الجزائرالرئيسيةسلايدر

هل أطلق حداد رصاصة الرحمة على نفسه؟

وليد أشرف

قدم علي حداد في الرد الذي نشره عبر الصحافة الوطنية السبت 5 أغسطس، الأدلة الدامغة للرأي العام الوطني والدولي، على أنه يخلط فعلا بين المال والسياسة، عندما يقول أنه تعرض للهجوم بسبب دعمه لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وأنه يعمل على تنفيذ برنامج الرئيس.

لقد ألقى علي حداد بنفسه في هوة سحيقة وهو يقول هذا الكلام، لأنه كرئيس مؤسسة غير مطالب أصلا أن يساند رئيس الجمهورية، وإن فعل فهذا قرار شخصي لا يهم الجزائريين في شيء سوى إذا كان حداد ومن على شاكلته يريدون تخويف الشعب بأنهم أصدقاء للرئيس أو محيط الرئيس. وماذا يستفيد الشعب الجزائري والاقتصاد الوطني من رجال أعمال أصدقاء لرئيس الجمهورية أو شقيق رئيس الجمهورية وهم لا ينفذون الصفقات العمومية التي حصلوا عليها بمليارات الدولارات، وبعضها يعود للمخطط الخماسي الذي أعلنه الرئيس بعد فوزه بالعهدة الثالثة؟

لو كان علي حداد فعلا زعيما للباترونا، وكان فعلا كما يزعم أن عملية انتخابه تمت بشفافية، لكان قدم استقالته وطلب العفو من الشعب الجزائري، بعد أن أصبحت مائدة الجزائري تتكون من 90 % من المواد المستوردة من الخارج والجزائر أكبر دولة في القارة الإفريقية.

إن الباترونا التي تهرب شركاتها من الجزائر إلى الصين، أو التي تعيش على الفرنشايز وتمثيل العلامات الأجنبية وبيع المشروبات المستوردة والبطاطس المقرمش وسراويل الجينز ووكلاء السيارات، لا تستحي أن تواجه الجزائريين عندما يجف إحتياطي الصرف كما جف صندوق ضبط الموارد بداية العام الجاري.

ولو أن علي حداد فعلا يساند ويدعم ويحترم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لما تحدث عن مشاريع بنية تحتية في منطقة أو منطقتين على الأكثر، ولما كشف سرا ظل مخفي عن الجزائريين بأنه رجل أعمال صنعته الصفقات العمومية في منطقة القبائل ومنطقة غرب البلاد.. وهذه وحدها تكفي لأن يصمت حداد إلى الأبد، لأن السؤال الذي يطرح  فعلا هو ألا يوجد رجال أعمال ومؤسسات أضخم وبمؤهلات أحسن من تلك التي تتوفر لدى حداد في وسط وغرب البلاد حتى يبتلع حداد لوحده أو بالمناولة مع أجانب مشاريع وسط وغرب البلاد؟

وفضلا عن المشاريع التي تهاطلت على حداد في مناطق وسط وغرب البلاد على الرغم من علمه وعلم الذين منحوها له أنه لا يتوفر على قدرات كافية لانجازها في الوقت المحدد، تحول علي حداد إلى مضارب في مواد البناء وعلى رأسها الاسمنت والحديد، بفضل رخص الاستيراد التي منحها له صديقه عبد المالك سلال ومدير ديوانه رحيال الموظف السابق لدى مجمع حداد.

عيب وعار أن يتحول رئيس مجمع ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات في أكبر دولة في القارة الإفريقية إلى مجرد تاجر أسمنت وحديد ثم يأتي لإيهام الجزائريين انه يعمل على تنويع الاقتصاد والمشاركة في تطبيق برنامج الرئيس.. هل تنويع الاقتصاد وخلق الثروة المحلية وخلق مناصب الشغل للجزائريين بالمضاربة في حديد البناء والاسمنت.

منذ 2010 إلى اليوم لم يتجاوز معدل النمو 3.5% سنويا في الجزائر على الرغم من أن متوسط الاستثمار العمومي سنويا ومن خلال الموازنة السنوية لا يقل عن 30 مليار دولار. في حين حققت دولا مثل إثيوبيا معدلات نمو برقمين وبإمكانات اقل من إمكانات الدولة الجزائرية. هل لا يستحي رئيس منتدى المؤسسات الجزائريين عندما يلتقي نظرائه من دول أخرى؟ لقد زار حداد فرنسا وكندا وايرلندا والولايات المتحدة.. ماذا كان يقول لهم؟ هل كان يقول لهم إن المشاريع التي حصلت عليها في بلادي لا تنجز لمدة 8 سنوات؟ وهل كان يقول لهم بأن 100% من استثماراتي هي عبارة عن مشاريع عمومية تمولها الخزينة الجزائرية؟ هل كان يعلم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أن الطلب العمومي لا يصنع النجاح ولا يصنع رجل أعمال ناجح ولا يمكن أن يعتد به كرجل أعمال ناجح لأنه صنعته إرادة ما وعندما تزول أو تنطفئ تلك الإرادة سيعود إلى تحت الأرض كما بدأ. وحتى المشاريع التي قد تعتبر مشاريع استثمارية على غرار الفنادق التي اشتراها في الخارج يمكن أن يكون تحت طائلة القانون بشأنها لأنه مولها من أموال هربها من داخل الجزائر، وقانون النقد والقرض واضح وضوح الشمس في هذا الموضوع.

سؤال بسيط وبريء يوجه لعلي حداد بشأن الشفافية التي يدعيها في تصحيل الصفقات العمومية من وزارات الموارد المائية التي كان يشرف عليها عبد المالك سلال، ومن وزارة الأشغال العمومية والنقل، هل فعلا يملك حداد وشركاته وسائل انجاز أفضل وأحسن وأجود من تلك المتوفرة لدى شركة “كوسيدار” وهل يملك وشركاته الخبرة والخبراء والمناجمنت والقدرات المالية المتوفرة لشركة “كوسيدار”؟ وإذا كان كذلك فلماذا لا يسلم حداد المشاريع التي يخطفها من فم عمال “كوسيدار” في الوقت المحدد، وهل فعلا كانت الدولة عاجزة عن مراقبته أم أن الإدارة كانت متواطئة معه بالطرق التي يعرفها أهل الاختصاص وهي توقيف المشروع كلما أراد علي حداد، بما يسمح له مرة في تضخيم الفواتير عبر إعادة التقييم وتارة أخرى، لتقديم نفس العتاد لضمان للحصول على مشروع أخر؟

لا يمكن لعلي حداد أو غيره من أشباه رجال أعمال الذين كذبوا على رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عندما قدموا أنفسهم على أساس إنهم رجال أعمال ورؤساء شركات انجاز وأـنهم قادرون على انجاز المخططات الخماسية التي وعد بها الشعب عندما تقدم للعهدة الثانية والثالثة، قبل أن يكتشف الجميع فضائح فضائع نوعية انجاز بعض ما أنجز من مشاريع التي هيب في حاجة لإصلاح في اليوم الأول من تسليمها لأنها تقتل المواطنين أكثر من أن تمكنهم من استخدامها كما يستخدم المواطن في المغرب أو تونس الهياكل التي تنجزها شركات بلاده، ومن يريد البيان فل يذهب إلى المقطع الذي منح لشركة حداد بين الاخضرية ومحطة عمر بالبويرة.

لقد حاول علي حداد استغلال لقاء شقيق رئيس الجمهورية في مقبرة العالية خلال جنازة المرحوم رصا مالك، قبل أن ينقلب السحر على الساحر، عندما اكتشف الشعب الجزائري أن رئيس منتدى رؤساء المؤسسات لا يحترم القيم المؤسسة للمجتمع الجزائري ولا يحترم الموتى أيضا بمن فيهم الآباء المؤسسون للدولة الجزائرية الذين ينام اغلبهم في العالية، وهذه الفضيحة لا يمكن أن يقبلها الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة الذي يدعي علي حداد أنه دعمه ويدعمه ويعمل على تنفيذ برنامجه الاقتصادي.

لم يعرف حداد كيفية الخروج من المستنقع الذي وضع فيه نفسه وشركته، فأخذ يضرب خبط عشواء الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية الذي يدعي أنه يدعمه وسانده في العهدة الرابعة، وأصرّ أنه يستطيع أن يوهم الجميع بأنه على حق وأنه لم يتسبب في تعطيل مشاريع برنامج الرئيس بوتفليقة، فضلا عن تفويته فرصة التنمية وقت البحبوحة على الجزائريين.

إن الصورة التي ظهر بها علي حداد في المقبرة والطريقة التي حرر بها رده عبر الصحافة الوطنية، ينطبق عليها المثل العربي “كاد المريب أن يقول خذوني” وهذه النوعية لا يمكنها أن تدعم الرئيس أو تمكنه من الوفاء بالعهود التي قطعها مع الشعب بخصوص بناء اقتصاد متنوع لأنهم مجرد مصاصي دماء يعيشون على الخزينة العمومية، ويوم يجف النبع سيقفزون من الباخرة، أما تنويع الاقتصاد وخلق بدائل للمحروقات فهي آخر اهتماماتهم لأن مستقبلهم وراء البحر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى