هل يتدخل الرئيس بوتفليقة لوقف قرارات سلال المدمرة للاقتصاد؟
وليد أشرف
تراجعت حكومة عبد المالك سلال أمام ضغوط المافيا لمنع تطبيق قرارات أتخذتها منذ بداية العام الجاري بخصوص منع استنزاف احتياطات البلاد من العملة الصعبة والحد من عجز الميزان التجاري.
وأعتبر قرار إدراج رخص الاستيراد بهدف ضبط السوق وحماية المستهلكين في السلع المغشوشة، بمثابة بادرة أمل للاقتصاد الوطني وحماية احتياطي الصرف من العملة الصعبة، قبل أن يستفيق الراي العام الوطني على صدور القرار المفاجئ الخميس الفارط من الوزير الأول عبد المالك سلال، والذي نص على العودة إلى الوضع السابق والسماح مجدد بالاستيراد الحر والعشوائي لكل المواد بما فيها المواد التي تباع على حالتها.
ويطرح قرار تراجع الحكومة، جملة من الاستفهامات على كل من الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير التجارة بالنيابة عبد المجيد تبون الذي تحدث عن الحد من فاتورة الواردات عن طريق ضبط التجارة الخارجية وتطهير القائمة الوطنية للمتعاملين في مجال التجارة الخارجية، كما يفتح باب الاستفهام عن مدى سيطرة المافيا المالية على مفاصل الادارة الاقتصادية للدولة؟
وبلع عدد المستوردين 32000 مستورد يسيطرون على واردات سنوية إجمالية ناهزت 20 مليار دولار خارج واردات قطاع التجهيز العمومي.
وكان الوزير الأول عبد المالك سلال، أعلن في كلمته الافتتاحية لأشغال الثلاثية التي انطلقت الاثنين 6 مارس بعنابة، أن احتياطات الصرف ستنزل إلى 96 مليار دولار في جويلية القادم، مقابل 112 مليار دولار حاليا.
وتحدثت مصادر جيدة الاطلاع عن ضغوط هائلة من مافيا الاستيراد على شخصيات نافدة في الادارة لإلغاء القرار الذي اتخدته الحكومة، وهو ما عكسه صدور قرار إلغاء إدراج نظام الرخحص في ساعة متأخرة من مساء الخميس بطريقة مستعجلة جدا وفي ظروف مشبوهة للغاية.
وفي حال لم يسارع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل، فإن الجزائر ستعرف خلال الاسابيع القادمة أكبر عملية تهريب للعملة الصعبة منذ استقلالها من طرف مافيا الاستيراد، وستسجل نهاية العام الجاري أكبر عجز في ميزانها التجاري على الاطلاق، مما سيعمق من متاعبها مع الازمة المالية الناجمة عن تراجع اسعار النفط.
سلال يدخل في حملة انتخابية لرئاسيات 2019؟
وقال متابعون إن قرار سلال الصادر الخميس 23 مارس، يخفي خلفيات سياسية خطيرة ليس أقلها دخول الوزير الأول في حملة انتخابية مسبقة لرئاسيات 2019 لصالحه.
وتضيف مصادر من محيط الوزير الأول عبد المالك سلال، أنه يرفض اتخاذ أي قرار قد يقلل من شعبيته في الاستحقاق القادم الذي ينوي الترشح لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أصبح اليوم أكثر من اي وقت مضى مطالب بالتدخل لوقف النتائج المدمرة لقرارات التي اتخذها الوزير الأول الخميس 23 مارس والتي تفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب لنهب احتياطات العملة الصعبة.
وتوقعت مصادر في القطاع المصرفي أن يصدر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قرارات هامة في الساعات أو الأيام القليلة القادمة لوضع حد لهذه التجاوزات التي تنم على نوايا غاية في الخطورة على الأمن الوطني، والتي تفتح الطريق أمام العودة السريعة إلى رحمة صندوق النقد الدولي.
من يصدق أغنية تنويع الاقتصاد وحماية الإنتاج الوطني؟
يعتبر تراجع الحكومة بمثابة إعلان حرب على الإنتاج الوطني والشركات الإنتاجية الوطنية التي تقاوم منذ سنوات عصابات الاستيراد وتفضح الخطاب المزدوج للحكومة التي تدعي حماية الاقتصاد الوطني والمنتجين الجزائريين وتصريحاتها الاستعراضية بتنويع الاقتصاد الوطني وإنهاء هيمنة النفط.
ومن حق رؤساء المؤسسات الجزائرية الجادة عدم تصديق تصريحات الوزير الأول خلال الثلاثيات الأخيرة عندما يتحدث عن دعم وحماية الإنتاج الوطني وتنويع الاقتصاد، مع وجود القرار الصادر الخميس 23 مارس.
يشار إلى أن تقرير سويدي حول التجارة الخارجية للجزائر، كان كشف في وقت سابق من العام 2014، أن هامش تضخيم الفواتير في عمليات التجارة الخارجية في الجزائر ناهز 25% سنويا ما يعني أن ربع فاتورة الواردات السنوية للجزائر تذهب إلى شبكات مافيا دولية محكمة التنظيم بتواطؤ من شركات استيراد جزائرية.
ومنذ العام 2006 بلغ متوسط الواردات السنوية 40 مليار دولار، وفي العام 2015 بلغت الواردات من السلع 65 مليار دولار و11 مليار دولار خدمات وهو أعلى مستوى ورادات منذ استقلال البلاد في دولة لا تصدر أزيد من 250 مليون دولار سنويا خارج قطاع المحروقات.
وكشفت المديرية العام للجمارك أن عدد السلع والمنتجات التي تستوردها الجزائر تجاوزت 60000 بند جمركي مما يؤكد القضاء النهائي على الإنتاج الوطني ويبين حجم جرائم تهريب العملية المقدرة بـ10 مليار دولار سنويا على أقل تقدير.
وفي العام 2016 فجر وزير التجارة السابق المرحوم بختي بلعايب فضيحة من العيار الثقيل عندما قال إن إجمالي ما يتم تهريبه سنويا بلغ 20 مليار دولار سنويا وهي التصريحات التي حاولت أكثر من جهة نفيها إلا أنها لم تتمكن.
وبعد التصريحات التي أطلقها، تعرض بختي بلعايب إلى تهديدات مست شخصه من مافيا الحاويات في ظل صمت غريب من الحكومة التي لم تعبر عن تضامنها مع الوزير الذي وجد نفسه وحيدا في مواجهة مافيا الاستيراد التي أحكمت سيطرتها على التجارة الخارجية.
الجزائر تستورد 15 مليار دولار سنويا من مواد خردة
لا تتعدى فاتورة المواد الأساسية الضرورية لتدوير العجلة الاقتصادية وقطاع التجهيزات العمومية والأدوية والمواد الغذائية الأساسية 35 مليار دولار وهو ما يعادل 60% من إجمالي الواردات الحقيقية.
وقال وزير التجارة عبد المجيد تبون الخميس 23 مارس، في تصريحات للإذاعة الوطنية إن 15 مليار دولار سنويا يمكن اقتصادها، أي ما يعادل 30% من فاتورة الواردات خلال 2016.
وتخسر الجزائر من 25 إلى 30% من فاتورة وارداتها في عمليات تضخيم الفواتير التي تستعمل على نطاق واسع لتهريب العملية التي يعاد تدويرها في أسواق العملة الصعبة الموازية وإعادة بيع الأورو مقابل 190 دج لتحقيق أرباح جد خيالية بعد الحصول على العملة بسعر البنوك (120-126 دج للأورو)، أو إقامة استثمارات في الخارج وشراء عقارات.
السوق الجزائرية حولت إلى أكبر مزبلة في شمال إفريقيا
فوضى التجارة الخارجية وضعف الحكامة الاقتصادية والفساد الادراي والمالي حول الجزائر في السنوات الأخيرة إلى أكبر مزبلة في شمال إفريقيا للمنتجات المقلدة والمنتجات المغشوشة والمنتجات غير المطابقة بما فيها الأدوية المنتهية الصلاحية فضلا عن المواد الغذائية المنتهية الصلاحية والمنتجات مجهولة المنشأ والسلع المقلدة، ومع كل هذا قامت الدنيا ولم تقعد وأعلنت الحرب رسميا ضد وزير التجارة عبد المجيد تبون لمجرد إعلانه أن الحكومة ترغيب في تطهير قطاع التجارة الخارجية والحد من نزيف العملة الصعبة ووقف النهب الصريح والمكشوف لاحتياطات الصرف في وضح النهار من قبل شبكات محكمة التنظيم متخصصة في استيراد المواد المغشوشة منذ سنوات مستغلة غياب مخابر وطنية ونظام قياسة ومعايير وطني لتحليل المواد التي تدخل إلى الجزائر.
وكشف وزير تجارة سابق في تصريح لـ”الجزائر اليوم”، أن 90% من المواد التي تدخل إلى الجزائر لا تخضع إلى أي تحليل بسبب غياب مخابر تحليل وطنية، مضيفا أن التأخر في إنجاز مخبر وطني لتحليل مطابقة المنتجات للمعايير الدولية يخدم شبكات مافيا الاستيراد التي تقوم سنويا باستيراد حوالي 800 مليون دولار من المنتجات شبه الصيدلانية ومواد التزيين غير المطابقة فضلا عن 600 مليون دولار من الهواتف بدون ضمان خدمة ما بعد البيع، بالإضافة إلى أنها مجرد تجهيزات لاستنزاف العملة الصعبة بعدما تبين أن أجهزة الهاتف النقال والطابليت التي تستورد إلى الجزائر يتم تضخيم فواتيرها.