اقتصاد وأعمالالجزائرالرئيسية
أخر الأخبار

مصنع الحجار: القصة الكاملة لعملية النصب والاحتيال على الجزائر

عبد الوهاب بوكروح 

أعلن وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، الاثنين 14 ديسمبر، من بومرداس بأن الدولة رصدت غلافا ماليا يقدر بـ2 مليار دولار لدعم مصنع الحديد والصلب بالحجار (عنابة) والمؤسسة الوطنية لصناعة السيارات الصناعية بالرويبة (الجزائر).

وأضاف الوزير بأن مصنع الحديد والصلب كان يشتغل منذ نحو سنتين بأقل من 10% من طاقته الإنتاجية وعليه قررت الدولة الاستثمار وإعادة تأميم الحجار.

وقال بوشوارب  إن الدولة ستضخ 1 مليار دولار مجددا لتأهيل المصنع ، وتشمل أعمال التحديث تجديد وعصرنة الفرن العالي الذي سيدخل الخدمة شهر مارس القادم.

وتوقف لاكشمي ميتال مالك ارسلور ميتال عنابة عن ضخ استثمارات جديدة في المركب منذ 2001 تاريخ شراء حصة مسيطرة قدرت بـ70% من أسهم المصنع بشروط جد مهينة للحكومة الجزائرية على غرار التزام الطرف الجزائري بمنع شركة “سيدار” العمومية التي تملك 30 % من أسهم “ارسيلور ميتال- عنابة” من إقامة استثمارات في قطاع الحديد والصلب لمدة لا تقل عن 10 سنوات. وهو ما حدث بالفعل حيث امتنعت الحكومة عن الاستثمار في قطاع الصلب إلى غاية 2013 تاريخ بداية الاتصالات مع حكومة قطر لانجاز مركب جديد للحديد والصلب ببلارة ولاية جيجل.

وشكلت الشروط التي أملتها ارسلور ميتال على الجزائر، ضربة موجعة لصناعة الحديد والصلب الوطنية وللحكومة التي اضطرت للتوجه إلى الأسواق العالمية لاستيراد الحديد بشتى أنواعه لمواجهة انفجار الطلب الداخلي الناجم عن إطلاق مشاريع البنية التحتية ومخطط انجاز 2.5 مليون وحدة سكنية.

وسقطت الحكومة مرة أخرى في شر أعمالها، فخيار الخوصصة لم يسمح برفع الإنتاج كما كان متوقعا إلى 2.5 مليون طن سنويا، بل على العكس نزل الإنتاج من 1.2 مليون طن سنة 2001 إلى 200 ألف طن عام 2014، في حين بلغ إنتاج المركب خلال ثمانيات القرن الماضي 1.5 مليون طن سنويا.

ولم يكتف الشريك الهندي بمنع الحكومة من الاستثمار في القطاع، بل تسبب في وقف جميع مصانع الإنتاج التابعة للقطاع الخاص التي كانت موجودة بولايات عنابة والمسيلة والطارف عن الإنتاج، كنتيجة مباشرة لامتناع المجمع الهندي “ارسيلور ميتال- عنابة” عن تزويدها بالمادة الأولية، حيث كانت تلك الوحدات تتزوّد بحاجاتها من مركب الحجار قبل بيع 70 % من أصوله لمجموعة “ارسيلور ميتال”.

وفوت ارسلور ميتال فرصة 10 سنوات من انتظار الحل السحري، قبل أن يرمي المنشفة ويفر هاربا تاركا خلفه المركب ” خردة ” لن تعود إليها الحياة قبل ضخ 1 مليار دولار على الأقل رغم الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد.

ويكون الشريك الهندي عملاق الصلب العالمي قد رد جميل الحكومة الجزائرية التي منحته امتيازات لن يحصل عليها حتى في الجنة ومنها الغاز الطبيعي بسعر السوق الداخلية والكهرباء واليد العاملة المؤهلة وخامات الحديد من مناجم الونزة وبوخضرة.

وخلف لاكشمي ميتال الذي قرر الانسحاب من الجزائر بلدا يستورد 90% من احتياجاته السنوية من حديد الخرسانة من دول مثل أوكرانيا وتركيا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا.

القضاء على صناعة إستراتيجية

تمكن لاكشمي ميتال من التسلل الخبيث إلى الجزائر في ظرف حساس جدا وقام بالقضاء على بعض النشاطات الإستراتجية التي يقوم بها مركب الحجار الذي يعتبر أحدث مصنع للحديد والصلب من بين 60 مصنعا في العالم، حيث تأسس في 1969 وينتج الحجار كل أنواع الحديد ومنها “الحديد المخصوص”.

حملة الأيادي النظيفة

لم يلتزم لاكشمي ميتال بتنفيذ أي من البنود التي تضمنها العقد ومنها رفع وتيرة الإنتاج وتجديد وسائل الإنتاج وإقامة استثمارات جديدة.

وبالنتيجة لم تنجح أكبر مجموعة للصلب في العالم من تحقيق نتائج أفضل مما حققته الإطارات الجزائرية في مركب الحجار، الذين تعرضوا إلى حملة أياد نظيفة زجت بالعشرات منهم في السجن نهاية التسعينات بحجة سوء التسيير ومنهم من توفي بالسجن ومنهم من يتألم على ما آل إليه مركب الحجار الذي ظل “مفخرة الجزائر” من 1969 إلى 1995.

بند خبيث  

وضع في العام 2001 بند خبيث ينص على السماح للحكومة الجزائرية باستعادة المركب في حال فشل الشريك الأجنبي عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية المتمثلة في رفع الإنتاج إلى 2.5 مليون طن سنويا من مختلف أنواع الحديد.

وبلغ إنتاج المركب 1.5 مليون طن سنة 1987 وهو أعلى مستوى إنتاج في تاريخ المركب، في حين تراجع الإنتاج سنة 2011 إلى 540 ألف طن على الرغم من الفرص الهائلة التي توفرها السوق الجزائرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى