ما شجع مروجي هذه الإشاعة على اقتناص الفرصة لصبّ أحقادهم وكراهيتهم باتجاه الجزائر، كما أنه يأتي بعد الإنتكاسة الكبيرة التي أصابت المخزن المغربي، بعد إلغاء زيارة للملك محمد السادس إلى مالي التي تعتبر الحديقة الخلفية للجزائر، ما شكل بالنسبة إليه صفعة قوية، أضف إلى ذلك إضطرار المغرب إلى سحب قواته من منطقة الكركرات بالصحراء الغربية، بضغط من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ما صنفه الملاحظون على أنه أكبر هزيمة تلحق بالمغرب بعد انضمامه إلى الإتحاد الإفريقي مؤخرا، وأكثر من ذلك كُلّه أن المغرب بات شبه معزول في المنطقة بعد توتر علاقاته مع الجارة موريتانيا، ومن يعرف ميكانيزمات التفكير لدى المسؤولين المغاربة سيصل حتما إلى أن القصر الملكي سيُحمّل الجزائر مسؤولية كل ما يلحق به من هزائم وانتكاسات، ومن هنا فإن المستفيد الأول من ترويج هذه الإشاعة هو المخزن المغربي بدون جدال، وبخاصة أن المواقع الإلكترونية والصحافة المغربية هي من بادرت إلى نشر هذه الإشاعة وتهويلها، ولحقتها بعض الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي التي أنشأها المخزن المغربي وقدمها على أنها لمواطنين جزائريين، حتى ينجح في التأثير في الرأي العام الجزائري، وتسميمه بأكاذيبه ومؤامراته.

شخصيا لا يعنيني قيام بعض وسائل الإعلام المأجورة في بعض البلدان العربية والغربية، للترويج للإشاعة، لأنها موجودة لغرض المُقاولة لمن يدفع أكثر، وهي بذلك عديمة المصداقية، لكن ما يهمني أساسا هو الكشف عن سرّ التكالب المغربي على الجزائر في هذا التوقيت بالذات كما قلت ذلك سالفا، ولن أجتهد كثيرا للوقوف على بواعث هذه الحملة المسعورة، على اعتبار أن المغرب يتوجس كثيرا هذه الأيام من النتائج التي ستتمخض عن زيارة وزير الخارجية الإسباني السيد الفونسو داستيس يوم الأربعاء المقبل، على اعتبار أن إسبانيا كانت هي الدولة التي تحتل الصحراء الغربية، وساهمت في تكريس الإحتلال المغربي لها، وبما أن قضية الصحراء الغربية بدأت تعرف منعرجات حاسمة، بعد انضمام المغرب إلى الإتحاد الإفريقي، كون المغرب سيكون مضطرا للتصديق على ميثاق هذا الإتحاد الذي يعترف بالجمهورية العربية الصحراوية كعضو مؤسس له، كما سيُجبر على احترام سيادة الجمهورية العربية الصحراوية، وهذا بحدّ ذاته كفيل بأن يحدث زلزالا في العرش المغربي، على اعتبار أن آلاف المغاربة قُتلوا أو جرحوا في الحرب التي شنّها القصر الملكي على الشعب الصحراوي، بذريعة “تحقيق الوحدة الترابية” والتي دامت لعقود من الزمن، واليوم يُفاجئهم ملك المغرب بالعودة إلى الإتحاد الإفريقي ليجلس إلى جانب الجمهورية الصحراوية، وأؤكد على هذا لأن أصوات العديد من المغاربة باتت تعلو وتنتقد سياسة القصر الملكي ومُغامراته في الصحراء الغربية، وبالتالي فإن المخزن من خلال ترويجه لإشاعته المسمومة ضد الرئيس بوتفليقة، يسعى إلى حرف أنظار المغاربة من جهة، واختلاق المشاكل مع الجزائر من جهة أخرى، ليستثمر ذلك كله في مجال تدجين الشعب المغربي وإيهامه بأن عدوه الأول هو الجزائر.

إن حسابات القصر الملكي المغربي بهذا الشكل، تعكس برأيي حجم الإرتباك الذي أصابه وهو يرى الجزائر تتحوّل إلى لاعب أساسي على المستوى الإقليمي والعربي والعالمي كذلك، ويكفي هنا أن نشير إلى تقرير كتابة الدولة الأمريكية للخارجية الأخير، الذي أثنى على التجربة السياسية في الجزائر، وأشاد بدورها في مكافحة تبييض الأموال ومكافحة المخدرات، والذي بالمُقابل قدّم صورة سوداء عن المغرب خاصة في مجال حقوق الإنسان، واعتبر النظام المغربي على رأس الدول المنتجة للمخدرات في العالم، وما دام أن هذا التقرير قد صدر يوم الجمعة 03 مارس، والإشاعة المسمومة التي استهدفت الجزائر ورئيسها صدرت في اليوم نفسه، فهذا يعني أن أركان العرش الملكي المغربي قد أصابها زلزال مُدمّر، أفقد المخزن توازنه فراح يلعب أوراقا خبيثة لا نظن إلا أن نتائجها ستكون عكسية، وستصيب العرش الملكي في مقتل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى