أراء وتحاليلاقتصاد وأعمال

هل أسعار النفط الحالية تساعد على رفع معدلات الاسترجاع؟

د. بغداد مندوش*

أوصى العديد من الخبراء الجزائريين خلال الأسابيع الأخيرة، بضرورة العمل على رفع معدلات استرجاع المحروقات من طرف مجموعة النفط الوطنية سوناطراك، وخاصة في كل من حاسي مسعود وحاسي الرمل.

بطبيعة الحال، مخطط تنمية سوناطراك 2015-2019 تضمن هذه التوصيات وجعل منها محورا أساسيا لا سيما بالنسبة لحقل حاسي مسعود أين يسمح رفع معدل الاسترجاع بـ01% بإنتاج 5000 برميل إضافي من النفط في اليوم، و هوما يسمح بإعطاء صورة مقربة للمواطنين والرأي العام حول ما تمثله علمية رفع معدلات الاسترجاع في الحقول التي توجد في حيز الخدمة منذ سنوات طويلة وربما منذ عقود طويلة.

بمجرد دخول حقل جديد الخدمة، ويتم الشروع في الإنتاج، فإن النفط والغاز المستخرج يصعد إلى الأعلى بمجرد تطبيق ضغط بسيط على الحقل، وهو ما يسمى في الأوساط النفطية بالاسترجاع الأولى. بعد مرحلة معينة من الاستغلال يشرع الضغط في أبار النفط والغاز في الانخفاض، ويتم الانتقال إلى الاسترجاع الثانوي عن طريق ضخ كميات من الماء أو الغاز، ثم الاسترجاع الثالثي من خلال ضخ بخار الماء والغاز المضغوط وبعض المواد الكمياوية للتكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، وصولا إلى مرحلة أخيرة وهي الاسترجاع الرابع، أو المرحلة الأخيرة من الاسترجاع، التي يستعمل فيها المهندسين المختصين في المكامن، نماذج رياضية وتقنيات محددة تتناسب مع كل حقل، من أجل الاستغلال الأمثل.

كل المراحل الأربعة السالفة الذكر، تستعمل الطاقة ومحطات ضغط الغاز وتكنولوجيات متطورة، ومنها التكنولوجيا الأحدث التي تسمى بالبلازما، المستعملة بقوة في الولايات المتحدة الأمريكية.

الكميات المسترجعة في المراحل الأولى والثانوية، يمكن أن تصل إلى 40% من احتياطي الحقل الإجمالية، ويمكن في المرحلة الثالثة والرابعة، رفع معدل الاسترجاع إلى 60 أو 70%.

يقدر متوسط معدل الاسترجاع في العالم حاليا بـ35%، باستعمال كل التقنيات والتكنولوجيات المعروفة في العالم حتى اليوم، غير أن تقنيات استرجاع أحجام أضافية من النفط والغاز، هي من اختصاص شركات خدمات بترولية تحوز براءات اختراع وحقوق استعمال حصرية للتقنيات التي تحوزها، وبطبيعة الحال يتم فوترة حقوق استخدامها في كل مرة وبالتالي تصبح عملية رفع معدلات الاسترجاع هي تكلفة إضافية وعملية مكلفة تتراوح حاليا في العالم بين 15 و60 دولار.

إن برميل النفط الذي يتم إنتاجه من خلال هذه التقنيات مكلف جدا، وبالتالي لا يمكن اللجوء لذلك من قبل الشرطات البترولية، إلا إذا كانت أسعار النفط أعلى من 60 دولارا. ولكننا ومع الأسف لسنا في هذه الوضعية. أما بالنسبة لمجموعة النفط الوطنية سوناطراك، فإن اللجوء لأحدث تكنولوجيات الاسترجاع بالنسبة لحقول حاسي مسعود وحاسي رمل، يتطلب حسابات دقيقة لتكاليف الإنتاج لكل برميل إضافي من النفط أو لكل م3 من الغاز الطبيعي، لأن رفع معدل الاسترجاع لأي حقل بالخسارة، يصبح علمية لا معنى لها بطبيعة الحال.

 

* خبير نفطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى