الجزائر

مشروع حديقة الساحل بشرشال يضيع بين الصينيين وكوسيدار

حسان خروبي

عندما تمّ القضاء على المفرغة العمومية لما بين البلديات لدائرة شرشال الواقعة بـ “كبريره” التابعة إداريا لبلدية سيدي غيلاس سنة 2009، قرّرت السلطات العمومية تحويل تلك  المساحة  إلى حديقة نموذجية، وكان مدير البيئة آنذاك قد صرّح للصحافة الوطنية أنّ الدراسات الخاصة بحديقة الساحل توشك على نهايتها، وبالفعل كان مكتب الدراسات المكلّف بإعداد الدراسة الخاصة بهاته الحديقة  قد قدّم عرضه الأولي وتمّت مناقشته من طرف لجنة مشكّلة من كلّ الأطراف ذات الصلة ثمّ أتبعه بعرض ثاني لتتبنّى السلطات العمومية هذا المشروع كحديقة ساحلية نموذجية الأولى من نوعها على المستوى الوطني حيث خصّص لها غلاف مالي قيمته 12 مليار سنتيم، و مساحة تقدّر بسبعة هكتارات ونصف الهكتار، إذ شُرع في حملة تشجير بغرس حوالي 3500 شجرة  من نوع ”البلاتان” والصنوبر البحري، في حملة تطوعية شاركت فيها الكشافة الإسلامية الجزائرية وعدد كبير من الجمعيات ومواطنون.

مشروع حديقة الساحل كان ليغطي نقائص فادحة في مجال المساحات الخاصة بالراحة والترفيه، إذ رغم طول الشريط الساحلي في المنطقة ورغم ما تتوفّر عليه من غابات وإمكانيات سياحية طبيعية غير أنّ العائلات سواء في سيدي غيلاس أو شرشال لا تجد متنفّسا لها ولا مساحات للعب الأطفال، لكن بتراجع السلطات العمومية عن المشروع ومنحه لمؤسسة كوسيدار كمركز راحة عائلي لمدة 33 سنة قابلة للتجديد، سيزداد الخناق على المنطقة خصوصا وأنّ الجهة الشرقية لشرشال ستخصّص للميناء الجديد ما يعني فقدان المنطقة لحظيرة طبيعية ظلّت لعقود من الزمن متنفّسا هاما يلجأ إليه السكان للراحة.

الأرضية المخصّصة لحديقة الساحل، مُنح جزء مهم منها للشركة الصينية المكلّفة بانجاز الشطر الثاني من الطريق الاجتنابي لمدينتي شرشال وسيدي غيلاس لإنشاء قاعدة حياة خاص بعمالها، ثمّ أتبعه القرار الولائي القاضي بإنشاء مركز للراحة خاص بعمال المؤسسة العمومية “كوسيدار”، وسيقع هذا المركز على حافة شاطئ كابريره الذي كانت سلطات بلدية سيدي غيلاس قد قدّمت طلبا لسنتين متتاليتين لإدراجه ضمن الشواطئ المسموحة للسباحة، خصوصا وأنّه رغم منع السباحة فيه إلا أنّه يستقطب المئات من العائلات والمستجمين كونه لا يختلف عن أيّ من شواطئ المنطقة، وكان بالامكان أن تضمّه بلدية سيدي غيلاس ضمن الشواطئ التي تسمح لها بمداخيل إضافية، علما أنّ الشريط الساحلي لغرب ولاية تيبازة يتّسع لبناء مركز الراحة العائلي لكوسيدار وغيرها دون اللجوء إلى إلغاء مشاريع كانت قيد الانجاز ودون التأثير على الطابع العمومي لهذه الأماكن أو المساس بالحق في السياحة..

وبفقدان المنطقة لمثل هذا المشروع تكون الخسارة مزدوجة، فمن جهة خسر سكان المنطقة مشروع حديقة كانت لتُنسي الأجيال القادمة معاناة سابقيهم جرّاء مفرغة كبريره التي ظلّت نقطة سوداء منذ الاستقلال، ومن جهة أخرى تُحرم الخزينة العمومية من مداخيل إضافية كانت لتدرّ بها هذه الحديقة من خلال الخدمات التي ستقدّمها لزوارها، وقد جاء هذا القرار في وقت دعا فيه وزير الداخلية والجماعات المحلية شهر جويلية الماضي خلال لقاءه التقييمي بولاة الوسط “إلى ضرورة استغلال كل متر مربع من شأنه أن يدر الثروة لخزينة البلديات والولايات، لأن الدولة غير قادرة على مواصلة سياسة “البايلك” في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها”!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى