اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

3  مليار دولار..ملف تبون الذي أشعل جنون أرباب المال

عبد اللطيف بلقايم

كشف مصدر مطلع “للجزائر اليوم” أن الحرب التي يشنها أرباب المال بالوكالة من خلال علي حداد ضد الوزير الأول عبد المجيد تبون، هو توقيف الأخير لتوزريع ما قيمته 3 مليار دولار كانت قد رصدتها حكومة سلال من الخزينة العمومية لدعم رجال المال والأعمال ضمن مخطط إنشاء المناطق الصناعية “خلافا لتوجيهات بوتفليقة المتضمنة تفعيل وليس خلق المناطق الصناعية كما فعلت حكومات سلال”، فلم يجد هؤلاء سوى الاستنجاد بالسعيد، شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للضغط على الوزير الأول الجديد.

لم يهضم الجزائريون كيف صرح عبد المالك سلال قبل أشهر من مغادرته الحكومة وقف مشاريع السكن بينما كانت حكومته قد التزمت بتنفيذ برنامج الرئيس، وبرغم أن الصدمة التي أوقعها سلال في نفوس الجزائريين كانت كبيرة بسبب تصريحاته، إلا أن الرجل كان يعي جيدا ماذا كان يفعل وماذا كان يقول.

 

أويحي تكفل بالمطاحن ومصانع الآجر وسلال بالمناطق الصناعية

يتذكر الجزائريون كيف شنّ الوزير الأول السابق عبد المالك سلال حملة من خلال زياراته عبر الولايات لتحضير الرأي العام بأن الجزائر مقبلة على عهد الصناعة لإجراء المقاطعة مع عهد الريع البترولي، لكن ذلك لم يكن سوى مبررا لتحويل 3 مليارات دولار من الخزينة العمومية لفائدة أرباب المال والأعمال وليس صغار الصناعيين من أجل إنشاء مناطق صناعية، بينما الجزائر كانت تعد قبل قرار سلال أكثر من 39 منطقة صناعية ومنطقة نشاط. ألا يبدو الأمر غريبا؟

طبعا غريب، لأن الوزير الأول عبد المالك سلال خالف صراحة رئيسه في قصر المرادية، عندما أمر باستغلال المناطق الصناعية الموجودة في وضع بور وإهمال وليس إنشاء أخرى جديدة وتوزيع الاموال على المستفيدين منها بمبرر، أن الجزائر وقّعت عهدا مع الصناعة. وتقول مصادرنا الخاصة في هذا الشأن أن أرصدة رجال أعمال كبار منهم رجالات الأفسيو يتقدمهم علي حداد وصحراوي ومجقان ولحلو، كانت جاهزة لاستقبال الأموال العمومية في إطار “مشروع سلال الصناعي”.

لم تكن هذه الخطة الوحيدة لتجفيف رصيد الجزائر المالي، بل كان أحمد أويحي من أشد المدافعين عن خصخصة مصانع الآجر والمطاحن في قلب الحملة الانتخابية لتشريعيات 2017 مما أثار دهشة المتتبعين للشأن العام خاصة وأنهم لم يعهدوا على أحمد أويحي انغماسه في حملات ذات بعد مادي لصالح رجال الأعمال، الذين سيكونون حتما أول المستفيدين في حال بيع المطاحن ومصانع الآجر.

رجال المال أساؤوا لبوتفليقة

لم يكن تعديل تبون لخطة سلال من أجل توجيه الجزائر نحو عهد صناعي، بالتعديل الكبير، ولكن برغم ذلك فإن وكلاء الفريق الحكومي “المخلوع”، شنوا حربا بلا هوادة ضد حكومة تنهل أوامرها من الرئيس نفسه الذي كانوا به يأتمرون.

لقد أقدم تبون على تعطيل توزيع 3 ملايير دولار على إنشاء مناطق صناعية جديدة، موجها إياها إلى دعم الطبقات الهشة من خلال الإبقاء على مشاريع السكن والتربية والصحة مع تقليص مناطق صناعية غير  لائقة للاستغلال وتحويلها إلى مناطق نشاط مع خلق نسيج كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لامتصاص سريع للبطالة من جهة ولقطع الطريق أمام مافيا الحاويات، لفائدة المنتوج الوطني المحلي.

ولم يكتف تبون بذلك بل أعلن عن فتح جبهة حوارية مع الجميع من أجل دعم الاقتصاد الوطني وأعلن عن ثلاثية في ولاية عانت الويلات الأمنية في عهد حكومات سلال المتعاقبة.

لقد حقق عبد المجيد تبون في غضون شهرين ما لم يحققه سلال في خمس سنوات، فقد أعلن عن شبه تأميمات لثروات الشعب الصناعية والسياحية والفلاحية، ليكون قد سحب البساط من مستعملي خطاب مكافحة الفساد ضد كل ما هو عمومي، كما ربح معركة المعارضة التي أعلن “أربابها” أمثال مقري وجيلالي سفيان ولويزة حنون والنهضة والإصلاح انخراطهم في مسعى الحوار الذي أطلقه تبون مطالبين إياه بعدم التراجع والمضي قدما في مسعاه .

هذه الحصيلة “الخطيرة” للوزير الأول بالنسبة للحكومة السابقة تقطع كل الأمل عند الكثير من أفرادها في الحفاظ على مزايا وأفضال أخاطوها بأيديهم قبل خلعهم، فما وجدوا إلا منفذا واحدا وهو سعيد، شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يكن يخفي صداقته مع رجال المال والأعمال وقربه الشديد منهم خاصة علي حداد، ليسوقوا عبر الإعلام من خلال صورة دوخت ورسمت أسوأ صورة عن الرئيس منذ مجيئه للحكم..”شقيق الرئيس في الجزائر يظهر في حالة ضحك هستيري مع أهم رجل أعمال في جنازة رجل دولة تاريخي “.. ومتى ذلك؟…مباشرة بعدما تصريح الوزير الأول القاضي بتعطيل مبدأ خلط المال والسياسة وفقا لتوجيهات رئاسية.
والنتيجة؟ صفحات جرائد تتحدث عن إضعاف الرئاسة لوزير أول اختاره الرئيس نفسه للقضاء على الفساد والفاسدين  وشقيق رئيس منقذ لرجال الأعمال دعما وانتصارا لهم على حساب وزير أول.. وحتى إن كانت هذه القراءة “خاطئة جملة وتفصيلا”، فإنها نزلت للشارع وبدأ العامة والخاصة يتحدثون بها ..فهل يكون السعيد بوتفليقة،  شقيق الرئيس قد أخطأ التقدير في صناعة تلك الصورة مع رجل الأعمال حداد؟ لقد تسببت تلك الصورة في إساءة حقيقية للسعيد من حيث ثبّتت ووثقت صلة شقيق الرئيس برجال الأعمال، وهي شبهة كان بالإمكان تجاوزها في تلك الظروف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى