اقتصاد وأعمالالجزائر

الثلاثية تبحث النموذج الاقتصادي الجديد وتمديد سن التقاعد في الجزائر

*مصطفى مقيدش: الأولوية هي تحقيق إجماع سياسي لفك الارتباط مع الريع 

 عبد الوهاب بوكروح

تعقد الثلاثية الـ19 الأحد 5 جوان بالعاصمة الجزائر، بمشاركة الحكومة والنقابة وأرباب العمل وبعض ولاة الجمهورية، لبحث النموذج الاقتصادي الجديد للنمو وقانون التقاعد الجديد الذي يقترح تمديد سن العمل في الجزائر إلى ما بعد 62 عاما، فضلا عن تقييم العقد الاجتماعي والاقتصادي الذي تم التوقيع عليه في العام 2014.

وسيبحث الاجتماع فضلا عن الملفات المشار إليها موضوعات الساعة المتعلقة بضرورة تحصين مناخ الأعمال وتيسير فعل المقاولة في الجزائر أمام الفاعلين العموميين والخواص فضلا عن تطوير المؤسسة الوطنية وترقية التشغيل.

وقال البروفسور مصطفى مقيدش، في تصريحات لـ”الجزائر اليوم”، أن مشروع النموذج الاقتصادي تم وضع محاوره الرئيسية من قبل المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بهدف مواجهة الأزمة المالية الناجمة عن انهيار أسعار المحروقات، في العام 2012 بمناسبة خمسينية الاستقلال.

وأفاد المتحدث، أنه على الحكومة تنفيذ نموذج اقتصادي جديد يضمن فك الارتباط بالريع إلى غير رجعة، والالتزام بالعمل على تحويل القطاع الاقتصادي العمومي والخاص إلى قطاعات منتجة خلاقة للثروة بغض النظر على مستويات أسعار النفط.

وحذر مقيدش، من التردد في تطبيق هذا النموذج أو التوصيات التي رفعت للحكومة بمناسبة خمسينية الاستقلال في العام 2012 للمرة الأولى ثم في سبتمبر 2015 للمرة الثانية، مضيفا أن التردد وتعليق الآمال على ارتفاع مستقبلي لأسعار النفط إلى مستويات 80 و90 دولار معناه الهروب مرة أخرى إلى الوراء، واصفا ذلك بالعملية الانتحارية على مستقبل الجزائر ومستقبل الأجيال، مشددا على أن المعركة التي على الجزائر خوضها هي معركة ضمان وجود.

وأكد نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على ضرورة المضي قدما نحو تحقيق إجماع سياسي يسمح التطبيق السلس والتوافقي للنموذج الاقتصادي الجديد.

وكانت حكومة عبد المالك سلال، قد استلمت التوصيات التي وضعها فريق الخبراء المشاركين في مائدة مستديرة حول النموذج الاقتصادي الجديد نظمت بتاريخ 22 سبتمبر 2015 بالجزائر.

وقام الوزير الأول عبد المالك سلال بتحويل خلاصة التوصيات إلى أعضاء الحكومة على سبيل الدراسة والاستغلال بحسب الوثيقة التي تحصلت “االجزائر اليوم” على نسخة منها.

وصدرت الوثيقة في شكل جملة من التوصيات والمقترحات بهدف الحد من انعكاسات التراجع بأزيد من 50 % في مداخيل البلاد بالعملة الصعبة نتيجة تراجع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية، فضلا عن  تقديم خارطة طريق لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي مستدام.

وتضمنت الوثيقة التي بحوزة “الجزائر اليوم”، على 50 توصية شملت مجالات تشريعات الحوكمة الاقتصادية وإصلاح الجباية وإصلاح مناخ عمل المؤسسة الجزائرية والإصلاح الضريبي والجبائي وبحث آليات ونماذج جديدة لتمويل عجز الموازنة وعقلنة الإنفاق العام ومحاربة هذر الثروة الوطنية ومحاربة التبذير وتعزيز منظومة التكوين في علوم الرياضيات وعلوم المهندس.

 

عقلنة الإنفاق العام وتخصيص الدعم للفقراء حصرا

وطالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي من الحكومة بمراجعة مشروع قانون المالية 2016، معتبرا أنه على الحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات المستعجلة وعددها 18 إجراءا في حين قدم حوالي 20 مقترح إصلاح للمدى القصير و10 مقترحات للمدى المتوسط.

وشدد المجلس أساسا وبصفة مستعجلة على ضرورة القيام بعقلنة الإنفاق العمومي والشروع حالا في توجيه الدعم للفئات المحتاجة فعلا، حيث كشف فريق الخبراء أن الدعم المباشر وغير المباشر في الجزائر بلغ 30% من الناتج الداخلي الخام وهو ما يعتبر من المستحيل تحمله في ظل المتغيرات الراهنة، مشددا على ضرورة عقلنة التحويلات وتوجيهها للقراء والمحتاجين فعلا.

ولإنجاح تطبيق المقترح قدم فريق الخبراء ورقة طريق للتنفيذ، تمثلت في التوجه نحو إلغاء نظام الدعم الشامل الذي يستفيد منه الجميع أغنياء وفقراء، وتعويض ذلك بمنظومة مساعدات مالية مباشرة للعائلات الفقيرة بالاعتماد على الرقم التعريفي الوطني الموحد(NIN)، وفي انتظار الانتهاء من إعداد ذلك أقترح الخبراء وضع حصص المواد القابلة للدعم على غرار التجربة الناجحة في مصر، وهذا بغرض وقف نظام الدعم الشامل المكلف للغاية، وهو ما تم الاخد به من قبل الحكومة جزئيا بخصوص المنتجات النفطية المكررة قبل التخلي عن المقترح في مشروع قانون المالية لأسباب مجهولة.

ودعا خبراء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي لرفع أسعار المواد المكررة بما يعادل 10 دج للبنزين و15 دج للمازوت معتبرين السيارة بمثابة منتج تستهلكه الشريحة الأعلى من الطبقة المتوسطة ما يستوجب بحث آليات جديدة أكثر حزما لا يؤثر سلبا لا على مستوى الإنتاج ولا على جودة الخدمة المسدات إلى الشريحة الأوسع من المجتمع على غرار النقل الجماعي.

وفي مجال الإنفاق العمومي اقترح المجلس تخفيض حاد في ميزانية التسيير بما لا يقل عن 20 % في مرحلة تمتد بين 4 إلى 5 سنوات، من خلال الإبقاء على المستوى الاسمي الحالي للإنفاق ثم ترك التضخم يعل فعلته، فضلا عن اقتراح تمويل ميزانية التسيير من خلال الجباية العادية من خلال رفع مستوى التغطية من 15 إلى 20 % خلال 5 إلى 7 سنوات.

وحرص الخبراء على ضرورة أن تصبح الجزائر دولة زراعية أولا من منطلق أنه الطريق لكل أمة تطمح لأن تكون أمة صناعية. وشدد خبراء المجلس على أن ذلك يمر حتما عبر تطهير العقار الفلاحي نهائيا وإجراء مسح شامل للأراضي الزراعية من خلال وضع بطاقية وطنية للأراضي الزراعية بحسب خصوصية كل منطقة مع تطهير ملف أراضي العرش.

كما تقدم المجلس بمقترح لخفض أجور الإطارات العليا للدولة بـ5 %، وهذا لإعطاء المثل للمجتمع، وإيلاء عناية كبيرة لتطوير وتنمية كل أنواع تربية السلالات المحلية.

وأقترح الخبراء أيضا إعادة النظر في الضريبة على أرباح الشركات بـ30 % على الأقل بالنسبة لنشاط الاستيراد بخصوص نشاط البيع على الحالة ورفع الضريبة على أرباح شركات قطاع الخدمات خارج قطاع الخدمات النبيلة(الخدمات ذات القيمة الإضافية العالية مثل القطاع التكنولوجي والاقتصادي الرقمي…) وهو ما يسمح بخفض الضريبة على أرباح القطاع الصناعي بـ 2إلى 3% وهو المقترح ذاته الذي تقدم به منتدى رؤساء المؤسسات في هذه النقطة.

 

رفع الضرائب على السيارات والمكيفات للحد من تبذير الطاقة

اقترح خبراء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي رفع قيمة قسيمة السيارات بنسبة 50 % (4000دج إلى 6000دج) بالنسبة للسيارات التي تعمل بالبنزين و100% لسيارات المازوت، ومضاعفتها مرتين إلى 3 مرات بالنسبة للسيارات الفاخرة التي تتجاوز قوتها الإدارية 10 أحصنة.

وللحد من الواردات التي تجاوزت 60 مليار دولار يقترح الخبراء فرض رسوم عالية جدا على المواد الكمالية وعلى المواد التي تستطيع البلاد إنتاجها محليا أو المتاحة محليا من متعاملين وطنيين وفرض ضريبة قيمة مضافة متغيرة على المنتجات بحسب الأولوية.

ولخفض ارتفاع الاستهلاك المحلي للطاقة تم توجيه أصابع الاتهام للسيارات وتجهيزات التكييف المنزلي، حيث يتوجب فرض رسوم مرتفعة جدا للحد من تبذير الطاقة وفرض معاير مشددة على أجهزة التكييف المنزلي قريبة من المعايير الأوروبية للحد من دخول المكيفات التي تستهلك الطاقة بشكل مرتفع، وهي النقطة التي أعلن الوزير الأول عبد المالك سلال الشروع في تنفيذها في 2017 بخصوص فرض ضرائب على المكيفات المنخفضة الثمن.

ومن أجل الحد من تبذير الشركات والهيئات العمومية، نصح الخبراء بضرورة إلزام الأخيرة بالتوجه نحو رسكلة 15% على الأقل من مخلفاتها من الورق والبلاستيك سنويا بالتعاون مع الشركات العمومية المختصة عل غرار تونيك.

 

تعزيز الحوكمة والحرب على البيروقراطية

وفي مجال الحوكمة، توقف الخبراء عند ضرورة الحد من البيروقراطية الإدارية في شتى المجالات وتعزيز تسيير الاقتصاد من خلال تشجيع اللامركزية لصالح الإدارة المحلية التي يتوجب إعطائها هوامش مناورة واسع في مجال تسهيل إنشاء المؤسسات وبروز اقتصاد محلي ناجع ورفع مستوى الأداء الجبائي والمالي، كما يقترح الخبراء إعادة النظر في الهندسة الحالية للميزانية في اتجاه وضع ميزانية بالأهداف وبحسب المشاريع والبرامج، بالإضافة إلى ضرورة إشراك المؤسسات والهيئات الدولية ذات التخصص ومنها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي للاستفادة من الخبرات المتاحة لكل من المؤسستين.

 

تمويل جزأ من عجز الموازنة عبر السوق المالية

ولسد العجز في الموازنة يقترح الخبراء تقسيم ذلك إلى جزأين حيث يتم تمويل عجز ميزانية التجهيز عن طريق السوق المالية من خلال اصدر قروض مستندية، أما ميزانية التسيير فيقترح أن يتم تغطية العجز فيها عن طريق إصدار سندات تضامن داخلية.

ووقف الخبراء عند قاعدة 51/49% الخاصة بالاستثمارات مقترحين قاعدة مرنة بالنسبة لأهمية الاستثمار للاقتصاد الوطني، فضلا عن ضرورة دعم الشراكة الخاصة العمومية، فضلا عن إشراك البنوك والخواص ومؤسسات التمويل الدولية لحشد تمويلات للبنية التحتية تصل إلى 10 مرات الموجودات المتاحة في صندوق ضبط الموارد، أو ما يعادل 250 مليار دولار.

وفي مجال تقييم آليات مساعدة الشباب على خلق المؤسسات دعا الخبراء إلى الإسراع بإجراء مسح وتقييم دقيق ومعمق للهياكل الحالية سواء آلية الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب أو الصندوق الوطني للتأمين على البطالة وتحويلها إلى مشاريع متكاملة موجهة نحو خلق مؤسسات في الفروع الخلاقة لمناصب شغل مستدامة.

 

تطوير دراسة الرياضيات ودراسات مهندس

كما أوصى الخبراء بضرورة إسراع الدولة في تعزيز دراسة الرياضيات وتطوير تكوين المهندسين نوعيا وكميا من أجل مجابهة متطلبات الاقتصاد المستقبلي القائم على المعرفة باعتبار زمن الصناعات الثقيلة يتجه نحو الأفول لصالح الروبوتيك والذكاء الاصطناعي والنانوتكنولوجي.

وفي المجال الطاقوي أيضا يقترح الخبراء تعزيز بروز اقتصاد وطني في مجال الطاقات المتجددة وتحويل الجزاٍئر إلى قاعدة إمداد دولية بالنسبة للموقع الجغرافي للبلاد في المجال الطاقات المتجددة، حيث يمكن جدب الكثير من الصناعات في المجال كما يمكن أن تصبح البلاد منطقة تصنيع وتصدير نحو إفريقيا وأوروبا واسيا في المجال من خلال تمنراست نحو القارة الإفريقية والمتوسط وقناة السويس نحو أوروبا واسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى